و عن ابن هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
(كلمتان خفيفتان على اللسان , ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلي الرحمن , سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم )) متفق عليه .
(كلمتان خفيفتان على اللسان) قال الطيبي : الخفة مستعارة للسهولة .شبة سهولة جريان هذا الكلام علي اللسان بما يخفف على الحامل من بعض المحمولات ولا يشق عليه
(ثقيلتان في الميزان) الثقيل فيه على حقيقته لأن الأعمال تتجسم عند الميزان , والميزان هو ما يوزن به أعمال العباد يوم القيامة . وفي كيفيته أقوال : الأصح أنه جسم محسوس ذو لسان وكفتين , والله تعالي يجعل الأعمال كالأعيان موزونة أو توزن صحف الأعمال .وسئل بعضهم عن سبب ثقل الحسنة علي الإنسان وخفة السيئة عنه؟ فقال : إن الحسنة حضرت مرارتها وغابت حلاوتها فثقلت فلا يحملنك ثقلها علي تركها , والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها فخفت فلا يحملنك خفتها علي ارتكابها
(حبيبتان إلي الرحمن) أي محبوب قائلهما , وخص بالذكر لأن القصد من الحديث بيان سعة رحمة الله بعباده حيث يجزي علي العمل القليل بالثواب الكثير الجزيل
(سبحان الله وبحمده) أي أسبحه متلبسا بحمدي له من أجل توفيقه لي
(سبحان الله العظيم) كرر التسبيح تأكيدا للاعتناء بشان التنزيه من جهة كثرة المخالفين الواصفين له بما لا يليق به بخلاف صفة الكمال فلم ينازع في ثبوتها له أحد .
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (( من قال لا إله ألا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو علي كل شئ قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب , وكتبت له مائة حسنة , ومحيت عنه مائة سيئة , وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل اكثر منه وقال : من قال : سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر )) متفق عليه.
(لا شريك له) أي فلا شريك له في شئ من صفاته ولا في شئ من أفعاله ولا في شئ من ملكه
(له الملك) أي السلطنة والقهر له دون غيره
(في يوم) هو شرعا ما بين طلوع الفجر الصادق وغروب الشمس
(كانت له عدل عشر رقاب) أي في ثواب عتقها
(ومحيت عنه مائة سيئة) أي رفعت من ديوان الحفظة , أو محي عنه المؤاخذة بها فلم يعذب بها
(وكانت له حرزا) الموضع الحصين والعوذة
(من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي) أي إنه يكون في عوذة من الشيطان مدة بقاء النهار
(ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به) من الأذكار المأثورة
(عمل اكثر منه) بأن زاد علي المائة من التهليل فكلما زاد منه زاد الثواب , وسمي ذلك عملا لأنه عمل اللسان .
(وإن كانت مثل زبد البحر) إن قيل هذا يقتضي فضل التسبيح علي التهليل لان المعلق علي التهليل محو مائة سيئة وعلي التسبيح حط خطاياه وإن كثرت .فالجواب أنه لم يقتصر في ثواب التهليل علي تكثير العدد المذكور من الخطايا كما اقتصر عليه في ثواب التسبيح , بل ضم إليه عتق عشر رقاب
وتقدم أن عتق الواحدة فيه غفر كل الخطايا لحديث (من اعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه في النار ) فساوى عتق الرقبة .
وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (( يصبح علي كل سلامي من أحدكم صدقة , فكل تسبيحه صدقة وكل تحميدة صدقة , وكل تهليله صدقة وكل تكبيرة صدقة , وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى )) رواه مسلم.