ركيزة الجاهلية
:
كانت الجاهلية تأكل أكبادنا وتحرق الأخضر واليابس
كانت تأتي على ما تبقي من حطامنا
كما كانت تزين لنا الشهوات حتى تكاد تخرج عيوننا من محاجرها
طمعاً فيها وخضوعاً لسلطانها
كانت في الحقيقة تحرق قلوبنا لتفرغها من ذكر الله
فتذرها كبيت طين خرب لتضرم فيها النار
وكانت تأخذ بخطامنا أخذ الدابة وتلهب ظهورنا بسياطها
لتسوقنا إلى عذابها في الطريق النكد المشئوم إلى الدمار المحتوم.
فإذا استنكف عنها المؤمنون سامتهم سوء العذاب
وأذاقتهم من كؤوسه صنوفاً وألواناً .. فمشطت اللحم وحطمت العظم
وهى لا تعلم أنها تطهرهم بذلك .. وأنهم حين يعلون عليها
فإنما يحلقون لتسموا أرواحهم وتسمق قاماتهم
بمقدار ما يتهدم من بنيناهم وأجسادهم.
ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.
ثبوتية الإيمان:
إن المؤمنين هم علمونا العزة والكرامة ..
فحين لقيناهم قلبت كلماتهم صفحات نفوسنا لتقرأ دفاترها ..
لتسطر فيها سطور التوبة بمداد دموع التائبين ..
السطر الأول:
بالمجاهدات والتزكية .. يستوى خلق النفس المؤمنة في حضن الطاعات
وهي رؤوم .. ويستوي الإيمان على ساق وهو قَّؤوم..
السطر الثاني:
لكن ربما كبا الجواد وهو جموح وربما نبا السيف إذ هو طموح
وربما همس الصوت وليس يبوح ، إذ همسات الصوت لا تحدث دوياً
السطر الثالث:
ربما تعثر المؤمنون في عجالتهم إلى الله
لكن لهفة الشوق وصدق المحبة تقيل العثرات وتقوم الاعوجاج وتصلح الخطأ .
السطر الرابع:
إن الرأي الحديد ينبغي ألا ينثني .. وإن الشاردة ينبغي أن توجه لا أن تراغم
وإن النفوس الأبية ينبغي ألا تسجن بين أربعة جدران، وإلا انزوت وماتت.
السطر الخامس:
أنا لا أدري لما يساق المحب إلى حبيبه بسياط الرغبات وضغوط الحاجات بدلاً من أن يحلق إليه على أجنحة الشوق ويتدرج صوبه في مراقي الصعود .
السطر السادس:
إن الحب عند المؤمنين هو معني يقوم بأرواحهم (وهي اللطيفة العالمة) القائمة أساساً بالجسد، ثم هو تبعاً لذلك لا سابقاً عليه معني بدني طبعي ، تعبر به الروح عن نفسها.
السطر السابع:
إن اليوم الذي يصبح فيه الحب معنىً بدنياً مجرداً لهو اليوم الذي نموت فيه ، وفي العرف الإيماني أن الحب البدني المحض والذي تقوم به الجوارح دون أصوله في القلوب هو نفاق أو شبيه بالنفاق.
السطر الثامن:
إن استفراغ الشهوات المشروع هو في عرف المؤمنين تحرير للطاقة واستعداد لانطلاقة، إذ هي تخلص من إصر الطبع وأغلال الرغبة التي هي مركوزة في الفطر أصلاً.
السطر التاسع:
إن الذين يبنون حياتهم على الباطل ويألفون المعاصي ويجترحون المنكرات وهم فيما يبنون ويألفون ويجترحون يحسبون أنهم يرتعون على ضفاف الكوثر بينما هم في الحقيقة يتفيؤن ظلال الزقوم .
ـ.ـ.ـ.