احمد طارق
الشمس والقمر والسباحة في الفضاء الكوني
يقول الله -تعالى-: "وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" (يس: 37-40).
الليل والنهار، والشمس والقمر، مصطلحات ذات دلالات متقابلة، وكل منها له بالآخر ارتباط قوي ووثيق، فالليل بهدوئه وسكونه وظلمته وحُلكته، يقابل ويضاد النهار بضيائه وحركته وجلبته،
والشمس بوهجها وضيائها تدفع الحياة على الأرض قويًّا يوهجها، فهي مصباح النهار، وعنوان الحركة والنشاط، والقمر بنوره الحالم هو مشكاة الليل، الذي تمده الشمس بقبس من ضوئها،
وقد جعل الله سبحانه تدبير أمر هذه المنظومة آية من آيات الله -عز وجل-، بحركتها الدائمة الدائبة، التي لا يقدر عليها إلا هو، فالتعبير بسلخ النهار من الليل يوحي بالحركة التي تنزع كلاًّ منهما عن الآخر، ثم إن الشمس، والأرض، والقمر، وسائر الكواكب، والأجرام المرتبطة بها تجري وتتحرك في الفضاء الكوني بسرعة محددة ومقدرة، وفي اتجاه محدد، وتقع الشمس ومجموعتها الشمسية والنجوم القريبة منها داخل سديم عظيم ممتد في السماء يسمَّى "سديم المجرة"،
ومن الطريف أن مكونات هذا السديم تدور حول مركزه بسرعة تتناسب مع عكس بعدها عن المركز،
كما اتضح حديثًا أن الشمس والأرض وكواكبها، والنجوم القريبة منها تسير بسرعة حوالي 700 كم في الثانية، وفي اتجاه محدد، وتتم دورتها حول المركز في مدى 200 مليون سنة ضوئية.
والشمس والقمر في جريانهما لا يدرك أي منهما الآخر؛ لأن كلاًّ منهما يجري في أفلاك متوازية، الأمر الذي يجعل تقابلهما مستحيلاً، كما يستحيل أن يسبق الليل النهار، ولك أن تعجب عندما يعبر القرآن الكريم بأن هذه الحركات اللانهائية في الفضاء هي سباحة كونية، فتبارك الله أحسن الخالقين.
الفضاء احمد طارق