يواصل وزير خارجية اسرائيل أفيجدور ليبرمان اطلاق التصريحات الرنانة وكأنه يحتل منصب مدير أمن العالم أو موزع الحلول لكل الأزمات. ربما يكون قد أصابه الغرور إلى حد ما حين أصبح في منصب وزير خارجية في حكومة اسرائيلية متطرفة، لكن معظم تصريحاته لا تدل على عقلية سياسية بقدر ما هي عقلية خيالية تصطنع المواقف أولا ثم تصطنع لها الحلول فيما بعد. فهو أراد ان لا تدخل اسرائيل في مفاوضات مع سوريا لأنها تدعم منظمات اعتبرها إرهابية مثل حماس وحزب الله. او تناصر دولاً تعادي اسرائيل مثل ايران. وكأنه بذلك يبرر عدم نية اسرائيل إعادة الجولان السوري المحتل إلى أصحابه الأصليين، رغم قناعته مثل غيره بأن سوريا لن تتنازل عن شبر من أراضيها مهما كانت الظروف او حتى الدخول في مواجهات عسكرية.
على المسار الفلسطيني رأى ليبرمان ان عملية السلام ليست السبيل للحل السلمي، أي أن محادثات السلام ليست مهمة لصنع السلام، وربما يتخيل ان الحرب هي السبيل إلى هذا السلام وفي هذا تناقض في الخطاب لا يتوقع أحد أن يرد على لسان وزير خارجية فكل صراعات التاريخ المعاصر تبعتها محادثات سلام من أجل بسط مناخ السلم والأمن الدوليين كما نص ميثاق الأمم المتحدة.
أضف الى هذه التصريحات تصريحات أخرى لنفس الوزير حول عدم جدوى اتفاقات أنابوليس وموت عملية السلام والاستخفاف بمبادرة السلام العربية. وفي مسعى من ليبرمان لخلط مزيد من الأوراق طالب بعلاقات استراتيجية بين اسرائيل وروسيا على غرار العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، رغم انه سبق له ان انتقد العلاقات بين روسيا وحركة حماس وبالطبع روسيا لا تأخذ تعليماتها من ليبرمان او غيره الا ان أصوله الملدافية ربما زينت له أن بمقدوره التأثير في السياسة الروسية حول الشرق الأوسط، ودفعها إلى نفس الهوة التي اوقعت فيها اسرائيل الولايات المتحدة الاميركية وجعلت توجهاتها الخارجية تصاب بمزيد من الانتكاسات منذ اعتبرت الإرهاب في العالم مصدره دول اسلامية. رغم ان الارهاب لا دين له ولا قومية، إلا أن مناخ التطرف في اسرائيل يؤثر في عقول الساسة كما يؤثر في عقول الأفراد العاديين. غياب الحنكة السياسية يحاول ان يعوضها ليبرمان بشيء من الغرور المصطنع وذلك حين يعرض على روسيا الاستفادة من (خبرات) اسرائيل في المجالات التقنية المختلفة، رغم أن العالم كله يعرف ان اسرائيل لا تملك تقنية عسكرية او مدنية وانما كلها برامج ودراسات مسروقة من البنتاجون ومراكز البحث الاميركية والاوروبية. فأي نوع من الاستخفاف بالعقول ذلك الذي يحاول ليبرمان تمريره على العالم؟
كل ما هنالك ان ساسة اسرائيل يواجهون مأزقاً بإغلاقهم كل أبواب الحل السلمي في وجه الوسيط الاميركي قليل الحيلة ويسعون للايحاء بأن لديهم مجالات أخرى من المناورة مع دول اخرى غير الولايات المتحدة. لكن ليبرمان وزملاءه في الحكومة الاسرائيلية المتطرفة لن يفلحوا في تمرير مناوراتهم وحيلهم بعد افتضاح كل الأكاذيب الاسرائيلية السابقة.