من العادات الصحية في حياتنا اليومية
من العادات الصحية في حياتنا اليومية
للعادات أثر كبير في حياة الإنسان، لكونها راسخة في النفس ولأنها ليست أمراً عارضاً أو نادر الحدوث، الأمر الذي يفرض على الجميع ضرورة العناية بها، والاهتمام بتعلمها واكتسابها منذ الصغر.
يمارس الإنسان بعضاً من السلوكيات أو الطباع التي يكتسبها من بيئته خلال مراحل حياته سواء كان ذلك الاكتساب بالتعليم، أو الممارسة، أو التكرار مرة بعد أخرى فتصبح هذه السلوكيات عادة له وجزءاً لا يتجزأ من تصرفاته، وثقافته، ونمط حياته، حتى إن كثيراً مما يقوم به الإنسان ويحافظ عليه، لا يخرج عن كونه مجموعة من العادات التي اعتاد على ممارستها وتكرارها مرة بعد أخرى حتى تكونت وأصبحت راسخة عنده.
وفيما يلي تناول لمفهوم العادات الصحية وأهميتها، وعرض لبعض صور العادات الصحية ومنافعها للجسم على النحو التالي:
مفهوم العادات الصحية وأهميتها:
ليس هناك تعريف محدد للعادات على وجه العموم فهناك من يعرف العادة بأنها ما استمر الناس عليه على حكم المعقول، وعادوا إليه مرة بعد أخرى، ومعنى هذا أن ما ألفه الناس من السلوكيات والطباع واستمروا على ممارسته مرة بعد أخرى يدخل في مفهوم العادة، شريطة أن يكون في حكم المعقول الذي لا يتنافى مع الحق والصواب وهذا يعني أن تلك السلوكيات أو الطباع غير المعقولة لا تدخل في مفهوم العادة.
وهناك من يعرّف العادة بأنها أمر يفعله الإنسان - بدون تفكير- مرة تلو أخرى، وهذا يشير إلى أن كثيراً من تصرفات وسلوكيات الإنسان تدخل ضمن مفهوم العادات سواء كانت صحيحة أو خاطئة، حيث إن سلوك الإنسان لا يخلو من بعض العادات التي يمارساها في كل شأن من شؤون حياته حتى أصبحت جزءاً من صفاته، وطباعه الشخصية، فهو يمارسها تلقائياً ومن غير تفكير منه، ولأن تكون العادات عند الإنسان يخضع لكثير من العوامل والمؤثرات المختلفة، منها من هو إيجابي ومفيد، ومنها ما هو سلبي وغير مفيد، لذلك حرص الإسلام في تربيته للجسم على إكساب الإنسان مجموعة من العادات الصحية، وما ذلك إلا لأهميتها ولأثرها البارز في تربية الجسم الأمر الذي يجعلها في العموم مقوماً من مقومات التربية الجسمية في الإسلام.
أما أهمية هذه العادات الصحية فتبرز في كونها مطلباً من مطالب النوم الصحيح للإنسان "فمن مطالب النمو تعلم العادات الحسنة في الغذاء والشراب، وغير ذلك من ممارسات الإنسان في حياته اليومية"، كما أن العادات الصحية تعد من الصفات السلوكية التي لا يستطيع الإنسان أن يتخلص منها بسهولة "لأنها كالطبيعة للإنسان"، ومعنى هذا أن للعادات أثراً كبيراً في حياة الإنسان، لكونها راسخة في النفس ولأنها ليست أمراً عارضاً أو نادر الحدوث، الأمر الذي يفرض على الجميع ضرورة العناية بها، والاهتمام بتعلمها واكتسابها منذ الصغر لما لها من أثر بارز في تكوين اتجاهات إيجابية، نحو ممارسة العادات الصحية السليمة القائمة على معارف ومفاهيم صحية حقيقة.
يضاف إلى أهمية العادات الصحية أنها تعد عاملاً مساعداً على اكتساب كثير من الفضائل والسلوكيات الحسنة التي تتكون عند الإنسان بحكم تربيته وتفاعله مع البيئة التي يعيش فيها، ولذلك فقد اهتمت التربية الإسلامية بتكوين العادات السلوكية الحسنة عند الفرد منذ طفولته الأولى، لما في هذه العادات من أثر طيب في اكتساب الفضائل، والبعد عن الشرور والرذائل.
وليس هذا فحسب إذ إن للعادات الصحية أهمية أخرى تتمثل في كونها نوعاً من التوعية الصحية التي تساعد من يتمسك بها، ويحرص عليها في التغلب على كثير من المشكلات الصحية، حيث إن لها أثراً مباشراً في المحافظة على صحة الجسم وسلامته، وحمايته من كثير من المخاطر التي قد يتعرض لها الإنسان فيما لو لم يلم بهذه العادات ويحافظ عليها.
بعض صور العادات الصحية ومنافعها للجسم:
تتعدد صور العادات الصحية التي لها علاقة مباشرة بصحة الإنسان وسلوكه، ونظراً لأن موضوع البحث يركز على مقومات التربية الجسمية، فسوف يقتصر العرض التالي لبعض صور العادات الصحية التي لها علاقة مباشرة بهذه المقومات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- عادة شرب كأس من الماء الفاتر عند الاستيقاظ من النوم صباحاً، إذ إن هذه الكمية الضئيلة من الماء تنبه الأمعاء بعد ركودها، وتغسل المعدة، ثم تمر بالدم لتغسل الكليتين مما قد يترسب فيها من رمال، فضلاً عن أنها تنبه الكبد، وتدعوها إلى إفراز الصفراء، تهيؤاً لهضم طعام وجبة الصباح.
2- عادة مضغ الطعام جيداً في الفم قبل بلعه حيث يتم خلال عملية المضغ تقطيع الطعام، وطحنه جيداً، إضافة إلى ما في ذلك من توفير للجهد على المعدة، ولأن مضغ الطعام مضغاً جيداً من العوامل المهمة الواقية من اضطرابات الجهاز الهضمي، حيث يسمح بمزج الطعام باللعاب، الذي يسمح بتحويل النشا إلى سكريات أسهل هضماً، كما يهيئ المعدة لإفراز العصائر الهاضمة، ويحول دون سرعة التهام الطعام والإفراط فيه دون وعي.
والمضغ الجيد رياضة يحتاج إليها الإنسان، وعدم مزاولة هذه الرياضة يضعف الأسنان، ويجعلها عرضة للتسوس.
3- عادة تنظيف الأسنان بعد تناول الطعام أو الشراب مهما كان حجمه أو نوعه إذ إن تنظيف الأسنان المستمر ولو بالماء عادة حميدة تكفل نظافة الفم. وتعمل على حماية الجسم ووقايته من كثير من الأمراض، فقد ثبت أن غسل الفم بالماء بعد كل وجبة، وبعد كل مرة يتناول فيها الإنسان مادة سكرية يقلل نسبة الإصابة بالتسوس.
4- عادة تناول طعام الإفطار صباحاً تعد من أهم وأبرز العادات الصحية التي ينبغي التعود عليها، وعدم إهمالها، فالإنسان في حاجة ضرورية لها كبيراً كان أو صغيراً وما ذلك إلا لأن وجبة الصباح من أهم وجبات اليوم إطلاقاً، فالمعدة تكون خالية في الصباح، ومستعدة لتقبل كل ما يلقى فيها من غذاء، ولذا فمن الضروري أن نلبي هذه الحاجة، وأن نزود المعدة بالمقادير الغذائية الكافية لإمداد الجسم بحاجته من مصادر الحرارة.. ومن الضروري أن تكون وجبة الصباح منوعة في موادها، غنية بالعناصر الغذائية5- عادة ممارسة بعض التمارين الرياضية أو الأنشطة المستمرة التي يتم من خلالها المحافظة على اللياقة البدينة للجسم وتحريك، عضلاته وتنشيطها من وقت لآخر، فالرياضة تنشط كل أعمال الجسم من تنفس، ودوران (للدم)، وهضم وإفراز، وتوازن وغير ذلك. كما تقوي بنيته، وعظامه، ومفاصله، عضلاته، بالإضافة إلى كونها تعطي الجسم جمالاً، وتناسقاً، ومرونة، ولياقة زائدة، وتمنع السمنة، والترهل، والانحناءات المعيبة.
والمحافظة على ممارستها لها آثار إيجابية في تحسين الحالة الصحية والنفسية للإنسان في جميع مراحل عمره المختلفة.
6- عادة الراحة عندما يحتاج الجسم إلى ذلك، والحرص على عدم مقاومة النوم ولا سيما إذا كان الجسم متعباً أو مرهقاً، فالنوم إحدى الحاجات الضرورية لراحة الجسم ونموه، مع مراعاة أن يتم النوم في ظروف مناسبة للراحة، ويتبع لهذه العادة الصحية أن لا يذهب الإنسان إلى النوم بعد تناول الطعام مباشرة، لأن النوم بعد الطعام يعرقل أداء المعدة لعملها، ويكفي استرخاء بسيط لبضع دقائق، فذلك يساعد المعدة على الهضم.
7- عادة تناول السلطة المكونة من بعض أنواع الخضراوات الطازجة مع كل طعام، وأن تكون جزءاً أساسياً من محتويات الطعام، لأنها غنية بالفيتامينات والأملاح المعدنية وبالألياف الغذائية التي تعطي حجماً للوجبة الغذائية، فتساعد (الإنسان) على الشعور بالشبع، وتمنع الإمساك ومضاعفاته.
8- عادة تناول المشروبات المعتدلة الحرارة فلا تكون ساخنة، ولا تكون باردة جداً أو مثلجة لما في ذلك من المضار الصحية على الفم، أو الأسنان، أو اللسان إضافة إلى أن شرب المشروبات وهي ما زالت ساخنة جداً أو مثلجة جداً يصيب المعدة بأضرار بالغة، ويتسبب في تثبيط نشاط الإنزيمات التي تهضم الطعام، مما يؤدي إلى عسر الهضم، واضطراب وظيفة المعدة، والتهابات مستمرة، واحتقان في الجدار المبطن لها، حيث إن إنزيمات الجهاز الهضمي لا تعمل إلا في درجة حرارة الجسم وهي (37) درجة مئوية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن شرب الشاي أثناء أو بعد تناول الطعام مباشرة يعوق امتصاص الحديد من الغذاء، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالأنيميا (فقر الدم) إذا كانت كمية الحديد المتناولة قليلة في الطعام.
وينصح خبراء التغذية أن يكون شرب الشاي باعتدال، مع أنه يفضل إضافة الحليب إليه لما يحتوي عليه من الكالسيوم والفيتامينات التي تفيد الجسم عامة، وتقوي العظام خاصة.
9- عادة تناول الزبادي (اللبن الرائب) الذي يعطي للجسم البروتينات بصورة يسهل هضمها وبالتالي سرعة الإفادة منها، ولذا ينصح الأطباء بتناول الزبادي عندما يكون الإنسان مضطراً لاستعمال المضادات الحيوية حيث إن المضاد الحيوي يقتل جميع أنواع البكتيريا الموجودة في الجسم سواء الضارة أو المفيد، لذلك فإن تناول الزبادي يعوض المعدة والقولون عما تفقده من بكتيريا، مما يساعد في عمليات هضم الأغذية، فقد ثبت أن البكتيريا المفيدة للمعدة توجد في الزبادي، وهي بكتيريا حمض اللاكتيك التي تساعد على تخليق بعض الفيتامينات، وبعض الأحماض الأمينية مما يساعد على هضم الطعام بما تفرزه من