قال الله تعالى ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ سورة الحج آية 32
المقصود هو الدعاء إلى إتيان محل الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار؛ لما في ذلك من سكون النفس فيدخل في العبادة بخشوع وخضوع بخلافه إذا عدا في الطريق بذلك فلا يأتي إلا وهو مضطرب من إسراع المشي فيصده ذلك عن كمال الخشوع أو أصله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا متفق عليه.
(إذا أقيمت الصلاة) بذكر كلمات الإقامة ومثله أو إذا لم تقم ولكن خشي قيامها
(فلا تأتوها) ندبًا
(وأنتم تسعون) ولا يخالفه قوله تعالى إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ لأن المنهي عنه السعي بمعنى العدو والإسراع في المشي، والمأمور به المضي فيها
(وأتوها) ندبًا
(وأنتم تمشون) مشيًا بلا إسراع ينافي الوقار كما يدل عليه تقييده بجملة
(وعليكم السكينة) وذلك مندوب إليه ما لم يعد مقصرًا بالتأخير في الجمعة بحيث ينسب إليه التفويت وإلا فيجب عليه الإسراع حينئذ
(فما أدركتم) أي من الصلاة مع الإمام فصلوها
(وما فاتكم) معه
(فأتموا) أي أكملوا وحدكم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجرًا شديدًا وضربًا وصوتًا للإبل، فأشار بسوطه إليهم وقال: أيها الناس عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع رواه البخاري وروى مسلم بعضه.
(أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم) أي قريبًا منه بحيث يعد عرفًا أنه مصاحب له
(يوم عرفة) أي عقبه بعد مغيب شمسه كما جاء التصريح بذلك في حديث جابر
(فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجرًا شديدًا وضربًا) أي صوت ذلك
(وصوتًا للإبل) أي من الرغو
(فأشار بسوطه إليهم) أي تأنوا ودعوا العجلة، وقال زيادة في البيان
(عليكم بالسكينة) أي الزموا السكينة
(فإن البر) أي الطاعة
(ليس بالإيضاع) أي الإسراع وإنما هو بالخضوع والخشوع والاستكانة لمن لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.