تلوث المياه
تستهلك مصر 60,2 بليون متر مكعب من مياه النيل وحوالي 4,7 بليون متر مكعب من مياه الآبار، وتعيد استخدام 3،7 بليون متر مكعب سنوياً من مياه المصارف لاستخدامها في الزراعة.
والملوثات السائلة ـ والتي يتم تصريفها سنوياً إلى نهر النيل ـ تصل إلى 16312 مليون متر مكعب منها 312 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصناعي المحتوية على مركبات سامة مثل أملاح الزئبق والكروم والرصاص، وهى من المعادن الثقيلة التي تسبب سمية المياه وعدم صلاحيتها للشرب.
وبالنسبة لحماية المياه من التلوث فقد ناقشها المشرع المصري بتوسع كبير في القانون رقم 48 لسنة 1982 ولائحته التنفيذية المتمثلة في القرار رقم 48 لسنة 1983 في شأن حماية النيل والمجاري المائية من التلوث.
وتوجهت المادتان 10، 11 لوزارتي الزراعة والري بخصوص اختيارهما لأنواع من المواد الكيماوية، سواء لمقاومة الآفات الزراعية أو لمقاومة الحشائش المائية بحيث لا يكون من شأنها إحداث تلوث لمجاري المياه.
وعن مصادر تلوث المياه في مصر يقول الدكتور "حلمي الزنفلي" الأستاذ بقسم بحوث المياه بالمركز القومي للبحوث: إنها تنبع من ثلاثة مصادر رئيسية، وهى الصناعة، والصرف الصحي، والصرف الزراعي، ومصادر أخرى فرعية تتمثل في السلوكيات الخاطئة المتمثلة في إلقاء القمامة والفضلات المنزلية في المجاري المائية.
وقد رصد تقرير برلماني حديث مصادر أخرى لتلوث مياه الشرب، منها تعرض معظم المجاري المائية للتلوث بمياه الصرف الصحي والصناعي والزراعي بصورة مباشرة وغير مباشرة، فضلا عن العوادم والمخلفات الناتجة عن المراكب والسفن السياحية والتجارية، والعائمات السكنية التي تصب معظم عوادم محركاتها في النيل!!
وقد دعا تقرير "مركز الأرض لحقوق الإنسان" لعام 2004 وزارة الري إلى النهوض بدورها في تطهير الترع والمساقي من الحشائش المائية حتى لا تعوق وصول المياه إلى الأراضي.
تلوث المياه
مشكلة الصيانة
وقد نقلت جريدة " الوفد " ـ عن مصدر مسئول بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي ـ اتهامات لوزارة الموارد المائية والري، بإهمال عمليات تطهير مجرى نهر النيل من الطحالب ونبات ورد النيل؛ مما تسبب في إعاقة تشغيل محطة رفع مياه الفسطاط بكامل طاقتها الإنتاجية من مياه الشرب النقية؛ نظرا لانسداد المرشحات المخصصة لعمليات تنقية المياه لينخفض الإنتاج اليومي للمحطة بنسبة 30%، وتنخفض عدد طلمبات الرفع من المآخذ من 10 إلى 7 طلمبات.
وقد توقفت محطة رفع مياه الفسطاط لمدة يومين؛ بسبب هذه المشكلة لتنقطع مياه الشرب النقية عن سكان أحياء مدينة نصر والمعادي القديمة والجديدة والمقطم والهضبة الوسطي والخليفة وعين الصيرة والسيدة زينب ووسط العاصمة.
وأشار المصدر إلى أن محطات الرفع تتعرض لخسائر مالية يومياً؛ نتيجة زيادة حجم الموارد الكيماوية والتحاليل المعملية التي تتم إضافتها إلى المياه العكرة قبل تنقيتها ومعالجتها لضخها إلى شبكات المحطات الفرعية بالأحياء.
وطالبت الشركة القابضة أجهزة وزارة الموارد المائية والري بتكثيف عمليات تطهير مآخذ محطات مياه الرفع لإعادة المحطات إلى كامل طاقتها الإنتاجية ووقف عمليات انقطاع المياه عن سكان المناطق والأحياء.
وعلى جانب آخر، أكدت الدراسات العلمية أن الوسائل التقليدية المستخدمة في تنقية مياه الشرب بالمحطات لم تعد تكفي للقضاء على أطنان الملوثات التي تلقى داخل المياه.
وكشف تقرير ـ صدر عن مجلس الشعب مؤخراـ أن الكلور المستخدم في عملية التنقية يعد أحد أسباب تلوث المياه لما يؤدي إليه من العديد من نواتج التفاعل مثل مركبات الميثاق الهالوجينية، ومركبات حامض الخليك الهالوجينية، وهى مركبات مسرطنة في حالة تفاعلها مع بعض المركبات العضوية في مياه الشرب!!
وأرجع التقرير أسبابا أخرى وراء تلوث مياه الشرب، منها عدم غسيل وتطهير الشبكات بصفة دورية لعدم وجود محابس للغسيل في أطراف الشبكات، وقيام بعض العاملين بحقن الكلور في المواسير بدلا من المحطات التي تكون معطلة؛ مما يؤثر على كفاءة عملية التنقية، فضلا عن تهالك الشبكات وعدم صيانتها، وما تتعرض له المياه في محطات التنقية من تلوث؛ نتيجة عدم مراعاة صيانة أحواض الترسيب والترشيح!
وأرجع التقرير أسباب ارتفاع نسبة الفاقد في مصرـ التي تفوق المعدلات العالمية ـ إلى ضعف كفاءة الشبكات في عدة مناطق، وتدهور حالة بعض محطات المياه، وضعف الإنفاق على أعمال الصيانة والإحلال والتجديد.
وفى دراسة تم إعدادها عن عام 2003 /2004 على عينات مختلفة من المياه قبل المعالجة وبعدها، أثبتت وجود أمونيا وعناصر ثقيلة وإن كانت بنسب متفاوتة، وأشارت إلى أن استخدام الكلور في المعالجة بالمحطات يؤدي إلى أكسدة الأمونيا التي توجد بمياه الشرب قبل المعالجة رغم أن القرار 108 يحظر وجود أمونيا بمياه الشرب ، كما أن مواسير المياه نفسها تعد ناقلة للتلوث، فضلا عن عدم وجود معامل على مستوى عال بمحطات مياه الشرب للكشف عن البكتريا والفيروسات.
وقد أكد العديد من الخبراء على ضرورة تحديث محطات تنقية المياه ودعمها بأجهزة قياس حديثة لمراقبه الجودة، وإنشاء نقاط مراقبة على مواسير وشبكات المياه، والحد من استخدام الكلور، وذلك باستخدام الأوزون والأشعة البنفسجية أو الكربون النشط في معالجة المياه.
ويقول الدكتور"الزنفلي" : إن مشكلة مياه الشرب في مصر تكمن في أن محطات المياه ما زالت تستخدم الطرق التقليدية في المعالجة، وهى غير كافية لإزالة بعض المركبات؛ لذا فإن الدراسات الحديثة تركز أبحاثها للتوصل إلى طرق حديثة لتنقية مياه الشرب.
ويحذر من مشكلة تآكل خطوط توزيع مياه الشرب التي تمثل أحد الأسباب الرئيسية لتلوث المياه، لافتا إلى مسئوليتها عن تسرب مياه الصرف الصحي المحيطة بهذه الخطوط؛ لتندمج مع مياه الشرب ناقلة إليها بعض المواد العضوية الضارة والكائنات الدقيقة التي لها أضرار صحية.
ويضيف أنه برغم وجود نسبة من الكلور المتبقي في مياه الشرب تصل إلى واحد مليجرام لكل لتر، إلا أنه يصعب القضاء على الأعداد الكبيرة من هذه الميكروبات المسببة للعديد من الأمراض مثل بكتريا السالمونيلا، خاصة إذا كانت هذه البكتريا مصحوبة بنسبة عالية من المواد العضوية؛ حيث تدخل هذه البكتريا بشبكات المياه بكثافة مرتفعة تكفي لتلويث آلاف الأمتار المكعبة.