قد تحب.. وقد يأتيك الحب. وقد يكون في حياتك الاثنان معا، أي تلعب دور المحب ودور المحبوب في آن. لكن هناك أحاسيس ليست حبا إنما جوهرها حب.. الرعاية، الاهتمام، الحنان، العطف، الاحتواء.. كلها أحاسيس حلوة تعبر عن الحب إنما هي ليست الحب نفسه .. وهذه الأخيرة معضلة.. يعيشها معظم البشر حين يفسرون كل ما يحيط بهم من عواطف إنسانية هو حب. فقد تجد اهتماما من حولك، لكن ذلك لا يعني الحب المقصود ما لم تسمع تصريحا علنيا بذلك.
لذلك يقع الكثيرون من الذين يعانون في صحتهم كالمعاقين إعاقة جسدية، أو المرضى أو العاجزين عن أداء أدوارهم الحركية في الحياة لتعطل بعض أعضائهم أو عضلاتهم يقعون في فخ الشك المكذب لكل إحساس يأتيهم من الغير لأنهم على الفور يفسرونه عطفا أو شفقة أو إحسانا.. حتى لو كان حباً بمعنى الحب الحقيقي إلا أنهم لا يصدقون بسهولة ولا يقتنعون بثقة، إنهم يستحقون الحب وليس الشفقة . والمنتظر أن يتفهم المحيطون بهؤلاء أحاسيس الشك وعدم الثقة، فالشفقة جزء من تكوين الحب والعطف وجه من وجوه الحب فإذا اختلطت الأمور أمام المصابين بإعاقة جسدية فذلك لأنهم يعانون وليس لأنهم لا يحبون.
وبعض أنواع الحب يهطل عليك كوابل المطر تتسابق ولا تدري إلا وقد غرقت فيها حتى أذنيك. ومشاعر الحب فعلها فعل المطر.. ينعش ويروي وتخصب له الأرض . جيث تزيد المرء حباً في الحياة حتى لو كانت هذه الحياة ليست كما يحب.. ولكنه إذا أحب أحبها على قسوتها وعلى ما فيها من منغصات . والقضية ليست أن تحب أو تكون محبوبا القضية كيف تحافظ على هذه المشاعر حتى لا تطير منك كلما فتحت لها قفص جوانحك؟ والقضية الأخرى كيف تنهل من هذا الحب كل ما تشتهيه ؟ أما القضية الثالثة وهي الأهم كيف تنجح في تجنب إيلام من تحب أو تعريضه للإصابة بجرح ؟
كيف يمكن ألا تكون جارحاً ومؤلماً وموجعا لمن تحب، خاصة أن المحبين معظمهم مثل أوراق الورد! سريعة العطب، قابلة للتمزق، رقيقة النسيج! والقضية الأخيرة تتمثل في القدرة على طمس الفوارق بين المشاعر فقد يكون ما عندك من شعور مختلفا في حجمه ونوعيته ومداه عن الآخر.. فكيف تكونان معا على طريق واحد؟ دون تهويل ولا تهوين! إن شبكة العلاقات الإنسانية لا تسمح بمرور العواطف دون التحكم بها أحيانا ودون البوح بها في أحيان أخرى . وكثيرون الذين يندمون لأنهم باحوا. وكثيرون الذين يندمون أنهم صمتوا وما عبروا عن أحاسيسهم يوم اتيحت الفرصة لهم . لكن الأهم من ذلك كله أن بالحب تحلو الحياة وليس بالقوة . وأن اللين يعطي ما لا تعطيه القسوة أحيانا وأن الإنسان يعيش ما دام حيا، لكنه لا يعرف للحياة طعماً إلا بالحب . وفي الختام إذا كانت المسافة طويلة بين الطرفين. المحبة تختصرها