قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إني أوشك أن أدعى فاجيب و إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله حبل ممدود من الأرض الى السماء و عترتي أهل بيتي و أن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة فانظروا بما تخلفوني فيهما – رواه الامام أحمد بسنده
نسبها و ميلادها رضي الله عنها
إسماها جدها صلى الله عليه و سلم زينب إحياء لذكرى ابنته الراحلة زينب التي كانت قد توفيت قبل ولادة الطفلة بقليل والتي حزن الرسول صلى الله عليه و سلم لموتها حزنا مؤلماً ثقيلاً
وقد ولدت رضي الله عنها في المدينة في العام السادس من الهجرة و كانت أمها الزهراء أحب بنات المصطفى اليه و أشبههن به في الخلقة و الخلق و التي كتب لها ان تكون الوعاء الطاهر للذرية الطاهرة و المنبت الطيب لدوحة الأشراف في آل البيت و أبوها علي بن أبي طالب بن هاشم القرشي الهاشمي ابن عم النبي صلى الله عليه و سلم و ربيبه و أول من آمن به صبياً و فتى قريش شجاعة و تقى و علماً
وجداها لأمها : محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم و خديجة بنت خويلد أولى أمهات المؤمنين و أقرب نساء النبي اليه و أعزهن عليه حية و ميتة و التي انفردت بحبه و بيته خمساً و عشرين عاماً
وجد زينب لأبيها هو أبو طالب بن عبد الله عم المصطفى و من كان له بعد ابيه اباً وجدة زينب لأبيها هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف زوجة عم النبي صلى الله عليه و سلم و أول هاشمية تزوجت هاشمياً وولدت له و قد أدركت النبي صلى الله عليه و سلم فأسلمت و حسن إسلامها و و أوصت له حين حضرتها الوفاة فقبل وصيتها و صلى عليها و نزل في لحدها و أحسن الثناء عليها
ورووا في ترجمتها عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : لما ماتت فاطمة أم علي بن ابي طالب ألبسها رسول الله صلى الله عليه و سلم قميصه و نزل معها في قبرها فقال له الصحابة : يا رسول الله ما رأيناك صنعت بأحد ما صنعت بهذه المرأة
فقال : إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبر بي منها
ظلال على المهد
ولدت رضي الله عنها في العام السادس من الهجرة و قد استقر الامر للمصطفى صلى الله عليه و سلم و عند مولدها سارع المهنئون من بني هاشم و الصحابة يباركون هذه الزهرة المتفتحة إلا ان ظلال حزينة القيت علي المهد الجميل ففي مسند الامام أحمد بن حنبل 1/85 أن جبريل عليه السلام أخبر محمداً بمصرع الحسين و آل بيته في كربلاء
و نقل ابن الاثير في الكامل 4/38 أن النبي صلى الله عليه و سلم أفضى الى أم سلمة رضي الله عنها فلما قتل الحسين رضي الله عنه أعلمت الناس بقتله
وقد روى زهير بن القين البجلي : انه خرج مع جماعة من المسلمين في غزرة فظفروا و أصابوا غنائم فرحوا بها و كان معهم سلمان الفارسي فأشار الى أن الحسين سيقاتل يوماً و يُـقتل ثم قال سلمان لأصحابه : إذا أدركتم سيد شباب أهل محمد فكونوا أشد فرحاً بقتالكم معه منكم بما أصبتم اليوم من الغنائم
وكان الأمام الحسين رضي الله عنه فيما يروى يعلم منذ طفولته بما قدر له كما كان دور أخته زينب حديث القوم منذ ولدت فهم يذكرون ان سلمان الفارسي رضي الله عنه أقبل يهنئ علي رضي الله عنه بوليدته فألفاه واجماً حزيناً يتحدث عما سوف تلقى ابنته بعده
الصبا الحزين
توفي الرسول صلى الله عليه و سلم و زينب لم تكن قد تجاوزت الخامسة ثم تبعته أمها الزهراء فاطمة فلحقت بأبيها سيد الخلق بعد ستة أشهر وقيل ثلاثة و تصغي زينب يومئذ الى أبيها و قد تمهل عند قبر الزهراء يندبها مودعاً : " السلام عليك يا رسول الله عني و عن ابنتك النازلة في جوارك و السريعة اللحاق بك قَل يا رسول الله عن صفيتك صبري و رق عنها تجلدي إلا أن لي في التأسي بعظيم فرقتك و فادح مصيبتك موضع تعزٍ إنا لله و إنا اليه راجعون فلقد استُرجعت الوديعة و أُخذت الرهينة أما حزني فسرمد و أما ليلي فمسهد الى ان يختار الله أي دارك التي انت بها مقيم و السلام عليكما سلام مودع لا قالٍ و لا سئم فان انصرف فلا عن ملالة و ان أُقم فلا عن سوء طن بما وعد الله الصابرين وقد أوصت الزهراء رحمها الله تعالى ابنتها زينب ان تصحب أخويها و ترعاهما و تكون لهما من بعدها أما
وهكذا شغلت زينب رضي الله عنها مكان الام و لما تبلغ العاشرة من عمرها فقد أنضجتها الاحداث و هيأتها لان تشغل مكان الراحلة الكريمة فتكون اما للحسن و الحسين و أم كلثوم و هي أم لا تعوزها عاطفة الامومة بكل ما فيها من حنو و إيثار و إن أعوزتها التجربة و الاختيار
صفاتها رضي الله عنها
كانت السيدة زينب رضي الله عنها صوامة قوامه تقضي أكثر لياليها متهجدة تتلو القرآن و لم تترك ذلك حتى في كربلاء و الدليل على ذلك أنه يروى أن الامام الحسين رضي الله عنه لما ودعها الوداع الاخير ليلة كربلاء قال لها : يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل
كما كانت رضي الله عنها لبيبة عاقلة و كانت رضي الله عنها في البلاغة و الزهد و الشجاعة قرينة أبيها الامام علي رضي الله عنها و امها الزهراء و اتخذت طوال حياتها تقوى الله بضاعة و كان لسانها رطباً دائماً بذكر الله
و كانت رضي الله عنها تجمع بين جمال الطلعة و جمال الطوية كما يقول الجاحظ في البيان و التبيين : إنها كانت تشبه أمها لطفاً و رقه و تشبه أباها علماً و تقى و وصفها ابن أيوب الانصاري حين شاهدها في كربلاء حاسرة الرأس بقوله : فوالله ما رأيت مثل وجهها كأنه شقة القمر