نبذة مختصرة:
الدكتور مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ من الأشراف، ولد في شبين الكوم بمحافظة المنوفية عام 1921 وتخرج في كلية الطب عام1953 له بنت اسمها "أمل" وابن اسمه "أدهم". كان رمزا للعطاء الإنساني. في عام 1979 أنشأ مسجدا في شارع جامعة الدول العربية بالقاهرة معروف بـ "مسجد مصطفى محمود" ويتبعه خمسة مراكز طبية خيرية تهتم بعلاج الفقراء والمساكين وذوي الدخل المحدودة ولها سمعة طبية. شكل العديد مما اصطلح عليه "قوافل الرحمة" من ستة عشر طبيبًا لعلاج الفقراء، ويضم أحد مراكزه الطبية أربعة مراصد فلكية ، ومتحفا للجيولوجيا، ويشرف عليه أساتذة متخصصون .
كان الدكتور مصطفي محمود عاصفة فكرية قبل أن يمرض وتتدهو حالته وكان نموذجا للمفكر والباحث ونبراسا لتنوير العقول فى السبعينات وحتى التسعينات، حتى أنه تفوق على وزارة التربية والتعليم في جذب انتباه الطلاب والشباب لبرنامجه الغزير بالعلم المبسط لدرجة السهل الممتنع في عرض قدرات الله فى خلقه. كان الدكتور مصطفى محمود يأسرالقلوب العقول ببرنامجه "العلم والايمان" وبكتبه المستنيرة بينما الفضائيات اليوم تلهي شبابنا وتساهم في نشر الفواحش واللامبالاة وترسخ لعادات وتقاليد غريب عن مجتمعاتنا المحافظة.
كثير من أبناء مصر الأميين تعلموا من برامجه ما شكل به فكرهم وثقافتهم وفتح لهم باب العلوم والثقافة وهم أصلا غير متعلمين. أذكر وأنا في الثانوية العامة كنت أخذ راحة من المذاكرة وكنا في البيت نجلس جميعا أمام التلفزيون - عندما كان منارة ثقافية - لنشاهد أيام الاثنين حلقات برنامج "العلم والايمان" وكانت شقيقتي المهندسة سارة تندهش كيف لهذا العالم أن يتحدث ويرتجل بسهولة طوال الحلقة دون النظر إلى الكاميرا ودون أن يقرأ من ورقة؟
الدكتور مصطفى محمود هو أحد النماذج المشرفه للعطاء الانسانى رغم أن الكثير اتهموه بالالحاد في فترة ما، فعاد وكتب كتابه الشهير "حوار مع صديقي الملحد" ليرد على هموم جيل من "الشباب الحائر" الذي كاد أن يفقد جذوره وأصوله وعاداته وتقاليده ودينه ويتساءل عن وجود الله خصوصا في فترة ما بعد نكسة 1967 وجاء دكتور مصطفى محمود ليشرح له الفرق بين المؤمن والملحد ويؤكد على الرضا بالقدر ويقول للناس أن الله واحد أحد ولا معبود سواه ويبن لهم في برامجه قدرة الخالق العظيم.
كان يتطرق للكثير من أحوال الدنيا وأهمية الأخلاق والتقوى وكان يفسر لنا أن "الآخرة كما يقول القرأن الكريم - خافضة رافعة - بمعنى أن اللي تحت حيبقى فوق واللي فوق حيبقى تحت وإن يوم القيامة هو يوم الفزع الأكبر ويوم الحسرة ويوم التغابن والانسان سيحس أنه غبن نفسه ظلم نفسه. الكبير سيكتشف أنه صغير والصغير سيفاجأ بأنه كبير."
وكان يفسر الفرق بين عظمة الدنيا وعظمة الآخرة بسلاسته المعهودة: "عظمة الدنيا هي مجموعة مظاهر الشهرة والمجد والجاه والسلطة والمال وكل هذه يمكن أن يحصل عليها تاجر مخدرات أو تاجر عملة أو مليونير بالوراثة أو مطربة ديسكو مثل مادونا أو بطل كرة قدم شمام (كوكايين) مثل مارادونا أو مجرم سفاح مثل (الديكتاتور السوقيني جوزيف) ستالين. كل هؤلاء حصلوا على مظاهر عظمة الدنيا من شهرة ومجد وجاه وسلطة ومال. نادي العظماء في الدنيا مؤهلاته الشطارة والفهلوة والأيدي الخفيفة والتهليب والاستاذية في العلاقات العامة والاستاذية في الدعاية للنفس والمعلمة في الانتهازية. هذه هي عدة عظمة الدنيا."
ثم يكمل: "أما الطريق إلى عظمة الآخرة فهو سكة تانية طريقها مختلف تماما. الطريق إلى عظمة الآخرة هو الأخلاق والقيم ومعرفة مصدرهما وعبادة واهب الأخلاق والقيم وتقديره ومعرفة وقاره لذلك قال الله تعالى للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "وإنك لعلى خلق عظيم." ولم يقل له "وإن على علم عظيم أو فن عظيم."
كان هذا العالم الكبير يحث المصريين والعرب على العلم والابتكار وكان يقول "نحن مشغولون بلقمة العيش لإطعام البدن ولكننا نحتاج إلى روح لهذا البدن الذي نغذيه والروح هي العلم والابتكار والاختراع لنلحق بركب الحضارة. فالرغيف الذي نأكله سيساعدنا في عبور الشارع، أما العلم فسيساعدنا لعبور الفضاء إلى الكواكب. والهندسة الوراثية ستساعدنا في انتاج 100 ألف رغيف بدلا من رغيف واحد وتجعل الحبوب ترمي بدلا من المحصول عشرين ألف محصول." هذا هو بالضبط ما تفعله أمريكا هذه الأيام بالهندسة الوراثية ولكننا نحن الأن في مصر نستورد أكثر من سبعين في المئة من غذائنا!
نحن لسنا أبناء العصر الحالي في مصر من حيث التقدم العلمي. نحن أبناء القرن الثامن عشر علميا! ولكننا أبناء القرن الحادي والعشرين عولميا من حيث الفن والشخلعة.
أين مختبراتنا العلمية؟ لماذا نشتكي الظلم والتفرقة وعدم العدالة في توزيع مصل أنفلونزا الخنازير من الغرب؟ لماذا عجزنا عن الوصول إلى هذا المصل حتى أننا ننتظر ما يلقيه لنا الغرب من فتات؟
الدنيا تجري ونحن واقفون محلك سر:
لماذا لا نستقدم علماء لمساعدتنا مثلما فعلت أمريكا واستلفت علماء من ألمانيا لاجراء أبحاث علمية وانتاج صواريخ وقنبلة نووية وإجراء أبحاث الفضاء! السوفييت كانوا يخطفون العلماء الألمان! وعلى رأي الدكتور مصطفى محمود "إذا ماكنش في فلوس عشان نعمل مختبرات .. نستلف. ماحنا بنستلف عشان الرغيف فمن باب أولى نستلف عشان نعمل مختبرات علمية." بالعلم تحيا الأمم.
منقوووووووووووووووووول بتصرف