وكما تلاحظ الأقسام الخمسة بالنسبة إلى الشيء الجديد، كذلك تلاحظ كل الأقسام المذكورة بالنسبة إلى [الفكر الجديد: كالقانون] فربما ولد القانون قانوناً آخر أو عدة قوانين، وربما ولّد قانون قانوناً، والقانون الولد ـ بدوره ـ يولد قانوناً آخر، وربما ولدت عدة قوانين قانوناً، وربما أثر قانونان كل واحد منهما في الآخر: 1 ـ فالقانون الذي يولد قانوناً آخر، مثل قانون حرمة الخمر، حيث يولد قانون الحد لمن شربها. 2 ـ والقانون الذي يولد قوانين متعددة مباشرة، مثل قانون الزواج الذي يولد قانون النفقة وقانون الطلاق، وقانون الملامسة، وغيرها. 3 ـ والقانون الذي يولد قانوناً مباشراً وقانوناً غير مباشر، مثل قانون البيع، فيما يوجب الربح، حيث أن البيع أوله الملكية، والملكية أولدت وجوب الخمس، [لأن المعاملة اشتملت على الربح]. 4 ـ والقانونان المؤثران كل منهما في الآخر، مثل قانوني الصوم والسفر فالسفر يوجب الإفطار في شهر رمضان، وشهر رمضان يوجب كراهة السفر. 5 ـ والقوانين المتعددة التي توجب أثراً واحداً، مثل قوانين البيع، والمضاربة، والمزارعة، والإرث، وغيرها، مما يؤثر في قانون الملكية الفردية ـ بمعناها العرفي ـ. ولا يخفى أنه يمكن نقد بعض الأمثلة المذكورة، إلا أنه حيث كان المهم الإلماع لم يراع في الأمثلة الدقة. وكما يمكن الأقسام الخمسة بالنسبة إلى الصنعة والقانون، كذلك يمكن بالنسبة إلى الظواهر الأخر، مثلاً: [في أشياء تؤثر في شيء واحد] أربعة أشياء معاً سببت الاستعمار: 1 ـ حب السياسيين لتوسعة بلادهم. 2 ـ رغبة الفاتحين للفتوحات ـ في الاستعمار العسكري ـ. 3 ـ اهتمام الكنيسة لإدخال الناس في دينها ـ في الاستعمار الغربي ـ. 4 ـ ولع الرأسماليين لفتح أسواق جديدة، ليشتروا منها المواد، ويبيعوا لها منتوجاتهم التي صنعتها معاملهم الكثيرة الإنتاج. و[في شيئين كل منهما يؤثر في الآخر] مثلاً: الفقر والمرض، كل منهما يؤثر في الآخر، فالفقر يجب المرض، حيث أن الفقير يضطر إلى سوء التغذية والمرض يجلب الفقر، حيث أن المريض لا يتمكن من العمل الموجب للأجرة ونحوها، وكلما زاد المرض زاد الفقر، وكلما زاد الفقر زاد المرض. وقد يكون التأثير المتقابل بين أكثر من شيئين مثل: [التفرقة اللونية، في أمريكا] و [أجرة العامل] و [قيمته الاجتماعية] فكلما زادت التفرقة قلّت الأجرة والقيمة، وكلما زادت الأجرة قلّت التفرقة وزادت القيمة، وكلما زادت القيمة قلّت التفرقة وزادت الأجرة. [والشيء الواحد الذي يؤثر في أشياء] كالحبر تؤثر في الوضع السياسي والاقتصادي، والاجتماعي، فإذا نجحت، قويت الدولة، كما أنها تحطّم الاقتصاد، وتجعل المؤسسات الاجتماعية تغير أشكالها، فمن أعضائها من يقتل ومن يرتفع ومن ينسحب… وإذا فشلت، ضعفت الدولة، إلى آخره. |