للعرب من أصالة في التراث العلمي والإنساني الذي استقى منه التراث العالمي فترة طويلة من الزمن. فإذا تجاوزنا العلوم التي أبدع فيها العرب إلى علم الكيمياء الذي يهمنا في هذا البحث، نرى أن العرب قد ابتكروا كثيراً في حقل الكيمياء معتمدين على البحث التجريبي الذي يعدون فيه رواداً نحو الحقيقة وعلى رأس هؤلاء الرواد العالم العربي المتصوف جابر بن حيان الذي تضاربت الآراء والأقوال حول وجوده وحقيقته. فكأنما الإنسانية تستكثر على نفسها أن يظهر من أبنائها واحداً يتجاوز بنبوغه حداً معقولاً. وتشكل مجموعة الكتب الكثيرة التي تحمل اسم جابر موسوعة علمية تحتوي على خلاصة ما توصل إليه الكيميائيون العرب حتى عصره، وتنم عن اطلاعه الواسع وتجاربه العلمية، وأهم هذه الكتب: نهاية الإتقان، الميزان، السموم، وكتب أخرى كثيرة، وآخرها كان كتاب الرحمة الذي وجد تحت رأسه عندما مات.
من جملة ما اهتم به جابر (واهتم به الأسبقون وكان غاية الحكماء) هو إمكانية تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب (علم الخيمياء أو علم الصنعة)، بالإضافة إلى الحصول على حجر الحكماء أو حجر الفلاسفة أو ما يدعى بالإكسير، وهذا ما سيتناوله هذا البحث الموجز.