تاريخه :
ولد مصطفى بن محمد لطفي في منفلوط من صعيد مصر سنة 1876 ، وتلقى مبادئ دروسه الأولى في كتّاب قريته ، ثم إنتقل إلى القاهرة ودخل الأزهر حيث تلقلن علوم الدين واللغة مدة 10 سنوات ، ثم التحق بالشيخ محمد عبده وتلمذ له وأخذ عنه روح الانفتاح وانطلق إلى جانبه في عالم الأدب والاجتماع والحكمة ، ثم عاد إلى منفلوط وراح يعالج المقالة الصحفية وينشرها في جريدة المؤيد فذاع صيته ، وكان له في النفوس تأثير شديد حمله على العودة إلى القاهرة حيث انصرف إلى التأليف والترجمة والصحافة .
شارك المنفلوطي في السيادة الوطنية وكان من مناصري سعد زغلول ، ولقد لقي من جراء ذلك ضيماً ، ولما رجع سعد زغلول من منفاه ولاه أعمالاً إنشائية في وزارة المعارف ثم في وزارة الحقانية . ولما ترك منصبه عاد إلى الصحافة والكتابة موجهاً إلى مواطنيه رسالة الرحمة والتحرر ، وفي أواخر حياته أسندت إليه وظيفة كتابية في مجلس النواب لبث فيها إلى أن توفي سنة 1924 .
أدبه :
للمنفلوطي عدة آثار ، منها الموضوع والمترجم ، أما الموضوع فكتاب النظرات ثلاثة أجزاء ، وهو مجموعة المقالات الأسبوعية التي كان ينشرها في المؤيد ويعالج فيها موضوعات الاجتماع والسياسة والأدب ، ويصور فيها أحوال المجتمع المصري لذلك العهد وما بلغه من البؤس والشقاء وانحطاط الأخلاق .
وأمل المترجم من آثاره فكتاب " العبرات " وهو ينطوي على قصص أكثره مترجم ، وكتاب " الشاعر أو سيرانو دي برجراك " من تأليف أدمون روستان ، وكتاب " في سبيل التاج " لفرانسوا كوبيه ، وكتاب " الفضيلة أوبول وفرجيني " لبرنر دين سان بيار ، وكتاب " ماجدولين أو تحت ظلال الزيزفون " لألفونس كار .
يمتاز المنفلوطي في اجتماعياته بأن حدب على ذوي الضعف والمسكنة ، وظهر بمظاهر مختلفة للعطف والرحمة ، ولكنه أساء من حيث أراد الإحسان إذ نشر المساوئ وبسط فصولها حين أراد التحدث عنها ومحاربتها ، فكان لبسطها أثر أشد من أثر مقاومتها . والمنفلوطي قصاص ولكنه لا يحسن سرد القصة , ولا يحسن ربط أجزائها بحيث تخلق المتعة الفنية . وهو مترجم ولكنه يمسخ ما يترجم ويتصرف به على هواه . وهو كاتب لا مفكر , يحسن الكتابة وصوغ العبارة اللينة الموسيقية التي تترك في النفس صدى عميقا وأثرا بعيدا .
وهكذا كاتب ساحر تتسلسل عباراته تسلسل الماء الصافي , في غير اضطراب ولا قلق ولا غموض , في دقه أدائية تعبيريه عجيبة , وحرصه على التوازن في أقسام الكلام , والجرس الموسيقي الذي يرافق اللفظة والعبارة عنده , يحمله على الإطناب بالترادف , والتزاوج , ولهذا تجد عنده المعاني مكروره , أو تجدها متقلبة في عدة عبارات , أو منشوره في صور مختلفة ترضي برونقها وتنميقها أكثر مما ترضي بعمقها وامتداد آفاقها .