أديب ومفكر وشاعر سياسي وناقد مصري.. لقّب بعميد الأدب العربي، يُعد أحد الأركان الأساسية في تكوين العقل العربي المعاصر، وصياغة الحياة الفكرية في العالم العربي وملمحاً أساسياً من ملامح الأدب العربي الحديث.. غيّر الرواية العربية فهو خالق السيرة الذاتيّة مع كتابه "الأيام" الذي نُشر عام 1929.
وُلد طه حسين في 14 نوفمبر سنة 1889، في "عزبة الكيلو" قرب مغاغة بمحافظة المنيا، بالصّعيد، وكان سابع أخوته الثلاثة عشر، وأصابه رمد ذهب ببصره وأصبح مكفوفاً منذ طفولته. حفظ القرآن في كُتّاب القرية وهو في التّاسعة من عمره.
قدم للقاهرة سنة 1902 للتعلم في الأزهر، وأنفق فيه ثماني سنين لم يظفر في نهايتها بشهادة "العالميّة.. فما إن أُنشئت الجامعة المصريّة (الأهلية) سنة 1908 حتّى انتسب إليها، ولكنّه ظلّ مقيّداً في سجلاّت الأزهر: وقضى سنتين (1908ـ 1910) يحيا حياة مشتركة، يختلف إلى دروس الأزهر مُصبحاً وإلى دروس الجامعة مُمْسِيًا. وما لبث أن وجد في الجامعة روحاً للعلم والبحث جديدة، فتلقى دروساً في الحضارة الإسلامية والحضارة المصرية القديمة ودروس الجغرافيا والتاريخ واللغات السامية والفلك والأدب والفلسفة على أيدي أساتذة مصريين وأجانب، وخلال تلك الفترة نال درجة "العالميّة" (الدكتوراه) التي نُوقشت في 15 مايو 1914، برسالة موضوعها "ذكرى أبي العلاء"، فكانت "أوّل كتاب قُدّم إلى الجامعة، وأوّل كتاب امتُحِنَ بين يدي الجمهور،
وأول كتاب نال صاحبه إجازة علميّة منها".
سافر إلى فرنسا لمواصلة التّعلّم، فانتسب إلى جامعة مونبيليه حيث قضّى سنة دراسيّة (1914ـ 1915) ذهب بعدها إلى باريس، وانتسب إلى جامعة السّوربون حيث قضى أربع سنوات (1915ـ 1919).. أُرسل ليدرس التّاريخ في السّوربون، فما لبث أن أيقن بأنّ الدرجات العلميّة لا تعني شيئا إن هي لم تقم على أساس متين من الثقافة، وليس إلى ذلك من سبيل سوى إعداد "الليسانس"، وأحرز درجة "الليسانس في التّاريخ" سنة 1917، فكان أوّل طالب مصري يظفر بهذه الشهادة من كليّة الآداب بالجامعة الفرنسيّة.. وفي ذات المدة نفسها كان يُعدّ رسالة "دكتوراه جامعة" باللّغة الفرنسيّة موضوعها : "دراسة تحليليّة نقديّة لفلسفة ابن خلدون الاجتماعيّة" (Etude analytique et critique de la philosophie sociale d'Ibn Khaldoun). ولم يكد يفرغ من امتحان الدكتوراه حتّى نشط لإعداد رسالة أخرى، فقد صحّ منه العزم على الظفر "بدبلوم الدّراسات العليا" (Diplôme d'Etudes Superieures) وهو شهادة يتهيّأ بها أصحابها للانتساب إلى دروس "التبريز في الآداب". وما هي إلاّ أن أشار عليه أُستاذه بموضوع، هو: "القضايا التي أقيمت في روما على حكّام الأقاليم الذين أهانوا جلال الشّعب الرّوماني، في عهد تباريوس، فقبله ومارسه بالصّبر على مشقّة البحث وبالمثابرة على الفهم حتّى ناقشه ونجح فيه نُجْحاً حسناً سنة 1919.
في عام 1919 عاد طه حسين إلى وطنه، فعيّنته الجامعة المصريّة مباشرة أستاذاً للتاريخ القديم (اليوناني والرّوماني)، فظلّ يُدرّسه طيلة ستّ سنوات كاملات (1919-1925). وفي سنة 1925 أصبحت الجامعة المصريّة حكوميّة، فعيّن طه حسين أستاذاً لتاريخ الأدب العربي في كليّة الآداب، وتقلد ـ منذ ذلك الوقت حتّى سنة 1952ـ في مناصب علميّة وإداريّة وسياسيّة. ففي عام 1942، أصبح مستشاراً لوزير المعارف ثم مديراً لجامعة الإسكندرية حتى أُحيل للتقاعد في 16 أكتوبر 1944، واستمر كذلك حتى 13 يناير 1950 عندما عُين لأول مرة وزيراً للمعارف. وكانت تلك آخر المهام الحكومية التي تولاها حيث أنصرف بعد ذلك وحتى وفاته عام 1973، إلى الإنتاج الفكري والنشاط في العديد من المجامع العلمية التي كان عضواً بها من داخل وخارج مصر.
أنتج طه حسين أعمالاً كثيرة منها أعمال فكرية تدعو إلى النهضة والتنوير، وأعمال أدبية منها الروايات والقصص القصيرة والشعر، ومن أعماله:
على هامش السيرة، الأيام، حديث الأربعاء، مستقبل الثقافة في مصر، الوعد الحق، في الشعر الجاهلي، المعذبون في الأرض، صوت أبى العلاء، من بعيد، دعاء الكروان، فلسفة ابن خلدون الاجتماعية، الديمقراطية في الإسلام، طه حسين والمغرب العربي.
كذلك قام بدور اجتماعي وسياسي كبير في إنهاض المجتمع المصري وتنوير العقل العربي، وارتبطت به دعوة مبكرة من أجل مجانية التعليم وهى الدعوة التي قادها تحت شعار "العلم كالماء والهواء حق لكل إنسان".
توفي في 28 أكتوبر 1973 بالقاهرة.