تشكل الأخلاق إحدى المباحث الفلسفية الأساسية، وتمثل علما معياريا يحدد القيم العليا والقواعد الموجهة للفعل الإنساني ويرسم غايات هذا الفعل وتمنحه قيمة ومعنى. وهكذا تظهر الأخلاق كمنظومة من القيم والقواعد المعيارية تضع معايير الفعل وتحدد غاياته وتسعى إلى حماية الإنسان وتحريره من دوافعه الغريزية والحفاظ على وجود المجتمع الذي يعمل بدوره على ترسيخ هذه القيام في بنية الفرد وتحديد الواجبات التي ينتظر منه القيام والالتزام بها التزاما واعيا وإراديا. وبالتالي فإن أخلاقية الفرد تتأرجح بين قيمتي الإلزام والالتزام، إلزام خارجي يفرضه المجتمع والتزام داخلي ينبع من الضمير الأخلاقي.
وإذا كانت الأخلاق تحدد القيم والقواعد الموجهة فإنها كذلك ترسم الغايات القصوى والأهداف البعيدة للفعل الإنساني. ومن أهم هذه الغايات والأهداف بلوغ السعادة باعتبارها غاية كل إنسان، كما أن تمثل الفرد للسعادة حسب ظروفه النفسية والاجتماعية يفضي به إلى البحث عن وسيلة تحقيقها. غير أن القيام بالواجب والسعي نحو السعادة رهين باستقلال ذاتي للفرد يتمثل في تملك حرية الفعل والإرادة.
إن الواجب والسعادة والحرية هي مظاهر من البعد الأخلاقي بالنظر إليه كأحد الأبعاد المحددة للفعل الإنساني، وعلى اعتبار أن القيم والمثل والقواعد الأخلاقية توجه السلوكات وتنظم العلاقات وترسم الغايات، وهذا ما يجعل من الإنسان كائنا أخلاقيا.