في ظلال السيوف
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، قال حين بلغه أن عثمان قد قتل: لا نبرح حتى نناجز القوم، فدعا رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الناس إلى البيعة. فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فكان الناس يقولون: بايعهم رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- على الموت، وكان جابر بن عبد الله يقول: إن رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-لم يبايعنا على الموت، ولكن بايعنا على أن لا نفر.
فبايع رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الناس، ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها، إلا الجد بن قيس، أخو بني سلمة، فكان جابر بن عبد الله يقول: والله لكأني أنظر إليه لاصقاً بإبط ناقته. قد ضبأ إليها، يستتر بها من الناس. ثم أتى رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل.
قال ابن هشام: وحدثني من أثق به عمن حدثه بإسناد له، عن ابن أبي مليكة عن ابن أبي عمر: أن رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بايع لعثمان، فضرب بإحدى يديه على الأخرى.
أمر الهدنة:
قال ابن إسحاق: قال الزهري: ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو، أخا بني عامر بن لؤي، إلى رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، وقالوا له: أئت محمداً فصالحه، ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا، فوالله لا تحدث العرب عنا أنه دخلاها عنة أبداً. فأتاه سهيل بن عمرو، فلما رآه رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - مقبلاً، قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل. فلما انتهى سهيل بن عمرو إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - تكلم فأطال الكلام، وتراجعا، ثم جرى بينهما الصلح.
فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب، وثب عمر بن الخطاب، فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر، أليس برسول الله ؟ قال: "بلى"، قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال."بلى"، قال: أوليسوا بالمشركين؟ قال: "بلى"، قال فعلام نعطي الدنية(1) في ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر، الزم غرزة، فإني أشهد أنه رسول الله، قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله، ثم أتى رسول الله فقال: يا رسول الله ألست برسول الله؟ قال: "بلى"، قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: "بلى"، قال: أوليسوا بالمشركين ؟ قال: ؟ "بلى"؛ قال فعلام نعطي الدينة في ديننا؟ قال: (أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره، ولن يضيعيني). صحيح مسلم،(3/1411)(1785)،كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية ! قال: فكان عمر يقول: ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق، من الذي صنعت يومئذ، مخافة كلامي الذي تكلمت به، حتى رجوت أن يكون خيراً(2).
شروط الصلح:
قال ابن إسحاق: ثم دعا رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، فقال: أكتب: (بسم الله الرحمن الرحيم)، قال: فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن أكتب، باسمك اللهم، فقال رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: (اكتب باسمك اللهم)، فكتبها، ثم قال: اكتب: (هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو)، قال: فقال سهيل: لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، قال: فقال: رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: اكتب: (هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو، اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى محمداً من قريش بغير إذن وليه رده عليهم، ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لم يردوه عليه، وإن بيننا عيبة مكفوفة، وأنه لا إسلال ولا إغلال، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه). ذكر نحواً من هذا البيهقي في سننه الكبرى،(9/222)، والحافظ ابن حجر في فتح الباري(5/343).
فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن في عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر، فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم وأنك ترجع عنا عامك هذا، فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابل، خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك، فأقمت بها ثلاثاً، معك سلاح الراكب، السيوف في القرب، لا تدخلها بغيرها(3).
أبو جندل بن سهيل:
فبينا رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو، إذا جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد، قد انفلت إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -، وقد كان أصحاب رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-خرجوا وهم لا يشكون في الفتح، لرؤيا رآها رسول الله، فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع، وما تحمل عليه رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-في نفسه دخل على الناس من ذلك أمر عظيم، حتى كادوا يهلكون، فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه، وأخذ بتلبيبه، ثم قال: يا محمد، قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال: (صدقت)، فجعل ينتره بتلبيبه، ويجره ليرده إلى قريش، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين، أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني ؟ فزاد ذلك الناس إلى ما بهم، فقال رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: (يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً، وأعطيناهم على ذلك، وأعطونا عهد الله، وإنا لا نغدر بهم)، قال: فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه، ويقول: اصبر يا أيا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب. قال: ويدني قائم السيف منه. قال: يقول عمر: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، فضنّ الرجل بأبيه، ونفذت القضية.(4) رواه أحمد(4/325)، وذكره ابن حجر في الفتح(5/345).
من شهدوا على الصلح:
فلما فرغ رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-من الكتاب أشهد على الصلح رجالاً من المسلمين ورجالاً من المشركين: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن سهيل بن عمرو، وسعد بن أبي وقاص، ومحمود بن مسلمة، ومكرز بن حفص، وهو يومئذ مشرك، وعلي بن أبي طالب وكتب، وكان هو كاتب الصحيفة(5).
الإحلال:
قال ابن إسحاق: وكان رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-مضطرباً في الحل، وكان يصلي في الحرم، فلما فرغ من الصلح قام إلى هديه فنحره، ثم جلس فحلق رأسه، وكان الذي حلقه، فيما بلغني، في ذلك اليوم خراش بن أمية بن الفضل الخرزاعي، فلما رأى الناس أن رسول الله قد نحر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: حلق رجال يوم الحديبية، وقصر آخرون. فقال رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: "يرحم الله المحلقين" قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: "يرحم الله المحلقين"، قالوا والمقصرين يا رسول الله ؟ قال: "يرحم الله المحلقين"، قالوا: والمقصرين يا رسول الله ؟ قال: "والمقصرين"، فقالوا: يا رسول الله: فلم ظاهرت الترحيم للمحلقين دون المقصرين؟ قال: "لم يشكوا" أصله في البخاري، كتاب الحج. باب الحلق والتقصير عند الإحلال رقم(1640).
وقال عبد الله بن أبي نجيح: حدثني مجاهد، عن ابن عباس: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً لأبي جهل، في رأسه برة(6).
نزول سورة الفتح:
قال الزهري في حديثه: ثم انصرف رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - من جهه ذلك قافلاً، حتى إذا كان بين مكة والمدينة، نزلت سورة الفتح: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا}.سورة الفتح الآيتان 1، 2.
ثم كانت فيه وفي أصحابه، حتى انتهى من ذكر البيعة، فقال جل ثناؤه: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}سورة الفتح الآية 10.
ثم ذكر من تخلف عنه من الأعراب، ثم قال: حين اتسفزهم للخروج معه فأبطئوا عليه: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} (11) سورة الفتح. ثم القصة عن خبرهم، حتى انتهى إلى قوله: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا} (15) سورة الفتح } ثم القصة عن خبرهم وما عرض عليهم من جهاد القوم أولي البأس الشديد.
قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: فارس. قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم، عن الزهري أنه قال: أولوا البأس الشديد: حنيفة مع الكذّاب.
ثم قال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًاوَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} (18-21) سورة الفتح.
ثم ذكر محبسه وكفه إياه عن القتال، بعد الظفر منه بهم، يعني النفر الذين أصاب منهم وكفهم عنه، ثم قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} (24) سورة الفتح.
ثم قال تعالى:{هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} (25) سورة الفتح.
قال ابن هشام: المعكوف: المحبوس، قال أعشى بني قيس بن ثعلبة:
وكأن السموط عكفه السلـ ــك بعطفي جيداء أم غزال(7)
وهذا البيت في قصيدة له.
قال ابن إسحاق: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (25) سورة الفتح والمعرة: الغرام، أي أن تصيبوا منهم معرة بغير علم فتخرجوا ديته، فأما إثم فلم يخشه عليهم.
قال ابن هشام: بلغني عن مجاهد أنه قال: نزلت هذه الآية في الوليد بن الوليد بن المغيرة، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وأبي جندل بن سهيل، وأشباههم.
قال ابن إسحاق: ثم قال تبارك وتعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (26) سورة الفتح} يعني: سهيل بن عمرو حين حمى أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم وأن محمدا رسول الله، ثم قال تعالى: {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} (26) سورة الفتح. أي التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.
ثم قال تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا} (27) سورة الفتح.
أي لرؤيا رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-التي رأى، أنه سيدخل مكة آمناً لا يخاف؛ يقول: محلقين رءوسكم، ومقصرين معه لا تخافون، فعلم من ذلك ما لم تعلموا: {فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} (27) سورة الفتح. فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً صلح الحديبية.
يقول الزُّهْريّ: فما فُتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه، إنما كان القتال حيث التقى الناس فلما كانت الهدنة ووضعت الحرب وآمن الناس، بعضهم بعضاً، والتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة، فلم يُكلَّم أحدٌ بالإسلام يعقل شيئاً إلاّ دخل فيه، ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر(
.
قال ابن هشام: والدليل على قول الزُهْريّ أنّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - خرج إلى الحديببة في ألف وأربعمائة، في قول جابر بن عبد الله، ثم خرج عام فتح مكة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف.