لماذا كُنِّيَ عليٌ ( عليه السَّلام ) بأبي تراب ؟
الاجابة للشيخ صالح الكرباسي
للإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) كنيتان إحداهما أبو الحسن و الأخرى أبو تراب ، و أبو تراب كنيةٌ أضفاها رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) على علي ( عليه السَّلام ) فكانت أحب كُناه و أسمائه إليه .
فَقَد رَوَى البخاريُ [1] في صحيحه قائلاً : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا ، عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ : هَذَا فُلَانٌ لِأَمِيرِ الْمَدِينَةِ يَدْعُو عَلِيًّا عِنْدَ الْمِنْبَرِ .
قَالَ : فَيَقُولُ مَاذَا ؟
قَالَ : يَقُولُ لَهُ أَبُو تُرَابٍ ، فَضَحِكَ .
قَالَ : وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [ و آله ] وَ سَلَّمَ وَ مَا كَانَ لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ .
فَاسْتَطْعَمْتُ الْحَدِيثَ سَهْلًا وَقُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ كَيْفَ ذَلِكَ ؟
قَالَ : دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ ، ثُمَّ خَرَجَ فَاضْطَجَعَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [ و آله ] وَسَلَّمَ : أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ ؟
قَالَتْ : فِي الْمَسْجِدِ .
فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَوَجَدَ رِدَاءَهُ قَدْ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ وَخَلَصَ التُّرَابُ إِلَى ظَهْرِهِ ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَيَقُولُ : " اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ " مَرَّتَيْنِ [2] .
قال العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي : و كنَّاهُ رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) أبا تراب ، وَجَدهُ نائماً في تراب قد سقط عنه رداؤه و أصاب التراب جسده ، فجاء حتى جلس عند رأسه و أيقظه و جعل يمسح التراب عن ظهره و يقول له : " اجلس إنما أنت أبو تراب " .
فكانت هذه الكنية من أحب كناه إليه صلوات الله عليه ، و كان يفرح إذا دعي بها ، و كانت تُرغِّبُ بنو أمية خطباءها أن يسبوه بها على المنابر و جعلوها نقيصة له و وصمة عليه ، فكأنما كسوة بها الحلي و الحلل كما قال الحسن البصري رحمه الله [3] .