استخدم أهل مكة المعارضون لأفكار الرسول محمد العديد من الأساليب لمحاربته و الطعن في شخصيته. ومن هذه الأساليب السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب والتضحيك، إثارة الشبهات وتكثيف الدعايات حيث وصفه البعض بأنه مصاب بنوع من الجنون، وأحيانا قالوا: إن له جنًا أو شيطانًا يتنزل عليه كما ينزل الجن والشياطين على الكهان، وكانوا يعملون للحيلولة بين الناس وبين سماعهم القرآن ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لم تجد نفعًا في إحباط الدعوة الإسلامية استشاروا فيما بينهم، فقرروا القيام بتعذيب المسلمين وفتنتهم عن دينهم، فأخذ كل رئيس يعذب من دان من قبيلته بالإسلام وقام البعض بالتطاول على الرسول محمد و ضربه عدة مرات وكانت هناك عدة محاولات لاغتياله.
وفي بداية الدعوة لما أنزل الله أمره للنبي محمد بقوله: {213} وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ {214} قام رسول الله يبعث إلى بني عبد المطلب فحضروا وكان فيهم أبو لهب، فلما أخبرهم بما أنزل الله عليه قال: تباً لك، ألهذا جمعتنا وأخذ حجراً ليرميه به، وقال له: ما رأيت أحداً قط جاء بني أبيه وقومه بأشرّ ما جئتهم به، فسكت رسول الله صلوات الله عليه ولم يتكلم في ذلك المجلس، ويعتبر أبي لهب من المجاهرين بالظلم والإساءة لرسول الله ولكل من آمن به، و زوجته أروى بنت حرب (حمالة الحطب)وقد نزلت فيهما سورة المسَد.
ومنها ما حدّث به عبد الله بن مسعود قال : «كنا مع رسول الله في المسجد وهو يصلي، وقد نحر جزور وبقي فرثه: أي روثه في كرشه. فقال أبو جهل: ألا رجل يقوم إلى هذا القذر يلقيه على محمد» صلوات الله عليه.. وقام عقبة بن أبي معيط. وجاء بذلك الفرث، فألقاه على النبي محمد وهو ساجد فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض من شدة الضحك. حتى جاءت فاطمة بنت محمد رضي الله عنها وألقته عنه.
ومنهم أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، كان إذا رأى رسول الله همزه ولمزه ، فأنزل الله فيه : {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ {1}. وقد مشى أبي بن خلف إلى رسول الله صلوات الله عليه بعظم بال قد ارْفتَّ ، فقال : يا محمد ، أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ما أرمّ ، ثم فتَّه في يده ، ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال رسول الله صلوات الله عليه : نعم ، أنا أقول ذلك ، يبعثه الله وإياك بعدما تكونان هكذا ، ثم يدخلك الله النار . فأنزل الله فيه : {77} وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ {78} قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ {79}. ومنهم أبن الزبعري الذي كان شديد العداوة لرسول الإسلام وكان من أشعر الناس، والعاص بن وائل والوليد بن المغيرة.
[عدل] فترة الاستقرار في المدينة
كانت علاقة الرسول محمد مع قبائل بنو قريظة و بنو قينقاع و بنو النضير اليهودية جيدة في بداية استقراره في المدينة و خاصة بعد أن عقد معهم اتفاق سمي بميثاق المدينة وبالطبع لم يتبنى طقوس اليهود كما يدعي البعض بدون مصادر موثوقة! انما كان يبدو لهم فجعلوها حقيقة مطلقة .ولكن بمرور الزمن بدأت الخلافات بالطفو على السطح ويعتقد المستشرقين أن هذه الخلافات كانت البداية لظهور سلسلة من الطعنات لشخصية الرسول محمد حيث اتهم من قبل اليهود انه يحاول السيطرة على مقاليد الحكم في المدينة وانه استعمل أحبار اليهود ليتعلم أكثر عن الدين ويعرف التسلسل الزمني لظهور الأنبياء الذي وحسب زعم هذه القبائل الثلاث لم يكن الرسول محمد على علم بها وأخيرا وحسب زعم هذه القبائل الثلاث عندما انتهت حاجة الرسول محمد إليهم بدأ بتصفيتهم. ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد انه وحسب صحيح البخاري قام أحد الشعراء اليهود واسمه كعب بن الأشرف بكتابة قصيدة هجاء واستهزاء من شخصية الرسول محمد وتم قتل هذا الشاعر فيما بعد من قبل أحد المسلمين واسمه محمد بن أسلمة وعملية قتل هذا الشاعر هي أحد النقاط التي يستعملها البعض للطعن في شخصية الرسول وكونه حسب ادعاءهم انه شجع على اغتيال معارضيه. ومن الأنتقادات الموجهة إلى الرسول محمد والذي تثير جدلا إلى يومنا هذا هو حادثة محاصرة بنو قريظة وحسب سيرة ابن إسحاق فان بنو قريظة قد قاموا بحملة بين القبائل العربية المجاورة للمدينة لحملهم على غزو المسلمين في المدينة المنورة و بذلك قد نقظوا بنود ميثاق المدينة بدعمهم جيش أبو سفيان وبقية القبائل العربية غير المسلمة اثناء معركة الخندق وفي نفس يوم هزيمة جيش أبو سفيان توجه جيش الرسول نحو مناطق سكن بنو قريظة لمعاقبتهم لنقضهم العهد وبعد حصار دام اسابيع استسلم بنو قريظة بدون شروط واستنادا على نفس المصدر فان الرسول محمد اقترح ان يكون سعد بن معاذ رئيس قبيلة الأوس بان يكون الحكم وقبل بنو قريظة به حكما اعتقادا منهم بان قراراته ستكون معتدلة ولكن حكم سعد بن معاذ كان بان يقتل كل ذكر من بني قريظة وصل مرحلة البلوغ باستثناء من لم يتحصن مع بني قريظة اثناء غزوة الخندق و قدم إلى الرسول محمد معلنا براءته من التحالف مع مهاجمي المدينة واستنادا إلى ابن إسحاق فانه تم قتل 600 إلى 900 في ذلك اليوم وتم اخذ النساء كسبايا. الأنتقاد الموجه هنا هو ان الرسول محمد أمر بطريقة او باخرى قتل اعداد كبيرة ممن يعتبرون بالمقايس الحديثة اسرى حرب ويبرر المحققين المسلمين هذا الموقف بكون قبيلة بنو قريظة كانت من رعايا الدولة الاسلامية فكانوا تابعين لهذه الدولة و يتبعون قوانينها و يدفعون الضرائب المفروضة عليهم من قبلها لذلك فهم بفعلهم لا يمكن ادراجهم تحت فئة اسرى الحرب و انما تحت فئة الخونة الذين تعاملوا مع العدو من أجل التأمر على سلامة وأمن الدولة. . من الناحية التأريخية فان ابن إسحاق الذي يعتبر أول من كتب سيرة الرسول مات في سنة 151 للهجرة اي بعد 145 سنة بعد حادثة خيبر والمؤرخين الذي اتوا بعد ابن إسحاق اقتبسوا من هذه الرواية دون تشكيك في صحتها باستثناء اثنان وهما مالك بن أنس و ابن الحجار اللذان وصفا الرواية بصفة "رواية غريبة" واضاف مالك بن انس بانها "كاذبة و مختلقة" ومن الجدير بالذكر ان مالك بن انس عاش في نفس الفترة الزمنية لابن اسحاق و هناك ظاهرة عامة في كتاب السيرة الأوائل وهي نقلهم لكل ما سمعوه عن الرسول دون التقصي في سلسلة مصداقية المراجع وقد ذكروا هذا في مقدمة كتاباتهم فقد كان هدفهم هو جمع كل رواية وصلت اليهم. والحقيقة أن كتابة السيرة النبوية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم بدأت منذ حياته ولكن لم يتم جمعها إلا بعد القرن الأول الهجري واعتمدوا قواعد وأسس للكتابة لم توجد لدى أي من المؤرخين في أي عصر.
[