قائد عسكري وزعيم مصري، قاد أول ثورة مصرية في العصر الحديث ـ الثورة العرابية ضد الخديوي توفيق ـ، شغل منصب وزير الدفاع (وزير الجهادية في حينها) ثم رئيس وزراء مصر.
وُلد أحمد الحسيني عرابي في 1 ابريل 1841 في قرية هـرية رزنة بمحافظة الشرقية، أرسله والده الذي كان عمدة القرية إلى التعليم الديني ثم التحق بالمدرسة الحربية، حيث ارتقى سلم الرتب العسكرية بسرعة فأصبح نقيباً في سن العشرين.
إثر قرار طرد الضباط المصريين من الجيش المصري، قام أحمد عرابي بتظاهرة على رأس الجيش المصري في ميدان عابدين بالقاهرة؛ لعرض مطالب الأمة على الخديوي توفيق، لإنقاذ البلاد من الظلم، وتحقيق أمانيها في الحياة الكريمة، وتضمنت هذه المطالب: إسقاط وزارة رياض باشا، وتشكيل وزارة وطنية، وقيام مجلس نيابي حديث، فما كان أمام الخديوي سوى الاستجابة لمطالب الأمة، فعزل رياض باشا من رئاسة الوزارة، وعهد إلى شريف باشا بتشكيل الوزارة، فألف وزارته في 14 سبتمبر 1881.
في 2 فبراير 1882 استقال شريف باشا بعد أن تدخلت انجلترا وفرنسا في شئون البلاد، وتشكلت حكومة جديدة برئاسة محمود سامي البارودي، وشغل أحمد عرابي فيها منصب "وزير الجهادية" (الدفاع)، فقوبلت هذه الوزارة بالارتياح وأعلنت الدستور، وصدر المرسوم الخديوي به في 7 فبراير1882.
غير أن هذه الخطوة الوليدة إلى الحياة النيابية تعثرت بعد نشوب الخلاف بين الخديوي ووزارة البارودي حول تنفيذ بعض الأحكام العسكرية، ووجدت بريطانيا وفرنسا في هذا فرصة للتدخل في شئون البلاد، فقدم قنصلا الدولتين إلى البارودي مذكرة مشتركة في 25 مايو 1882، يطلبان فيها استقالة الوزارة، وإبعاد عرابي وزير الجهادية عن القطر المصري مؤقتاً مع احتفاظه برتبه ومرتباته.. إلا أن رد وزارة البارودي كان رفض هذه المذكرة، وطالبت من الخديوي توفيق التضامن معها في الرفض؛ إلا أنه أعلن قبوله لمطالب الدولتين، وإزاء هذا الموقف قدم البارودي استقالته من الوزارة، فقبلها الخديوي.
غير أن عرابي بقي في منصبه بعد أن أعلنت حامية الإسكندرية أنها لا تقبل بغيره ناظراً للجهادية، فاضطر الخديوي إلى إبقائه في منصبه، وتكليفه بحفظ الأمن في البلاد، غير أن الأمور في البلاد ازدادت سوءاً بعد حدوث مذبحة الإسكندرية في 11 يونيو1882، وعقب الحادث تشكلت وزارة جديدة ترأسها "إسماعيل راغب"، وشغل "عرابي" فيها نظارة الجهادية.
رفض عرابي الانصياع للخديوي بعد موقفه المخزي، وبعث إلى جميع أنحاء البلاد ببرقيات يتهم فيها الخديوي بالانحياز إلى الإنجليز، ويحذر من إتباع أوامره، وأرسل إلى "يعقوب سامي باشا" وكيل نظارة الجهادية يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها للنظر في الموقف المتردي وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية في 17 يوليو1882، وأجمعوا على استمرار الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، وجنودها يحتلون الإسكندرية.
وكان رد فعل الخديوي على هذا القرار هو عزل عرابي من منصبه، وتعيين محافظ الإسكندرية بدلاً منه، ولكن عرابي لم يمتثل للقرار، واستمر في عمل الاستعدادات في كفر الدوار لمقاومة الإنجليز. بعد انتصار عرابي في معركة كفر الدوار أرسل عرابي إلى يعقوب سامي يدعوه إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية للنظر في قرار العزل.
وفي 22 يوليو 1882، عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمائة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومُفتيها، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار الأعيان وكثير من العمد، فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة. وفي الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر بمروق الخديوي عن الدين؛ لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده، وبعد مداولة الرأي أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه.
في 3 ديسمبر 1882 اُحتجز أحمد عرابي في ثكنات العباسية مع نائبه طلبة باشا حتى انعقدت محاكمته والتي قضت بإعدامه، غير انه تم تخفيف الحكم بعد ذلك مباشرة إلى النفي مدى الحياة إلى سرنديب (سيلان).
لدى عودته من المنفى عام 1903 أحضر أحمد عرابي شجرة المانجو (المانجو) إلى مصر لأول مرة.
توفي في القاهرة في 21 سبتمبر 1911.