جاءت فرصة عقبة رضي الله عنه للجهاد عندما أسند الخليفة
عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح بعض بلاد الشام إلى عمرو بن العاص
رضي الله عنه ، فجعل عمروعقبة بن نافع رضي الله عنهما في مقدمة
الجيش وهو لم يبلغ بعد سن العشرين ، وكان عقبة رضي الله عنه عند حسن
ظن عمرو بن العاص رضي الله عنه ، فقد أظهر مقدرة بطولية على اختراق
صفوف الأعداء ، ونجح نجاحا كبيرا في أول امتحان له في الجهاد في
سبيل الله.
وكان كل يوم يمر على عقبة رضي الله عنه يزداد حبا للجهاد في سبيل
الله ، وشغفا بنشر دين الإسلام في كل بقاع الأرض ، حتى ينعم الناس
بالأمن والعدل والرخاء ، وظل عقبة بن نافع جنديا في صفوف المجاهدين
دون تميز عن بقية الجنود ، على الرغم من براعته في القتال وشجاعته
التي ليس لها حدود في مقاتلة أعدائه ، إلى أن كلفه عمرو بن العاص
رضي الله عنه ذات يوم أن يتولى قيادة مجموعة محدودة من الجنود يسير
بهم لفتح فزان شمال إفريقيا .
وانطلق عقبة رضي الله عنه إلى فزان وكله أمل ورجاء في النصرعلى
أعدائه ، وعندما وصل عقبة رضي الله عنه إليها دارت معارك عنيفة بين
البربر والمسلمين أظهر فيها عقبة رضي الله عنه شجاعة نادرة حتى فر
البربر من أمامه ورفعوا راية الاستسلام .
§§][][ فتح إفريقية ][][§§
انتقل عقبة رضي الله عنه إلى برقة في ليبيا بأمر من عمرو بن العاص
رضي الله عنه ، ليعلم المسلمين فيها أمور دينهم ، وينشر الإسلام في
هذه المنطقة ، ومكث رضي الله عنه مخلصا في نشر نور الإسلام ، فأسلم
على يديه كثير منهم ، وأحبوه حتى استطاع عقبة رضي الله عنه أن يكتسب
خبرة واسعة بكل أحوال البربر.
وظل عقبة واليا على برقة يدعو إلى الإسلام إلى أن جاءته رسالة من
الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يخبره فيها بأنه قد اختاره
لفتح إفريقية وأن جيشا كبيرا في الطريق إليه ، ووصل الجيش وكان يبلغ
عدده عشرة آلاف جندي ، وكان في انتظاره جيش آخر من البربر الذين
أسلموا فحسن إسلامهم.
انطلق عقبة رضي الله عنه بجيشه المكون من العرب والبربر يفتتح البلاد ،
ويقاتل القبائل التي ارتدت عن الإسلام دون أن يقتل شيخا كبيرا ، ولا طفلا ،
ولا امرأة ، بل كان يعاملهم معاملة طيبة ، حسب تعاليم الإسلام في الحروب ،
ثم اتجه ناحية مدينة خاوار التي كانت تقع على قمة جبل شديد الارتفاع ،
فكان من الصعب على الجيش أن يتسلقه ، فوصل عقبة رضي الله عنه إلى
أسوار المدينة ، ولكن أهلها دخلوا حصونهم فحاصرها حصارا شديدا.
وهنا تظهر عبقرية عقبة رضي الله عنه الحربية ، فحين علم أن دخول المدينة
أمر صعب ، تراجع بجيشه مبتعدا عن المدينة ، حتى ظن أهلها أن جيش
المسلمين قد انسحب ، ففتحوا أبواب مدينتهم آمنين ، ولم يكن تراجع عقبة
رضي الله عنه إلا حيلة من حيله الحربية ، فقد علم أن هناك طريقا آخر للوصول
إلى هذه المدينة فسار عقبة رضي الله عنه فيه ، ولكنه فوجئ بأن هذا
الطريق ليس فيه عشب ولا ماء ، وكاد جيش عقبة رضي الله عنه يموت عطشا ،
فاتجه إلى الله يسأله ويدعوه أن يخرجه من هذاالمأزق الخطير.
فما كاد ينتهي من دعائه حتى رأى فرسه يضرب الأرض برجليه بحثا
عن الماء من شدة العطش ، وحدث ما لم يكن في الحسبان ، فقد استجاب
الله دعاء عقبة رضي الله عنه وانفجر الماء من تحت أقدام الفرس ، وكبر
عقبة رضي الله عنه ومعه المسلمون ، ولما شرب الجيش وارتوى أمر عقبة
رضي الله عنه جنوده بأن يحفروا سبعين حفرة في هذا المكان علهم يجدون
ماء عذبا ، وتحققت قدرة الله وأخذ الماء يتفجر من كل حفرة يحفرها المسلمون ،
ولما سمع البربر المقيمون بالقرب من هذه المنطقة بقصة الماء أقبلوا من كل
جهة يشاهدون ما حدث ، واعتنق عدد كبير منهم الإسلام.
§§][][ تأسيس القيروان ][][§§
انطلق عقبة رضي الله عنه ومعه جنوده إلى مدينة خاوار ودخلوها
ليلا ، ولما عاد عقبة رضي الله عنه فكر في بناء مدينة يعسكرفيها
المسلمون ، فاختار مكانا كثيف الأشجار يسمي قمونية جيد التربة ، نقي
الهواء ليبني فيه مدينته التي أسماها فيما بعد ( القيروان ) وكان الموضع
غيضة لا يرام من السباع والأفاعي ، فدعا عليها ونادى :
( إنا نازلون فاظعنوا )
فخرجن وهربوا حتى إن الوحوش لتحمل أولادها ، فقال لأصحابه :
( انزلوا بسم الله )
وأقام عقبة رضي الله عنه عدة أيام في القيروان يعيد تنظيم الجيش
حتى أصبح على أتم الاستعداد للغزو والفتح ، ثم انطلق إلى مدينة
الزاب وهي المدينة التي يطلق عليها الآن اسم قسطنطينة بالجزائر ،
يسكنها الروم والبربر ، والتحم الجيشان ، وأظهر عقبة رضي اله عنه
في هذه المعركة شجاعة نادرة ، فكان يحصد رءوس أعدائه حصدا ،
أما الجنودالمسلمون فقد استبسلوا في القتال حتى تم لهم النصر بإذن
الله تعالى .
§§][][ بحر الظلمات ][][§§
ظل عقبة رضي الله عنه يجاهد في سبيل الله ويتنقل من غزو إلى
غزو ومن فتح إلى فتح حتى وصل إلى شاطئ المحيط الأطلنطي
( بحر الظلمات ) ، فنزل بفرسه إلى الماء ، وتطلع إلى السماء
وقال :
( يا رب .. لولا هذا المحيط لمضيت في البلاد مدافعا عن دينك ،
ومقاتلا من كفر بك وعَبد غيرك )
§§][][ الشهادة ][][§§
ظن القائد البطل عقبة بن نافع رضي الله عنه أن البربر مالوا إلى الاستسلام
وأنهم ليس لديهم استعداد للحرب مرة أخرى ، فسبقه جيشه إلى القيروان ،
وبقي هو مع ثلاثمائة مقاتل في مدينة طنجة ليتم فتح عدد من الحاميات الرومية ،
ولما علم بعض أعداء الإسلام بذلك ، وجدوا الفرصة ملائمة للهجوم عليه ،
وكان على رأس هؤلاء البربر ( الكاهنة ) ملكة جبال أوراس وفوجئ البطل
عقبة بن نافع رضي الله عنه عند بلدة تهودة بآلاف الجنود من البربر يهجمون
عليه فاندفع بفرسه متقدما جنوده يضرب الأعداء بسيفه ، متمنيا الشهادة في
سبيل الله ، حتى أحاط البربر به وبجنوده من كل جانب ، فاستشهدوا جميعا ،
واستشهد معهم عقبة بن نافع رضي الله عنه فرحمه الله رحمة واسعة ،
جزاء ما قدم للإسلام والمسلمين.
ويُعد استشهاد عقبة رضي الله عنه هزيمة عسكرية لكنه كان نصرا رائعا للإيمان ،
وتناقلت الألسن ملحمة عقبة بن نافع رضي الله عنه الفارس المؤمن الذي حمل
رسالة دينه إلى أقصى المعمورة ، وأبى إلا أن يستشهد بعد أن حمل راية دينه
فوق الثمانية آلاف كيلو متر.
هنوف
مشرفة الساحة الإسلامية
هنوف
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة هنوف
أضف هنوف إلى قائمة الأصدقاء
.
Powered by vBulletin Version : 3.6.7 + vBSEO 3.1.0
نسخة الأجهزة الكفية
بطاقات إسلامية - وسائط للجوال - بطاقات للمناسبات - فيديو - فلاش - بوربوينت - صور - مكتبة الكتب
تمنى عقبة رضي الله عنه أن يكون أحد أبطال مكة وفرسانها ،
تعلم المبارزة ، وتدرب مع الشباب المسلم على حمل السلاح ،
وازداد حبا واشتياقا للجهاد من سماعه لقصص البطولة التي قام بها
المسلمون أثناء حروبهم ضد أعداء الإسلام ، حكاها له ابن خالته
عمرو بن العاص رضي الله عنه ..