| تفسير أسماء الله الحسنى | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الجمعة يوليو 10, 2009 3:43 pm | |
| الوكيل قال تعالى: {وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً "81"} (سورة النساء) هو الوكيل الكافي لمن توكل عليه، القائم بأمور العباد، وهو الذي من استغنى به أغناه عما سواه، وهو المتصرف في الأمور حسب إرادته، وهو سبحانه الموكول إليه تدبير أمر كل شيء. وقد ذكر "الوكيل" ثلاث عشرة مرة في الكتاب الحكيم: وهو على كل شيء وكيل ـ والله على ما نقول وكيل ـ وكفى بالله وكيلاً ـ وكفى بربك وكيلاً ـ وتوكل على الله ـ وكفى بالله وكيلاً ـ رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً ـ وعلى الله فليتوكل المتوكلون ـ فإذا عزمت فتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين. قال تعالى: {وهو على كل شيء وكيل "102"} (سورة الأنعام) ما معنى وكيل؟ معناها أنه يقوم بأمور نيابة عنه، هذا معنى وكيل، ولكن الله لم يقل: وكيل لك، ولكنه قال: وكيل عليك. فالوكيل لك ينفذ أوامرك، والوكيل عليك هو الوصي عليك يقول: لك ما تفعل. ولذلك يدعو الإنسان أحياناً بالشر فلا يجيب الله، لماذا؟ لأنه وكيل عليك يبعد عنك الشر، ولذلك إذا دعوت دعوة فلم تستجب فاعلم أن الله قد وقاك بعد الاستجابة شراً، أما إذا كانت الدعوة فيها خير فيستجب لها الله. وقوله تعالى: {وهو على كل شيء .. "102"} (سورة الأنعام) معناها أنه على كل شيء يحدث أي ما يدخل في اختيارك، وما لا يدخل الشيء المختار. قد يكون فيه شر، فماذا عن الشيء الذي لا اختيار فيه، يعطي هذا الشيء قانون صيانته الذي يجعله يؤدي عمله على الوجه الأكمل، بحيث إن كل شيء مقهور يؤدي عمله بكفاءة وكمال دون تدخل منك لأن الله وكيل عليه. ولذلك فهو يؤدي مهمته في الكون على الوجه الأكمل، فالشمس مثلاً لا تستطيع أن تقترب من الأرض فتحرقها أو تبتعد عنها فتحولها إلي جبال من الثلج، ولكن لها قانون يجعلها تؤدي مهمتها على الوجه الأكمل، دون أن يتدخل الإنسان، والله وكيل على ذلك كله. فإذا شاء أن يجعلها لا تؤدي مهمتها فعل، كما قال للنار: {كوني برداً وسلاماً على إبراهيم "69"} (سورة الأنبياء) فلم تحرق، وذلك حتى لا يقال: إن الأشياء تعمل بالأسباب وحدها، بل الله وكيل عليها حين يريدها أن تفعل فعلت، وحين يريد ألا تفعل يقول لها: لا تفعل، فتتوقف عن الفعل. والوكيل هو الذي يتولى أمرك، وأنت إذا جعلت واحداً يتولى أمرك فأنت تشهد أنك عاجز عن هذا الأمر، وأن الذي توكله أحكم منك وأقوى، فإذا كانت الأغيار تستولى على الناس، فالغني يصبح فقيراً، والفقير يصبح غنياً، والقوي يصير ضعيفاً، والصحيح يصير مريضاً. وهكذا فالإنسان ابن أغيار، فأنت حين توكل الإنسان فهو غير مضمون، لأنه ابن أغيار. فضلاً عن أنه قد يموت في أي لحظة، فإن كنت حصيفاً فوكل الذي لا تناله الأغيار، ولا يأتيه الموت أبداً. ولذلك ربنا سبحانه حين يعلم خلقه أن يكونوا على وعي وإدراك يقول لهم: {وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده .. "58"} (سورة الفرقان) ومادام الأمر كذلك، فإياك أن تتخذ من دون الله وكيلاً، ولو كان هذا الوكيل هو الواسطة بينك وبين ربك، كالأنبياء لأن الأنبياء لا يأتونك بشيء من عندهم، ولكن من عند الله، لأن الله لو أمسك عنهم الوحي لما وجدوا ما يبلغونه للناس. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الجمعة يوليو 10, 2009 3:45 pm | |
| القوي قال تعالى: {إن ربك هو القوي العزيز "66"} (سورة هود) هو الخلاق العليم، ذو القوة المتين، والقوة لله جميعاً، ولا قوة إلا بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال تعالى: {فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون "15"} (سورة فصلت) وقد ذكر "القوى" سبحانه تسع مرات في القرآن الكريم، فهو تعالى قوي شديد العقاب. ومادام الإنسان قد آمن بأن العبادة لله وحده والاستعانة بقوة الله جل شأنه، مادام هذا الإيمان قد استقر في القلب وظهر في السلوك، فلابد أن تقف قوة الخالق بجانب العبد المؤمن لينتصر على خصوم الإيمان يقول الحق: {إياك نعبد وإياك نستعين "5"} (سورة الفاتحة) وهنا يجب أن نضيف حقيقة، يجب ألا تغيب عن الأذهان. إن على المؤمن ألا يعتقد أن هناك مخلوقاً من مخلوقات الله قادراً على أن يقف معانداً بالفطرة لقوة الله، إنما يقف الخلق المعاندون بعضهم لبعض في صراع لا دخل للإيمان فيه، لذلك فإننا نجد قوياً يهزم ضعيفاً، لكن إذا التحم الضعيف المؤمن بالله وبمنهج الله مع خصم معاند فإن خصمه لن يكون على نفس درجة إيمانه، وحتى ولو كان الخصم قوياً، ولسوف يكون الانتصار للضعيف المؤمن الملتحم بالله وبقوة الله على الذي تخيلنا أنه قوي، لكن قوته مجردة من الإيمان. ولنأخذ من هجرة الرسول الكريم درساً، لقد غادر الرسول الكريم مكة ومعه صديقه أبو بكر في رحلة إلي المدينة ليوفر على المؤمنين هذا العذاب الذي كانوا يتعرضون له من قبل الكفار في قريش، ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر إلي غار يحتميان فيه من الكفار الذين خرجوا للبحث عن محمد رسول الله، وكلنا نعرف قول أبي بكر الصديق لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في هذه اللحظة "لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا". ولذلك كان رد الرسول الكريم على صديقه أبي بكر واضحاً مانعاً يبعث على الاطمئنان، لقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "فما بالك باثنين الله ثالثهما" والقرآن الكريم يؤكد هذا القول الواضح بتلك الآية الكريمة: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم "40"} (سورة التوبة) إن هذا القول الفصل يوضح لنا أن الإيمان المطلق بالله وبأنه مالك كل الأسباب قادر بقوته أن يبعث الطمأنينة والسكينة في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر، والله القوي القادر، وقد خطف من الكفار القدرة على إبصار محمد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والصديق أبي بكر الصديق لحظة تواجدهما في الغار، لوجدنا أن المتغير الأساسي هو أن كليهما في معية الحق سبحانه وتعالى. ومادامت معية الحق هي المسيطرة، فلابد أن يتحقق قوله تبارك وتعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير "103"} (سورة الأنعام) لذلك لم يكن بإمكان أحد من كفار قريش أن يرى محمداً الرسول الكريم وصاحبه أبا بكر الصديق أثناء تواجدهما بالغار. ومن هذه الحكاية نستفيد ما يلي: إن أي صراع يحدث بين إنسان وآخر قد يكون أحدهما قوياً أو يكونان متساويين في القوة، فإن الغلبة والانتصار سيكونان للأقوى. أما إذا قام صراع بين إنسان وآخر، أحدهما ملتحم بالإيمان بالله، فالغلبة للإنسان المؤمن مادام قد آمن بالله. ولن ينتصر عليه أحد إلا إذا شرد بعيداً عن جانب الله. ولقد ضربت مثلاً على ذلك لتقريب المسألة من الذهن العادي ولأوضح بشكل قاطع تلك المسألة العقدية، ولله من قبل ومن بعد المثل الأعلى. قلت: لنفترض أن رجلاً له غلام صغير، ووقف الرجل ليتحدث إلي صديق له فشرد الغلام الصغير بعيداً عن أبيه ليلعب في الشارع، وتصدى لهذا الغلام الصغير أطفال اكبر منه في القوة والعمر، فلمن يلجأ الغلام؟ لابد أنه سيلجأ إلي أبيه، وفي اللحظة التي يلجأ الغلام لأبيه، يصاب الأولاد الأكبر منه بالخوف؛ لأن للطفل أباً قوياً، وأن الوالد قادر على حماية ابنه، يحدث ذلك من أب وابن كليهما مخلوق من مخلوقات الله، فما بالنا بالخلق الكامل المطلق لكل الوجود؟ ماذا يحدث عندما يحتمي صاحب حق ضعيف بالخالق الأعلى؟ ما بالنا بإنسان بذل كل ما في طاقته لتحقيق هدف في حدود منهج الله. فتكاثر عليه أهل الكذب بالله، فاستنجد هذا الإنسان المؤمن بالحي القيوم الذي لا تغفل له عين، ولا تحد قدراته قدرة أو قوة. إن الحماية هنا لن تكون حماية أب لابنه، ولكنها حماية خالق أعظم لمخلوق مؤمن، لذلك فعندما يقف عبد مؤمن ملتحم بقوة وربوبية الله، فلابد أن يهزم العبد الفارغ من ربوبية الله، ولابد أن ينطبق قوله تعالى: {أليس الله بكافٍ عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هادٍ "36"} (سورة الزمر) بهذا المنطلق الإيماني بأن الله حق وغيب، وأنه حاضر لا تدركه الأبصار، وأنه قوي بلا نهاية، بهذا المنطق الإيماني كان محمد الرسول الكريم يواجه قريشاً بكفارها وجهلها وجاهليتها، لقد اختاروا الضلال، واختار الرسول الكريم أن يهديهم إلي التقوى، ولذلك انتصر النبي الملتحم بقوة الحق الأعلى. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الجمعة يوليو 10, 2009 3:47 pm | |
| المتين قال تعالى: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين "58"} (سورة الذاريات) هو الله الرزاق ذو القوة المتين، وهو الذي لا تتناقص قوته. عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى "المتين" يقول "الشديد". وفي اللغة يقال: هو متين القوي، ومن المجاز يقال: رأي متين. واسمه تعالى "المتين" يدل على القوة والقدرة والله سبحانه متم قدره، وبالغ أمره. وقد ذكر "المتين" سبحانه، مرة واحدة في الكتاب المبين في قوله تعالى: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين "58"} (سورة الذاريات) وعندما تتجمع القوة مع القدرة ومع التقدير يكون التوازن العادل بإحسان، فكونه هو الخالق لكل شيء بقدر. وهو القادر على تنفيذ القدر مع تقدير للأمور فتكون القوة من شديد القوى المحكمة. التي لا تعرف التناقض، فقد تكون القوة وتنقصها حكمة التقدير، فيكون الإخلال في المسير، ولكن الله سبحانه وتعالى صاحب القوة ـ وهو شديد القوى حتى تعتدل الموازين في دنيا الأغيار، ويوم يقوم الأشهاد. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الجمعة يوليو 10, 2009 3:49 pm | |
| الولي قال تعالى: {إلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "62"} (سورة يونس) كلمة ولي أي من يليك، أي: من هو قريب منك، ومادام قريباً منك فهو أول من تفزع إليه حين تصادفك عقبة أو مصيبة، ومادمت قريباً منه فهو ينصرني ويفيض علي. فإذا قربت من عالم يعطيني علماً، وإذا قربت من قوي يرفع عني ما لا أستطيع حمله، وإذا قربت من غني يعطني إذا احتجت، فالولي يعني القريب والناصر، والله سبحانه وتعالى هو الولي، تقترب منه فيقترب منك، وتبتعد عنه فيبتعد عنك. وهو الولي للناس كل الناس، لأنه قد يواليك أحد ولا يوالي الآخرين، وهو الولي الذي قربه من خلق لا يبعده عن خلق، لأن الولي قد يكون قريباً من إنسان بعيداً عن الآخر، ولكن الله جل جلاله لا يشغله شيء، فهو قريب منك، وقريب من كل خلقه. والله هو الولي الحق لأنه قد يواليك من يطمع في مالك، ويواليك من يطمع في قوتك، ويواليك من يريد أن يستغل نفوذك، ولكن الله سبحانه وتعالى غني عنا جميعاً، وعما في أيدينا، ولذلك فهو ولي لا يأخذ منا ولكن يعطينا الحق جل جلاله يقول: {إلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "62"} (سورة يونس) وهكذا بين لنا أن هؤلاء أولياء لمن؟ لله جل جلاله أي: المقربين من الله، فهذه ولاية من الخلق لله، وهناك ولاية من الله للخلق، وذلك في قوله تبارك وتعالى: {والله ولي الذين آمنوا .. "257"} (سورة البقرة) أي: الله قريب من المؤمنين، فمرة يقترب الخلق من الله، ومرة الله سبحانه وتعالى هو الذي يقترب منهم. أي: مرة تكون الولاية من المؤمنين لله، ومرة تكون الولاية من الله للمؤمنين، أيهما تأتي أولاً؟ نقول: إن لله سبحانه وتعالى طلاقة القدرة في كونه، يرى خصلة من خير في عبد من عباده، فيكرمه أولاً، فيصبح طائعاً مخلصاً ثانياً. لذلك فإن كل عاص تاب، وكل إنسان كان بعيداً عن المنهج ودخل فيه لابد أن فيه خصلة خير أحبها الله فهداه بها، مثل الرجل الذي نزل إلي البئر في يوم شديد الحر ليسقي كلباً يعاني من شدة العطش. لماذا فعل هذا؟ طمعاً في ثواب الله؛ لأنه لا يمكن أن ينافق كلباً، ولكنه أراد أن يفعل خيراً لوجه الله فأحبه الله فغفر له. الإنسان المؤمن إذا أقبل على عمل فإنه يبدؤه مستعيناً بالله سبحانه وتعالى، ثم يأخذ بالأسباب. هب أن إنساناً مؤمناً ذاهباً لشراء صفقة أو لبيع شيء، أول الأشياء أنه يعد الإعداد المادي الدنيوي أخذاً بالأسباب، فإذا كان مشترياً أعد المال، وإذا كان بائعاً أعد السلعة. المهم أنه يعد كل ما هو لازم للصفقة من سلعة وعقود وما شابه ذلك، ثم يبدأ متوكلاً على الله، إن أصاب فهو خير، وإن أخفق فهو خير، إن أصاب فإنه يعلم أن الله سبحانه وتعالى قد وفقه، وكيف لا وقد استعان بسم الله ورعاه في كل شيء، فإذا جاء التوفيق من الله وهو خير أمده الله به، وإن لم يأت التوفيق من الله ولم تتم الصفقة فلابد أن الله رأى فيها شراً فأبعدها عنه. وهناك أشياء كثيرة ظاهرها الخير وحقيقتها غير ذلك. كذلك الله سبحانه وتعالى ـ ولله المثل الأعلى ـ مع عبده المؤمن، هناك إنسان الرزق الكبير يفسده، ويدفعه إلي طريق المعصية والهلاك، فإذا منع الله سبحانه وتعالى عنه فيض الرزق، كان ذلك رحمة به لا ضرر له. وهناك إنسان قلة الرزق تجعله يتجه إلي الجريمة والمعصية والهلاك، فإذا فتح الله عليه في الرزق كان ذلك منجاة له من النار، كلا الشخصين يريد الرزق، وكلا الشخصين مؤمن، لكن الله سبحانه وتعالى وهو يحب عباده المؤمنين يعطي أحدهما ويمنع عن الآخر، وفي العطاء رحمة، وفي المنع رحمة، والإنسان المؤمن يمضي في الحياة وفي قلبه هذا الشعور. وهو يعلم يقيناً أن الله يحب عباده المؤمنين، وهو يعلم يقيناً أن الله ينصر الذين آمنوا، وهو يعلم يقينا أن الله ولي الذين آمنوا في الحياة الدنيا والآخرة، وهو يعلم مالا نعم، فإذا كان لم يوفقه في شيء فمعنى ذلك أنه دفع عنها شراً. ولذلك فإن الإنسان المؤمن يقول: الحمد لله دائماً إذا أعطى، وإذا منع، ويكون راضياً إذا أعطى، وإذا لم يعط، لأنه يحس أن الخير في الاثنين وينطبق عليه قول الله تعالى: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم .. "23"} (سورة الحديد) فتنشأ النفس المؤمنة بعيدة عن القلق، عن الإحباط عن كل ما يمزق النفس البشرية ويهدمها، ويدفعها إلي الجنون والانتحار. أما الكافر فيمضي في الحياة، والله ليس في باله، فهو يعبد الأسباب وحدها، ويعتقد أن الأسباب تعطي بلا مسبب، وأنه هو بذاته يستطيع أن يحقق ما يريد أو كما يحلو لبعض الناس أن يقول يستطيع أن يصنع قدره، ومقاييس الخير والشر عنده هي مقاييسه هو تماماً. كذلك الطفل أو الشاب الذي يعتقد أن المطواة أو المسدس هو خير له، لأنه يحميه من أذى الناس، ليمضي غير المؤمن وليس في قلبه الله، فيأخذ بالأسباب، ويضع نفسه حكماً أعلى على أمور الحياة. وعندما يصطدم بأن شيئاً مما أراده لم يتحقق أو بأنه فشل في تحقيق شيء يحس أنه ضاع، وأنه انتهى، وأنه سيواجه مصيراً أسود، وتضطرب نفسه وتتمزق، فإما أن يهرب من واقع أليم بالانتحار، وإما أن يعجز عقله عن التفكير فيصاب بالجنون. وهكذا رغم رغد الحياة المادية وما تقدمه له مما لا يحصل عليه إنسان آخر في دولة متخلفة، فإنه يحس بعدم الاستقرار، يحس بأن غيره غير آمن، وقد يبقى طوال الليل في فراشه لا ينام، لأن شيئاً قد حدث أراد الله له به خيراً، وهو لا يعلم. وهكذا تختلف الحياة بين المؤمن والكافر، فالمؤمن مطمئن إلي قضاء الله، وأن فيه الخير أعطى أو منع، ولذلك فهو يعيش حياة طيبة لا انفعال فيها، ولا جنون، ولا انتحار، والكافر ينسب الفعل لذاته، ولذلك فهو يعيش حياة تعسة فقدرات الكون التي هي اكبر من قدراته تخيفه، إحساس رهيب بعدم الأمن والأمان. ولو أنه دخل على العمل باسم من سخر له الكون لا بذات قوته لكان ذلك طريقاً إلي سكينة النفس وطيب العيش والحياة الطيبة المطمئنة، ذلك أن الله سبحانه وتعالى يطلق أشياء في الكون حتى لا تؤمن أنت. إن امتلكته هو ملك لك ويستطيع الله سبحانه وتعالى أن يذهبه عنك، فالله سبحانه وتعالى يستطيع أن يعطي وأن يأخذ، وأن يجعل الكون ينفعل أو لا ينفعل، ولكنك أنت لا تستطيع، هذا هو الفرق بين الحق وبين الخلق. قال تعالى: {إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين "196"} (سورة الأعراف) فهو المتكفل بأمور العباد كلها، وهو الذي يتولى الصالحين من عباده، الناصر لمن أطاعه، وذلك بأن الله هو الذي نصر أولياءه، وقهر أعداءه، وقيل: الولي هو الذي أحب أولياءه، ونصرهم على أنفسهم باجتناب المعاصي، وقيل: هو المتولي لأمر عباده المختصين بإحسانه. وقد ذكر "الولي" تعالى ثلاث عشرة مرة في الكتاب المبين. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الجمعة يوليو 10, 2009 3:51 pm | |
| الحميد قال تعالى: {وهدوا إلي صراط الحميد "24"} (سورة الحج) هو الحميد مستوجب الحمد، أهل الثناء بما أثنى على نفسه، وأحمد الله تعالى بجميع محامده، والحمد لله صاحب الحمد ومستحقه، فمن ذا الذي يستحق الحمد سواه؟ بل له الحمد كله لا لغيره، وهو الذي يحمد على كل حال، وفي السراء والضراء. ذلك بأنه سبحانه حكيم حميد. وهو الذي اتصل حمد المؤمنين له تعالى، في أول أم الكتاب: "الحمد لله رب العالمين" في الدنيا وفي الآخرة، وفي قوله تعالى: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين "10"} (سورة يونس) وإن أقوال أهل الجنة وأحوالها لا آخر لها. اللهم إنا نسألك أن نحمدك كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، حمداً لا ينتهي. وقيل في معنى الحميد سبحانه، هو الذي يوفقك للخيرات، ويحمدك عليها، ويمحو عنك السيئات. وقد ذكر "الحميد" تعالى في سبع عشرة مرة في القرآن المجيد، وهو سبحانه الغني الحميد، وهو العزيز الحميد، وهو حميد مجيد، وهو حكيم حميد، وهو الولي الحميد. والحميد: له حق الحمد إيجاداً، فهو الذي أوجدنا من العدم. يقول الحق سبحانه: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28"} (سورة البقرة) وله حق الحمد إمداداً: {أمدكم بما تعلمون "132" أمدكم بأنعامٍ وبنين "133"} (سورة الشعراء) ويقول الحق سبحانه: {استغفروا ربكم إنه كان غفاراً "10" يرسل السماء عليكم مدراراً "11" ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً "12" ما لكم لا ترجون لله وقاراً "13" وقد خلقكم أطواراً "14"} (سورة نوح) وهو المستحق الحمد بقاءً، فهو الباقي بعد فناء كل موجود بلا نهاية. وهو المستحق الحمد خلوداً: {وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين "10"} (سورة يونس) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الجمعة يوليو 10, 2009 3:52 pm | |
| المحصي قال تعالى: {وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيءٍ عدداً "28"} (سورة الجن) هو الذي أحصى كل شيء بعلمه، وهو المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً، العالم بخفيات الأمور ومحصيها، وقيل: المحصي من الإحصاء وهو الإحاطة بحساب الأشياء، وما شأنه التعداد. وفي اللغة يقال: أرض محصاة، أي: كثيرة الحصى، ويقال: هم أكثر من الحصى، وحسناتك لا تحصى، وهذا أمر لا أحصيه أي: لا أطيقه ولا أضبطه. وهذا الاسم الكريم لم يرد في القرآن المبين بصيغة الاسم. ومن شاء فليقرأ: {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتى الرحمن عبداً "93" لقد أحصاهم وعدهم عداً "94"} (سورة مريم) {وكل شيءٍ أحصيناه في إمامٍ مبينٍ "12"} (سورة يس) {وكل شيءٍ أحصيناه كتاباً "29"} (سورة النبأ) ويدخل في هذا الاسم دقة الصانع وإبداع الخالق، فهو المحصي لحاجات الكون، ومرادات الخواطر، وخافيات النفوس، والظاهر من القول، والباطل من الغيب. يقول الحق سبحانه: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتابٍ مبينٍ "59"}(سورة الأنعام) وهذا الاسم له من الخواص ما لا يعلمه إلا الله، حيث يعلم المستقر والمستودع. ويقول الحق سبحانه: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتابٍ مبين "6"} (سورة هود) كما يعلم بدقة الإحصاء مسارات الكون وأفلاك الآفاق، وآفاق الآفاق حيث يقول: {الشمس والقمر بحسبان "5" والنجم والشجر يسجدان "6" والسماء رفعها ووضع الميزان "7" ألا تطغوا في الميزان "8" وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان "9" والأرض وضعها للأنام "10" فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام "11" والحب ذو العصف والريحان "12" فبأي آلاء ربكما تكذبان "13"} (سورة الرحمن) فلو أحصينا المطالب الخاصة والظاهرة، والمطلوبات ظاهرها وباطنها، والتي تنفذ في وقت واحد، وبإحصاء دقيق يدل على أن الله سبحانه وتعالى هو المحصي والمبدئ والمعيد. فكم من مولود يولد، وكم من أرواح قبضت، وكم من عزيز يذل، وكم من ذليل يعز، وكم من تغيير لما هو فيه لغير ما كان فيه. كل ذلك في كتاب مستقر، ولو علم الإنسان أن أفعاله بإحصاء قولاً وحركة وسكوناً، لعلم أنه مراقب وعليه حسيب، فيحاسب نفسه قبل الحساب، ويراقب سلوكه قبل أن تذل الرقاب. يقول الحق سبحانه: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد "16" إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد "17" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد "18" وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد "19" ونفخ في الصور ذلك اليوم الوعيد "20" وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد "21" لقد كنت في غفلةٍ من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد "22"} (سورة ق) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الجمعة يوليو 10, 2009 3:54 pm | |
| المبدئ ـ المعيد قال تعالى: {إنه يبدأ الخلق ثم يعيده .. "4"} (سورة يونس) هو الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلي الممات، ثم يعيدهم بعد الموت إلي الحياة. يقول الحق سبحانه: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28"} (سورة البقرة) ويقول جل علاه: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى "55"} (سورة طه) وفي اللغة يقال: فلان ما يبدئ وما يعيد، إذا لم تكن له حيلة. وقال تعالى: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداُ علينا إنا كنا فاعلين "104"} (سورة الأنبياء) فالله جلت قدرته منه البداية وإليه النهاية. يقول الحق سبحانه: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28"} (سورة البقرة) فكل شيء مخلوق له بداية وله نهاية، والذي يملك البدء والإعادة هو القادر على الإحياء والإماتة؛ لأن الدنيا أعمار، وفيها معمرون، ومادامت الدنيا تنتهي بالآخرة، فكل شيء له نهاية وله بداية. يقول الحق سبحانه: {كل من عليها فانٍ "26"} (سورة الرحمن) وفي سياق الآيات سالفة الذكر نلمح ما يلي: (وكنتم أمواتاً) أي: عدماً (فأحياكم) وهذه بداية. (ثم يميتكم) وهذه نهاية ـ (ثم يحييكم) وهذه بداية (ثم إليه ترجعون) وهذه نهاية تتبعها إما إلي جنة الأبد، أو إلي نار الخلد. وهذه الصفات يختص بها الواحد الأحد، فقد يبدأ الإنسان عملاً وقد ينهيه، ولكن أساسيات هذا الشيء موجودة قبل بدء الخلق فيه، أما نهايته على يد المخلوق فهي نهاية في شيء موجود قد يعود وقد لا يعود. ونضرب لذلك مثلاً ـ ولله المثل الأعلى ـ الزارع بدأ الزرع وجاء حصاده، وهذه بداية ونهاية مقرونة بزمن ومكان. فالزرع من مقدور الله بدليل قوله تعالى: {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون "64"} (سورة الواقعة) والحصاد بأمره: {وآتوا حقه يوم حصاده .. "141"} (سورة الأنعام) والإنسان فاعل بأمره، ومريد بإرادة، مصحوب بحركة وبقدرة، وينطبق عليه البدء والإعادة بخلاف الخالق؛ لأن الخالق هو الأول قبل كل شيء بلا بداية، والباقي بعد فناء كل موجود بلا نهاية. وكل حركة في الكون بما فيه ومن فيه لها بدء ولها نهاية، والكل مملوك لله، فهو الفعال لما يريد، وهو على كل شيء قدير. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الجمعة يوليو 10, 2009 3:55 pm | |
| المحي ـ المميت قال تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيى الموتى وأنه على كل شيء قدير "6"} (سورة الحج) هو خالق الحياة ومعطيها لمن يشاء، وهو الذي أحيا قلوب المؤمنين بنوره، وهو الذي أرسل رسوله بالهدى والحق، ونزل الكتاب، لينذر من كان حياً، ويحق القول على الكافرين، وهو الذي أنزل من السماء ماء، وجعل من الماء كل شيء حي. يقول الحق سبحانه: {وجعلنا من الماء كل شيءٍ حي "30"} (سورة الأنبياء) إنها القدرة المطلقة بدون أسباب، ووقفة هنا تجعلنا نرى كيف اهتدينا بما أفاض الله على بعض خلقه بابتكار أسراره في كونه، إلي أن لكل شيء حياة، إن ورقة النبات المقطوعة تحدث فيها تفاعلات، والذرة فيها تفاعلات، والتفاعل معناه الحركة، والحياة ـ كما نعرف ـ من مظهرها الحركة. وغاية ما هناك أنه يوجد فرق في رؤية الحياة عند العامة، ورؤية الحياة عند الخاصة، إن الإنسان العامي لا يعرف أن النطفة فيها حياة، والحبة فيها حياة ولا يعرف ذلك إلا الخاصة من أهل العلم، إن العامة من الناس يعرفون أن الحبة لا توجد لها حياة مرئية، ونمو ظاهر صحيح. إن هناك فرقاً بين شيء حي وشيء قابل أن يحيا، إن نواة البلح التي نأخذها ونزرعها لتخرج منها نخلة. إنها كنواة تظل مجرد نواة إلي أن يأخذها الإنسان وضعها في بيئتها لتخرج منها النخلة. إن النواة قابلة للحياة، وعندما ننظر إلي ذرات التراب فإننا لا نستطيع أن نضعها في بيئة لنصنع منها شيئاً، ورغم ذلك فإن لذرة التراب حركة، ويقول العلماء: إن الحركة الموجودة في ذرات رأس عيدان علبة الكبريت واحدة تكفي لإدارة خط كهربائي حول الكرة الأرضية عدداً من السنوات، إن هذه أمور يعرفها الخاصة، ولا يعرفها العامة. فإن نظرنا إلي العامة عندما يسمعون قول الحق سبحانه: {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي .. "27"} (سورة آل عمران) كانوا يقولون: إن المثل على ذلك نواة البلح، وكانوا يعرفون النخلة تنمو من النواة، ولكن الخاصة عندما اكتشفوا أن في النواة حياة عرفوا كيفية النمو، إن كل شيء في الوجود له حياة مناسبة لمهمته، فليست الحياة هي الحركة الظاهرة، والنمو الواضح أمام العين، لا إن هناك حياة في كل شيء. إن العامة يمكنهم أن يجدوا المثال الواضح على أن الحق سبحانه يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، أما الخاصة فيعرفون قدرة الله عن طريق معرفتهم، إن كل شيء فيه حياة، فالتراب الذي نضع فيه الزرع لو أخذنا بعضاً منه في مكان معزول فلن يخرج منه شيء. هذا التراب هو الميت في الدرجة الأولى، والنواة التي نأخذها ونضعها في التراب هي الميت في الدرجة الثانية، وعندما ننقل الميت في الدرجة الأولى ليكون وسطاً بيئياً للميت في الدرجة الثانية تكون له حياة، وكذلك تكون حياة التراب، وعندما ننقل الميت في الدرجة الثانية وهو النواة إلي الوسط البيئي المناسب لها وهو التراب تكون لها حياة. وقد مس القرآن ذلك مساً رقيقاً؛ لأن القرآن حين يخاطب بأشياء قد تقف فيها العقول، فإنه يتناولها التناول الذي تقبله كل العقول، فعقل الصفوة يتقبلها، وعقل العامة يتقبلها أيضاً، لأن القرآن عندما يلمس أي أمر يلمسه بلفظ راقٍ يتقبله كل بحسب فتوحاته. ثم يكشف العقل البشري تفاصيل جديدة في هذا الأمر، فإن ذلك يتيح للعقل البشري الفرصة ليزيد إيمانه بالخالق الأكرم الذي لم يقل لنا إن الذرة فيها حركة، وفيها شحنات من نوع من الطاقة، ولكن القرآن تناول الذرة وغيرها من الأشياء بالبيان الإلهي القادر، وخصوصاً أن هذه الأشياء لن يترتب عليها خلاف في الحكم. فلو عرف الإنسان وقت نزول القرآن أن الذرة بها حياة، فما الذي يزيد في الأحكام، ولو أن أحداً أثبت أن الذرة ليس بها حياة، فما الذي ينقص من أحكام المنهج الإيماني؟ إن الإنسان ينتفع بالظاهرة أو القضية سواء عرفها أم يعرفها، وعندما نأخذ القرآن مأخذ الواعين به، ونفهم معطيات الألفاظ فإننا نجد أن كلمة (الحياة) لها ضد هو (الموت)، وقد ترك الحق سبحانه كلمة الموت وأورد لنا كلمة أخرى هي (الهلاك). قال الحق سبحانه: {ليهلك من هلك عن بينةٍ ويحيى من حي عن بينةٍ وإن الله لسميع عليم "42"} (سورة الأنفال) إن الهلاك هنا هو مقابل الحياة، لماذا لم يورد الحق كلمة (الموت) هنا؟ لأنه الخالق الأعلم بعباده، يعلم أن عباده يختلفون في مسألة الموت، فبعض منهم يقول تعريفاً للميت: إنه الذي لا توجد به حركة أو حس، ولكن هذا الميت له حياة مناسبة له كحياة الذرة، أو حياة حبة الرمل، أو حياة أي شيء ميت. وهكذا عرفنا من الآية السابقة أن الحياة يقابلها الهلاك. ويقول الحق سبحانه عن الآخرة ليوضح لنا ما الذي يحدث يوم القيامة، فيقول سبحانه: {كل شيء هالك إلا وجهه .. "88"} (سورة القصص) استثنى الحق سبحانه الوجه أو الذات الإلهية وكل ما عداها هالك، ومادام كل شيء هالكاً فمعنى ذلك أن كل ما عداه هالك، ومادام كل شيء هالكاً فمعنى ذلك أن كل شيء كان حياً، وإن لم ندرك له حياة. إذن: فالحياة الحقيقية توجد في كل شيء بما يناسبه، مرة تدركها أنت، ومرة لا تدركها، إذن: فقوله الكريم: {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي .. "27"} (سورة آل عمران | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الجمعة يوليو 10, 2009 3:57 pm | |
| الحي قال تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) وصفة "الحي" هي أول صفة يجب أن تكون لله جل علاه؛ لأن القدرة والعلم بعد الحياة، فكل صفة تأتي بعد الصفة الأولى للحق وهي (الحي)، فلو كان عدماً ـ والعياذ بالله ـ لما جاءت أي صفة بعد ذلك. فكلمة "حي" عندما نسمعها توضح لنا أنه يستحيل معها ألا يكون قادراً ولا مدركاً. ولقد احتار الفلاسفة في معنى "حي" حتى توصلوا إلي ذلك التعريف، فهناك من قال عن "الحي": هو الذي يكون على صفة تجعله مدركاً إن وجد ما يدرك، كأنه يعني بذلك الحياة فيما يعلمه من حياتنا نحن وحياة ما دوننا. أما إن أردت تعريف "الحي" بالمعنى الواسع الدقيق، فإن الحياة هي أن يكون الشيء على الصفة التي تبقى صلاحيته لمهمته، هذا هو التعريف الدقيق. ويجب أن يكون التعريف كذلك، وأكرره مرة أخرى حتى يستقر في الأذهان "الحي" هو الذي يكون على صفة تبقى له صلاحيته لمهمته، ولله المثل الأعلى فإذا نظرنا إلي النبات، فإنه عندما ينمو فإن معنى ذلك أن فيه حياة؛ لأن النمو يحدث للنبات فتكون له صلاحية في مهمته، فإذا قطع النبات فإنه يفقد صلاحيته لمهمته، تماماً كما يموت الإنسان، ولله المثل الأعلى. فلو نظرنا إلي العناصر الجامدة عندما تختلط ببعضها فتتفاعل، إن هذا التفاعل مظهر وجود حياة مناسبة لهذه العناصر الجامدة، وليست كحياتنا نحن، فإذا نظرنا إلي الأحجار المسماة "بالزلط" الناعمة الملساء، فهل نجدها على مقدار واحد؟ لا .. لأن حجم كل واحدة من تلك الأحجار يختلف عن الأخرى، وهذا دليل على أنها تختلف في مراحل النمو، وهو نمو خاص بها، فلو أن هذه الأحجار قد ظلت في بيئتها الطبيعية لكبرت أو تفتتت إلي أحجار أصغر لتنمو مرة أخرى بشكل مناسب لأسلوب حياتها، ويكون نموها على الهيئة التي أرادها الله لها. ولكن الإنسان حين يستخدم هذه الأحجار ليضعها على سبيل المثال بين قضبان السكك الحديدية فإنه يخرج بها من بيئتها، وإن كانت لها صلاحية جديدة تولد في موقعها الجديد. فمن حكمة الخالق الأعظم أنه لا يوجد شيء تنتهي جدواه أبداً، إنما ينتقل الشيء من مهمة إلي أخرى، فنأخذ من أحجار الزلط ما نطحنه ونصنع منه الرمل أو نقيم منه أحجاراً اكبر، وهذه مهام أخرى. إذن: فكل شيء يكون على صفة تبقى له صلاحيته للمهمة فإن له حياة، ونحن لا نأتي بهذا الكلام من عندنا، ولكننا والحمد لله نقرأ القرآن الكريم بإمعان وتدبر. ونسأل: ما الذي قابل الهلاك، إن الحياة بالمعنى البشري، وفي الذهن العادي يقابلها الموت، لكن الحياة بالمعنى الدقيق يقابلها الهلاك، بدليل أن الحق سبحانه وتعالى يقول: {ليهلك من هلك عن بينةٍ ويحيى من حي عن بينةٍ .. "42"} (سورة الأنفال) إذن: فالحياة مقابلة للهلاك، ويقول سبحانه وتعالى عن الآخرة: {كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون "88"} (سورة القصص) إن كل شيء في الكون هالك وفانٍ، إلا الله، فهو سبحانه الخالد الذي له القضاء النافذ في الدنيا والآخرة، وإليه مصير الخلق أجمعين. ومادام الحق ـ سبحانه وتعالى ـ قد قرر أن كل شيء هالك، فلنا أن نسأل: أليست الحجارة شيئاً؟ وهل ستدخل إلي الهلاك يوم القيامة؟ إذن: فالحجارة لها حياة مناسبة لها قبل يوم القيامة، ولكن نحن البشر لا نفطن إلي ذلك لأننا نظن أن الحياة هي الحس والحركة الظاهرة. وقد أثبت العلماء الآن أن الذرة فيها عملية جولان وعملية دوران، لكننا نحن لا نفهم ذلك، أما العلماء فقد جعلهم الله جسراً ليشرحوا لنا قدر الحياة في أدق الكائنات. إن الإنسان حين يضع ورقة من النبات تحت المجهر فإنه يرى الخلايا وما يتم بداخلها من عمليات، ولسوف يدهش لقدرة الخالق سبحانه وتعالى؛ لأن في هذه الأوراق الدقيقة حياة، قد تكون أرقى من حياتنا، وأدق من حياتنا. إذن: فكل شيء له حياة مناسبة له. وإياك أن تظن أيها الإنسان أنك أنت الذي تهلك هذه الحياة في تلك الكائنات .. لا .. إنك عندما تحضر قطعة من الحجر وتطحنها، وتضعها في الفرن لتصنع منها الجير، فإياك أن تظن أنك أذهبت منها الحياة .. لا. كل الذي حدث أن الله أقدرك على أن تحول هذه الأحجار من وضع الحجر الصلد إلي وضع حياة أخرى هي حياة الجير الذي تؤدي مهمة أخرى. وهكذا تتسلسل المسائل ليكون لكل شيء في الوجود حياة مناسبة، وهي الصفة التي تجعل له الصلاحية لمهمة معينة، ولننظر إلي مهمة الحق، وما مداها؟ وما إمكاناتها؟ إنها فوق التخيل والتصور، إنها المهمة العليا، إنها الحياة العليا، إنه الحي الأعلى، ولا أحد قادر على أن يسلب منه الحياة؛ لأن أحداً لم يعط له الحياة. إن حياة الحق سبحانه ذاتية، إنه الحي على إطلاقه، أما الحي الذي ليس على إطلاقه فهو الحي الذي يمكن أن تسلب منه الحياة. لذلك قال الحق جل علاه: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) فجاء بضمير (هو) لانفراد صفة الله عن صفة الخلق، فهو حي بإطلاق، أما حياة المخلوق فهو حي بقيد. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الجمعة يوليو 10, 2009 4:00 pm | |
| القيوم قال تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) لم يوجد إله آخر حتى يرينا نفسه ودلائل قدرته، ومادام قد أخبرنا الله بالقضية الواضحة أنه لا إله إلا هو، فلابد أنه القيوم لإدارة الكون؛ لأن هذا الكون يحتاج إلي قيومية لإدارته. إن القيومية اللازمة لإدارة الكون تتطلب أن يكون القيوم سبحانه وتعالى له أزلية الحياة أنه حي، وحياته باقية بقاء الأبد الذي لا يعرف الحد من أجل المدد لكل الأجناس، للإنسان والحيوان والجماد وما سوى ذلك. وهو سبحانه قيوم، ويقال عنها في اللغة: صيغة المبالغة، وصيغة المبالغة في اللغة بمعنى أنه إذا ما وقع حدث فإنه يقع مرة على صورة عادية، ومرة أخرى قد يقع على صورة قوية. ونحن نقول عن واحد إنه "أخير"، و"أخير" هذه تختلف عن قولنا "آخر"، وإذا كان الله قيوماً على كل عوامل الكون، فهل نقول "قائم" أم نقول "قيوم"؟ إننا نقول "قيوم"؛ لأنها تعني أنه قائم بذاته ولم يقمه غيره. إن قيام الحق المتعال هو قيام أزلي. إذن: فكلمة "قيوم" هي صيغة مبالغة من القيام على الأمر، إنه قائم بنفسه، قائم بذاته لم يقمه أحد، وهو الخالق الذي يقيم غيره، والغي متعد متكرر وقوله الحق: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) هو سند المؤمن في كل حركات حياته. وأضرب هذا المثل لا للتشبيه ولكن للتقريب إلي الذهن، فالله جل علاه منزه عن التشبيه، وله المثل الأعلى: إننا في حياتنا البشرية نجد الأب ونجد الولد، فهل يحمل الولد هماً لأي مسألة من مسائل الحياة؟ طبعاً لا .. لأن الأب متكفل بها، فإذا كنا نقول: من له أب لا يحمل هماً، فما بالنا بالذي له رب، والمثل الريفي يقول: "من له أب لا يحمل هماً، ومن له رب فعليه أن يستحي فلا يحمل هماً للرزق". إن الله سبحانه قد طمأننا جميعاً بأن أبلغنا أنه حي قيوم، ويؤكد لنا الحق سبحانه هذه القيومية في سورة البقرة حين تكلمنا عن آية الكرسي، فقال الحق سبحانه لنا عن ذاته: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) إن الحق سبحانه يطمئننا ويقول لنا: "إن نمتم فأنا لا أنام، لأن الحي القيوم لا ينام"، هكذا يعطي الإيمان بالله الأمن والأمان، لأن المؤمن محروس في حركة حياته بإيمانه، بأن الله لا إله إلا هو الحي القيوم القائم بأمر الخلق جميعاً. هناك من يقول: إن الله سبحانه وتعالى خلق الكون ووضع له قوانينه، ثم تركه بعد ذلك يعمل بهذه القوانين، ولكنني لا أوافق على هذا القول، الله خلق الكون، وخلق له قوانينه نعم، ولكنه قائم عليه، فلا يترك كونه لحظة واحدة. ولو كانت المسألة هي قوانين الكون وحدها، تعمل بلا تدخل من المشيئة، لعبد الناس القوانين، ولنقرأ الآية الكريمة التي يفزع إليها كل مؤمن إذا أحس بضرر أو واجهة سوء، يقول الله سبحانه وتعالى في هذه الآية: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) ومعنى "الحي" أنه دائم الحياة والوجود، لا يدركه الموت؛ لأنه خلق الحياة والموت، ومعنى "القيوم" أي: القائم على ملكه، وهذه تحتاج إلي تفسير، لأن كثيراً من الناس يردد أن الكون يمشي بالقوانين التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وهي قوانين دقيقة لا تختل بالزمن، ولا تتأثر بأي شيء. ولكن الله ـ سبحانه وتعالى ـ يريد أن يخبرنا أنه خلق الكون، ووضع له قوانينه ولكنه قائم عليه، أي: أن الله سبحانه وتعالى قائم على ملكه لا يتركه لحظة واحدة، والله طلب منا أن نأخذ بالأسباب. فهناك دائماً "القيوم" القائم على ملكه الذي يمكن أن يفتح الأبواب، ويحقق ما تحسبه مستحيلاً وغير ممكن، وحينما لا تستجيب الأسباب فإن المؤمن يفزع إلي ربه ويرفع يديه إلي السماء ويقول "يا رب". وكلمة يا رب إيمان بأن الله سبحانه وتعالى قائم على ملكه، فحين يفزع المؤمن إلي الله إنما يعلم أن الله قادر متى عجزت الأسباب، وهو قائم على كونه في كل لحظة وثانية، يبدل العسر يسراً، واليأس أملاً وفرجاً. "فهاجر" ـ رضي الله عنها ـ تركت وليدها عند بئر زمزم، وانطلقت تسعى من أجل الماء، ولكن الأسباب لم تستجب لها، وبعد سبعة أشواط تعبت وتسرب اليأس إلي قلبها، فضرب وليدها الأرض بقدمه، وهو الطفل الضعيف الذي لا يملك من أسباب الدنيا شيئاً فانفجرت الماء. الأم القادرة التي تستطيع أن تسير هنا وهناك، وتبحث عن الماء والتي تملك قوة الأسباب لم تستجب لها هذه الأسباب، والطفل الرضيع العاجز الذي لا يملك من الأسباب من يجعله قادراً على أن يسقي نفسه شربة ماء، هذا الطفل العاجز الصغير الرضيع ضرب الأرض بقدمه فانفجر الماء. لو نظر كل منا إلي حياته لوجد أنه قد مر فيها أوقات توقفت خلالها كل الأسباب وأحس باليأس، وجلس يقلب المشكلة فلم يجد حلاً، ثم فجأة جاء الحل من حيث لا يعلم ولا يدري. إذن: فالله سبحانه وتعالى قائم على ملكه تفزع إليه النفس المؤمنة، عندما تتعطل الأسباب، وهي واثقة أن الله سبحانه وتعالى يستطيع أن يعطيها عندما تعجز الأسباب، وتقف الدنيا عن العطاء، ثم تمضي الآية الكريمة: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) أي: أن الله سبحانه وتعالى لا ينام أبداً، ولا يغفل أبداً، وهنا يريد الله أن يزيد اطمئنان النفس التي يصيبها الفزع من هموم الدنيا، يريد أن يعيد إليها الطمأنينة والأمان، فيذكرها بأنه: {لا تأخذه سنة ولا نوم .. "255"} (سورة البقرة) أي: لا يغفل عن شيء أبداً، ولا يخرج عن علمه شيء في الكون، فإذا لم ير الناس جميعاً فالله يرى، وإذا لم يسمع الناس جميعاً فالله يسمع، وإذا لم تصل عدالة الأرض لتقتص من الظالم فإن هناك عدالة السماء موجودة. يقول الحق سبحانه: {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار "42"} (سورة إبراهيم) ومن هنا تكون هذه النفس المؤمنة مطمئنة إلي أن الله سبحانه وتعالى ليس غافلاً عما يعمل الظالمون. {لا تأخذه سنة .. "255"} (سورة البقرة) أي: لحظة يغفل فيها، وتكون هذه النفس المؤمنة مطمئنة إلي أن الله يحرسها ويدافع عنها، فتنام ليلها ملء جفونها، لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى لا ينام. والله سبحانه وتعالى هنا يريد أن يقول لكل مؤمن: نم أنت ولا تخش شيئاً، فإني أحرسك وأرعاك وأنت نائم وأنت مستيقظ، فلا تدع القلق يدخل نفسك، وتحس أنك نمت نال منك عدوك أو أصابك أذى. تذكر دائماً وأنت تذهب لفراشك لتنام والقلق يملأ قلبك أن الله سبحانه وتعالى لا ينام، وأنه يحميك، فكن مطمئناً وأنت في حماية الله. وإذا كان الإنسان ينام مطمئناً إذا وضع على منزله حارساً أو غفيراً أو رجلاً ساهراً لا ينام الليل، فكيف بمن يحرسه الله. {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا .. "55"} (سورة النور) ومن هنا فإن المؤمن يحس دائماً أنه في أمن وأمان؛ لأن الله هو الذي يرعاه في أحلك الأوقات وفي أشد اللحظات. يقول الحق سبحانه: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن "82"} (سورة الأنعام) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الجمعة يوليو 10, 2009 4:00 pm | |
| القيوم قال تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) لم يوجد إله آخر حتى يرينا نفسه ودلائل قدرته، ومادام قد أخبرنا الله بالقضية الواضحة أنه لا إله إلا هو، فلابد أنه القيوم لإدارة الكون؛ لأن هذا الكون يحتاج إلي قيومية لإدارته. إن القيومية اللازمة لإدارة الكون تتطلب أن يكون القيوم سبحانه وتعالى له أزلية الحياة أنه حي، وحياته باقية بقاء الأبد الذي لا يعرف الحد من أجل المدد لكل الأجناس، للإنسان والحيوان والجماد وما سوى ذلك. وهو سبحانه قيوم، ويقال عنها في اللغة: صيغة المبالغة، وصيغة المبالغة في اللغة بمعنى أنه إذا ما وقع حدث فإنه يقع مرة على صورة عادية، ومرة أخرى قد يقع على صورة قوية. ونحن نقول عن واحد إنه "أخير"، و"أخير" هذه تختلف عن قولنا "آخر"، وإذا كان الله قيوماً على كل عوامل الكون، فهل نقول "قائم" أم نقول "قيوم"؟ إننا نقول "قيوم"؛ لأنها تعني أنه قائم بذاته ولم يقمه غيره. إن قيام الحق المتعال هو قيام أزلي. إذن: فكلمة "قيوم" هي صيغة مبالغة من القيام على الأمر، إنه قائم بنفسه، قائم بذاته لم يقمه أحد، وهو الخالق الذي يقيم غيره، والغي متعد متكرر وقوله الحق: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) هو سند المؤمن في كل حركات حياته. وأضرب هذا المثل لا للتشبيه ولكن للتقريب إلي الذهن، فالله جل علاه منزه عن التشبيه، وله المثل الأعلى: إننا في حياتنا البشرية نجد الأب ونجد الولد، فهل يحمل الولد هماً لأي مسألة من مسائل الحياة؟ طبعاً لا .. لأن الأب متكفل بها، فإذا كنا نقول: من له أب لا يحمل هماً، فما بالنا بالذي له رب، والمثل الريفي يقول: "من له أب لا يحمل هماً، ومن له رب فعليه أن يستحي فلا يحمل هماً للرزق". إن الله سبحانه قد طمأننا جميعاً بأن أبلغنا أنه حي قيوم، ويؤكد لنا الحق سبحانه هذه القيومية في سورة البقرة حين تكلمنا عن آية الكرسي، فقال الحق سبحانه لنا عن ذاته: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) إن الحق سبحانه يطمئننا ويقول لنا: "إن نمتم فأنا لا أنام، لأن الحي القيوم لا ينام"، هكذا يعطي الإيمان بالله الأمن والأمان، لأن المؤمن محروس في حركة حياته بإيمانه، بأن الله لا إله إلا هو الحي القيوم القائم بأمر الخلق جميعاً. هناك من يقول: إن الله سبحانه وتعالى خلق الكون ووضع له قوانينه، ثم تركه بعد ذلك يعمل بهذه القوانين، ولكنني لا أوافق على هذا القول، الله خلق الكون، وخلق له قوانينه نعم، ولكنه قائم عليه، فلا يترك كونه لحظة واحدة. ولو كانت المسألة هي قوانين الكون وحدها، تعمل بلا تدخل من المشيئة، لعبد الناس القوانين، ولنقرأ الآية الكريمة التي يفزع إليها كل مؤمن إذا أحس بضرر أو واجهة سوء، يقول الله سبحانه وتعالى في هذه الآية: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) ومعنى "الحي" أنه دائم الحياة والوجود، لا يدركه الموت؛ لأنه خلق الحياة والموت، ومعنى "القيوم" أي: القائم على ملكه، وهذه تحتاج إلي تفسير، لأن كثيراً من الناس يردد أن الكون يمشي بالقوانين التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وهي قوانين دقيقة لا تختل بالزمن، ولا تتأثر بأي شيء. ولكن الله ـ سبحانه وتعالى ـ يريد أن يخبرنا أنه خلق الكون، ووضع له قوانينه ولكنه قائم عليه، أي: أن الله سبحانه وتعالى قائم على ملكه لا يتركه لحظة واحدة، والله طلب منا أن نأخذ بالأسباب. فهناك دائماً "القيوم" القائم على ملكه الذي يمكن أن يفتح الأبواب، ويحقق ما تحسبه مستحيلاً وغير ممكن، وحينما لا تستجيب الأسباب فإن المؤمن يفزع إلي ربه ويرفع يديه إلي السماء ويقول "يا رب". وكلمة يا رب إيمان بأن الله سبحانه وتعالى قائم على ملكه، فحين يفزع المؤمن إلي الله إنما يعلم أن الله قادر متى عجزت الأسباب، وهو قائم على كونه في كل لحظة وثانية، يبدل العسر يسراً، واليأس أملاً وفرجاً. "فهاجر" ـ رضي الله عنها ـ تركت وليدها عند بئر زمزم، وانطلقت تسعى من أجل الماء، ولكن الأسباب لم تستجب لها، وبعد سبعة أشواط تعبت وتسرب اليأس إلي قلبها، فضرب وليدها الأرض بقدمه، وهو الطفل الضعيف الذي لا يملك من أسباب الدنيا شيئاً فانفجرت الماء. الأم القادرة التي تستطيع أن تسير هنا وهناك، وتبحث عن الماء والتي تملك قوة الأسباب لم تستجب لها هذه الأسباب، والطفل الرضيع العاجز الذي لا يملك من الأسباب من يجعله قادراً على أن يسقي نفسه شربة ماء، هذا الطفل العاجز الصغير الرضيع ضرب الأرض بقدمه فانفجر الماء. لو نظر كل منا إلي حياته لوجد أنه قد مر فيها أوقات توقفت خلالها كل الأسباب وأحس باليأس، وجلس يقلب المشكلة فلم يجد حلاً، ثم فجأة جاء الحل من حيث لا يعلم ولا يدري. إذن: فالله سبحانه وتعالى قائم على ملكه تفزع إليه النفس المؤمنة، عندما تتعطل الأسباب، وهي واثقة أن الله سبحانه وتعالى يستطيع أن يعطيها عندما تعجز الأسباب، وتقف الدنيا عن العطاء، ثم تمضي الآية الكريمة: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم .. "255"} (سورة البقرة) أي: أن الله سبحانه وتعالى لا ينام أبداً، ولا يغفل أبداً، وهنا يريد الله أن يزيد اطمئنان النفس التي يصيبها الفزع من هموم الدنيا، يريد أن يعيد إليها الطمأنينة والأمان، فيذكرها بأنه: {لا تأخذه سنة ولا نوم .. "255"} (سورة البقرة) أي: لا يغفل عن شيء أبداً، ولا يخرج عن علمه شيء في الكون، فإذا لم ير الناس جميعاً فالله يرى، وإذا لم يسمع الناس جميعاً فالله يسمع، وإذا لم تصل عدالة الأرض لتقتص من الظالم فإن هناك عدالة السماء موجودة. يقول الحق سبحانه: {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار "42"} (سورة إبراهيم) ومن هنا تكون هذه النفس المؤمنة مطمئنة إلي أن الله سبحانه وتعالى ليس غافلاً عما يعمل الظالمون. {لا تأخذه سنة .. "255"} (سورة البقرة) أي: لحظة يغفل فيها، وتكون هذه النفس المؤمنة مطمئنة إلي أن الله يحرسها ويدافع عنها، فتنام ليلها ملء جفونها، لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى لا ينام. والله سبحانه وتعالى هنا يريد أن يقول لكل مؤمن: نم أنت ولا تخش شيئاً، فإني أحرسك وأرعاك وأنت نائم وأنت مستيقظ، فلا تدع القلق يدخل نفسك، وتحس أنك نمت نال منك عدوك أو أصابك أذى. تذكر دائماً وأنت تذهب لفراشك لتنام والقلق يملأ قلبك أن الله سبحانه وتعالى لا ينام، وأنه يحميك، فكن مطمئناً وأنت في حماية الله. وإذا كان الإنسان ينام مطمئناً إذا وضع على منزله حارساً أو غفيراً أو رجلاً ساهراً لا ينام الليل، فكيف بمن يحرسه الله. {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا .. "55"} (سورة النور) ومن هنا فإن المؤمن يحس دائماً أنه في أمن وأمان؛ لأن الله هو الذي يرعاه في أحلك الأوقات وفي أشد اللحظات. يقول الحق سبحانه: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن "82"} (سورة الأنعام) | |
|
| |
Admin Admin
نقاط : 15200 السٌّمعَة : 63
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: رد: تفسير أسماء الله الحسنى الجمعة يوليو 10, 2009 4:41 pm | |
| | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: رد/متابعة السبت يوليو 11, 2009 6:10 am | |
| قلت من قبل أن الموضوع لم ينتهي بع وأني سوف أكتبه إن شاء الله حين ينتهي وكان ذلك في الصفحة الأولى ********************************************** الواجد قال تعالى: {وإن من شيءٍ إلا عندنا خزائنه .. "21"} (سورة الحجر) قيل: الواجد الذي لا يضل عنده شيء، ولا يفوته شيء. وقيل: الواجد مأخوذ من الوجدان بمعنى العلم الناشئ عن الوجدان. ويقال: وجدت فلاناً فقيهاً. أي: علمت كونه كذلك. وقيل: الواجد هو الله، يجد كل ما يطلبه ويريده، ولا يعوزه شيء من ذلك، ولا يعجزه شيء، ولا يفوته شيء. فهو الواجد للحركة مع نفاذ أمره؛ لأن أمره في كينونته، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، ومادام عنده مفاتح الغيب فهو صاحب الإيجاد والإمداد. ويقول الحق سبحانه وتعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو .. "59"} (سورة الأنعام) هو رب الإيجاد فقد خلقنا من العدم، وأوجدنا ولم نكن شيئاً مذكوراً. يقول الحق سبحانه: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً "1"} (سورة الإنسان) ويقول: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28"} (سورة البقرة) وهو رب الإمداد، يقول الحق: {أمدكم بما تعلمون "132" أمدكم بأنعامٍ وبنين "133"} (سورة الشعراء) وهو رب الخلود، يقول الحق سبحانه: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه "19" إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه "20" فهو في عيشةٍ راضيةٍ "21" في جنةٍ عاليةٍ "22"} (سورة الحاقة) كما يقول: {وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه "25" ولم أدر ما حسابيه "26" يا ليتها كانت القاضية "27" ما أغنى عني ماليه "28" هلك عني سلطانيه "29"} (سورة الحاقة) إذن: إن حياة الخلود إما إلي جنة أبداً، أو إلي نار أبداً. وهو الواجد لكل ما في الكون، وما وراء الكون، وفوق الكون، فهو المحيط بمدد، وهو على كل شيء قدير. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 6:14 am | |
| الماجد "اللهم أنت الماجد المجيد، الفعال لما يريد، نسألك الإمداد يوم الوعيد" هو الذي تعطف بالمجد وتكرم به ـ فهو العظيم القدر، العظيم الشرف، الواسع الكرم. ويجوز أن يكون الماجد بمعنى المجيد، كالعلم بمعنى العليم. عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن ربه عز وجل قال: يقول: "يا عبادي، كلكم مذنب إلا من عافيت، فاستغفروني أغفر لكم بقدرتي، من علم منكم أني ذو مقدرة على المغفرة فاستغفرني غفرت له ولا أبالي، وكلكم هالك إلا من هديت فسلوني الهدى أهديكم، وكلكم فقير إلا من أغنيت فسلوني أرزقكم، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم ورطبكم ويابسكم وحيكم وميتكم اجتمعوا على اتقى قلب عبد من عبادي لم يزد ذلك في ملكي جناح بعوضة، ولو اجتمعوا على أشقى قلب عبد من عبادي، لم ينقص ذلك من ملكي جناح بعوضة، ولو أن أولكم وآخركم ورطبكم ويابسكم وحيكم وميتكم اجتمعوا فسأل كل سائل منكم ما سأل لم ينقص ذلك مما عندي شيئاً. كما لو أن أحدكم مر على شفة البحر فخمس فيه إبره ثم انتزعها، ذلك بأني جواد "ماجد" أفعل ما أشاء، عطائي كلام، وإذا أردت شيئاً فإنما أقول له كن فيكون". وهذا الاسم الكريم غير مذكور في القرآن، بل المذكور "المجيد". | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 6:16 am | |
| الواحد قال تعالى: {وليعلموا أنما هو إله واحد .. "52"} (سورة إبراهيم) هو الواحد في ذاته لا شريك له، وهو الواحد في صفاته الأزلية لا نظير له، وهو الواحد في أفعاله لا منازع له. أي: أن الواحد هو الفرد المنفرد في ذاته وصفاته وأفعاله. فهو واحد في ذاته، لا يتجزأ لا يتناهى. واحد في صفاته، لا يشبه شيئاً، ولا يشبهه شيء. واحد في أفعاله لا شريك له. وقد فسر قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله وتر يحب الوتر". يعني: يحب القلب المنفرد له تعالى. وقد قال الشاعر في هذا المعنى: إذا كان من تهواه في الحسن واحداً فكن واحداً في الحب إن كنت تهواه وفي الحديث أنه عليه السلام سمع رجلاً يقول في دعائه: "اللهم إني أسألك بأنك أنت الله "الواحد" الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد" فقال: "لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب، وإذا سئل به أعطى". وكلمة "واحد" تعني أول العدد، وهو أيضاً في تعريفه أصل العدد؛ لأن عدد أي شيء يبدأ من واحد مضموم إليه أعداد أخرى، وعندما يقول العلماء بتعريف أي "عدد" آخر غير الواحد فإنهم يقولون: إنه نصف مجموع حاشيتيه المتساويتين، فماذا يعني ذلك؟ لنفترض أن رجلاً يجلس على يمين رجلين، هنا نعتبر الرجل الذي يجلس على اليمين الحاشية الأولى، ونعتبر الرجل الذي يجلس على اليسار الحاشية الثانية، وهكذا يكون الرجل الجالس بين الرجلين مساوياً لنصف مجموع الحاشيتين المتساويتين. وعندما نأخذ أي عدد بين حاشيتين فعلينا أن نأخذ حاشيتين يكون نصفهما مساوياً للعدد. ومثال ذلك العدد "خمسة" حاشية الأولى "أربعة" وحاشيته الثانية "ستة" ومجموعهما يساوي "عشرة" ونصف مجموعهما هو العدد رقم "خمسة". وعندما نتأمل كلمة "واحد" فإننا نجد أنها تدل على وحدة الفرد، وقد يكون مجزأ؛ ولذلك نحن لا نكتفي بالقول بأن الله واحد، ولكننا نقول "الله واحد أحد" أي: واحد لا أجزاء له. ولكننا نقول عن أي إنسان: إنه "واحد" ولا نقول على الإنسان "واحد أحد" لماذا؟ لأن الإنسان واحد متشابه مع غيره وله أجزاء، ونقول أيضاً عن "الشمس" إنها كوكب واحد لأنها مكونة من أشياء هي الغازات الملتهبة. لذلك لا نقول عنها إنها "أحد" إذن: لا شيء ولا كائن نطلق عليه "واحد أحد" سوى الله جل وعلا؛ لأنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي ليس كمثله شيء. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 8:07 pm | |
| الصمد قال تعالى: {قل هو الله أحد "1" الله الصمد "2"} (سورة الإخلاص) ما معنى الصمد؟ الصمد هو المعنى الجامع، الذي يدخل فيه مطالب كل موجود، فهو الصمد الذي تصمد إليه جميع المخلوقات بالافتقار والحاجة، ويفزع إليه العالم بأسره، وهو الذي كمل في علمه، وحكمته وحلمه وقدرته، وعظمته ورحمته، فهو كامل الصفات، المقصود من المخلوقات في كل المطالب والحاجات. والذي يعيش في رياض القرآن يجد أن الله هو المقصود لكل قاصد، وهو الذي يعطي لكل شيء حقه، نطق به أم لم ينطق به. ويقول الحق سبحانه: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبةٍ من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين "47"} (سورة الأنبياء) من هذه الآية نعلم أن صمدية الله هي عطاؤه، وعطاؤه محوط بعدله، وقد يكون العطاء ربوبياً أو إلهياً، فيقول الحق سبحانه: {كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً "20"} (سورة الإسراء) أما عطاء الألوهية فهو للنبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فالقرآن الكريم يقول: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياءً وذكر للمتقين "48" الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون "49" وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون "50" ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين "51"} (سورة الأنبياء) ويحكي لنا الحق سبحانه أمر إبراهيم عليه السلام مع قومه وكيف نجاه من كيدهم، فيقول تعالى: {إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون "52" قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين "53" قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبينٍ "54" قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين "55" قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين "56" وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين "57" فجعلهم جذاذاً إلا كبيراً لهم لعلهم إليه يرجعون "58" قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين "59" قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم "60" قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون "61" قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم "62" قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون "63" فرجعوا إلي أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون "64" ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون "65" قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم "66" أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون "67" قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين "68" قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم "96" وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين "70"} (سورة الأنبياء) وتتوالى عطاءات الله لمن قصدوه وحده بالعبادة والتوجه، فيقول تعالى: {ونجيناه ولوطاً إلي الأرض التي باركنا فيها للعالمين "71" ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين "72" وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين "73" ولوطاً آتيناه حكماً وعلماً ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوءٍ فاسقين "74" وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين "75"} (سورة الأنبياء) {ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم "76" ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوءٍ فأغرقناهم أجمعين "77"} (سورة الأنبياء) {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين "78" ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكماً وعلماً وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين "79" وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون "80" ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلي الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين "81" ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك وكنا لهم حافظين "82"} (سورة الأنبياء) {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين "83" فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضرٍ وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمةً من عندنا وذكرى للعابدين "84" وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين "85" وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين "86" وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن تقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "87" فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين "88" وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين "89" فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين "90" والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين "91" إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون "92"} (سورة الأنبياء) ثم يقول الحق سبحانه: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون "105" إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين "106" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "107" قل إنما يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون "108" فإن تولوا فقل آذنتكم على سواءٍ وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون "109" إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون "110" وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلي حين "111" قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون "112"} (سورة الأنبياء) والمعايش لكتاب الله يلمس أن العطاءات الربانية وعطاءات الألوهية لا حصر لها ولا عدد، فكم من نفس ولدت في لحظة وماتت في لحظة، ورزقت في لحظة، وافتقرت في لحظة، وكم من نفس شفيت من مرض، وكم من نفس مرضت من شفاء، وكم من إنسان أعزه الله، وكم من إنسان أذله الله. وكم من ممالك تطاولت، وكم من ملوكٍ تلاشوا، وكم من سائل يسأل. كل هذه القضايا تنطلق من عطاء الربوبية لكل الناس، فعطاء الألوهية الذي اختصه الله لمن آمن به توحيداً وتعبداً وسلوكاً، فإذا نظرنا إلي عدد مطلوب الخلائق في كل لحظة من لحظات الحياة لنجد أنه يعطي الكل في لحظة، كما يحاسب الكل في ساعة، وساعة الله يعلمها هو | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 9:51 pm | |
| القادر قال تعالى: {فقدرنا فنعم القادرون "23"} (سورة المرسلات) قدرة الحق سبحانه لا تقارن بقدرة الخلق، فالله حي وأنت حي، لكن هل حياة المخلوق المنتهية يمكن أن تقارن بحياة الخالق الأزلي الدائم؟ إن الله سميع والإنسان يسمع، فهل سمع الله ـ وهو الخالق البارئ المصور ـ كسمع البشر المحدود، إن أي شيء يأت عن الله إنما يجب أن نأخذه بعيداً عن التصور البشري، إنما نأخذه في إطار: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير "11"} (سورة الشورى) إن البشر المتشابهين هم من خلق الله، وكل فرد فيهم، له علامات تميزه قد ندركها، وقد لا يدركها إلا المتخصصون، وآخر الاختلافات الجوهرية في البصمة وفي الشكل وفي السلوك، فما بالنا باختلاف البشر جميعاً عن الخالق القادر؟ لذلك يقول المحققون: إن على الإنسان المؤمن بالله أن يعلم أنه هو بعض من خلق الله، والله سبحانه وتعالى يعطينا الحقائق التي تفوق كل ما في رؤوس البشر جميعاً لماذا؟ لأنه القادر المطلق، والقادر لا ينقلب إلي مقدور أبداً، ومن عظمة الحق سبحانه أن العقل لا يمكن أن يتصوره، ومن رحمة الله بالخلق أن وصف لنا نفسه بأنه: {ليس كمثله شيء .. "11"} (سورة الشورى) وضرب الحق سبحانه لنا المثل بالروح التي تدب في الإنسان فيتحرك ويسعى إلي الرزق، ولكن إذا خرجت الروح صار الجسد رمة، وتتحول العناصر إلي التراب. فهل ينتظر الناس أن يأتي الله والملائكة في ظلل من الغمام، أي: بما يحجب البصر، وتعلن الساعة، إذا كانوا ينتظرون ذلك، فلسوف تقوم الساعة بأشراطها، وفي ميعادها الذي لا يعرفه إلا الله. ولسوف يرى المؤمن والكافر أن الله قادر فوق كل العباد. إن المؤمن يرجع إلي الله؛ لأنه يؤمن بالله ويعمل العمل الصالح ليقوده إلي الجنة، والكافر يعود إلي الله مجبراً مسوقاً مقهوراً. إن الله سبحانه وتعالى حين يخلق قانوناً من القوانين يطلقه ويقيده (هو مطلق بإرادة الله) مقيد بإرادة الله، قد تبدو هذه العبارة متناقضة ولكنها حقيقة، فالله سبحانه وتعالى مثلاً أطلق قانوناً بأن الذرية تأتي من اجتماع الذكر والأنثى، فمتى تزوج رجل وامرأة فالوضع الطبيعي على إطلاقه أن ينجبا أطفالاً. وفي بعض الأحيان يمضي القانون بغير رغبة الطرفين، فقد يكون الزوج أو الزوجة غير راغبين في الإنجاب السريع، ومع ذلك يتم الإنجاب، إذن: فالقانون على طلاقته يمضي في الكون لا يفرق بين غني وفقير، ولا بين جنس وجنس، ولا بين أي شيء آخر، فالقاعدة هي القاعدة لكي يتم الإنجاب، لكي يولد الأطفال، فلابد من ذكر وأنثى. ثم يأتي بعد ذلك أن هذا القانون رغم إطلاقه مقيد بإرادة الله، مصداقاً لقوله تعالى: {ويجعل من يشاء عقيماً .. "50"} (سورة الشورى) القاعدة في انطلاق القانون وطلاقته أنه كي يولد طفل لابد من ذكر وأنثى، ولكن التقيد بالمشيئة الذي يسيطر على هذا القانون هو في أن تسبق إرادة الله إتمام الخلق، فكل رجل وامرأة يستطيعان أن ينجبا طفلاً إذا شاء الله، وإن لم يشأ اجتمع الرجل والمرأة ولا يأتي الطفل. ويذهب الاثنان إلي الأطباء ويعالجان، ويتدخل العلم بكل قدراته، ولا يحدث إنجاب، فلو أن الأصل في القانون هو طلاقته، لتم الإنجاب بين كل رجل وامرأة، ولكن الأصل في القانون هو طلاقته مقيد بالمشيئة، فلا يتم الإنجاب إلا إذا شاء الله. والله سبحانه وتعالى يقول: {ويجعل من يشاء عقيماً .. "50"} (سورة الشورى) وهكذا فإن الله سبحانه وتعالى يطلق القانون ويقيده، ولكنك أنت تتبع القانون ولا تستطيع أن تقيده، ولذلك فإن الحق سبحانه وتعالى وضع قوانين للكون، هذه القوانين تمضي كل يوم تؤدي ما أمرها الله به، ولكن الله سبحانه وتعالى يأتي في بعض الأحيان ويعطل هذه القوانين، ويحدث ذلك في حالتين: الحالة الأولى: إذا أرسل سبحانه وتعالى نبياً أو رسولاً إلي الناس ليهديهم إلي الحق. في هذه الحالة يعطي هذا الرسول أو النبي آية ليصدق الناس أنه مرسل من الله سبحانه وتعالى. لماذا؟ لأنه حين يأتي إنسان ويقول: أنا رسول من عند الله، جئت لأبين منهجه، أتصدقه، وهنا يطالبه السامع بإثبات ما يقول. إذن: كان لابد أن تجئ مع كل رسول معجزة تثبت صدقه في رسالته وفي بلاغه عن الله. ومعجزات الله تتميز أولاً بأنها تتحدى البشر، وثانياً: بأنها خرق لقوانين الكون، فالتحدي يأتي من نفس نوع العمل الذي نبغ فيه الناس في ذلك العصر. فأنت حين تتحدى لا تأتي لإنسان ضعيف وتتحداه في مباراة لرفع الأثقال، ولكن تأتي لبطل العالم وتواجهه بهذا التحدي، وإذا أتيت قوماً كانوا نابغين في الطب، فلابد من أن تأتيهم بمعجزة من نفس ما نبغوا فيه؛ ولذلك فإن القرآن الكريم قد تحدى العرب بالبلاغة، وهي ما نبغوا فيها. والله سبحانه وتعالى حينما أيد رسله وجه لهم قوانين الحياة حسب مطلوبه، فمثلاً معجزة إبراهيم ـ عليه السلام ـ وجه الله فيها خاصية الإحراق للنار لتكون برداً وسلاماً، لقد جاء الكفار ممن عاشوا في عهد إبراهيم ـ عليه السلام ـ ليحرقوا إبراهيم أمام أصنامهم وآلهتهم، وفي ظنهم أن هذه الآلهة ستعاونهم على الفتك بإبراهيم. فماذا حدث؟ جاءوا بإبراهيم وأمام آلهتهم وفي حمايتهم، وأوقدوا ناراً هائلة ليحرقوه، والحرق هنا أمام الآلهة وعلى مشهد منها، وليكون الانتقام من إبراهيم انتقاماً تباركه الآلهة وتجعله رهيباً. وشاء الله سبحانه وتعالى أن يتم ذلك كله، فكان من الممكن أن يختفي إبراهيم في أي مكان، كان ذلك ممكناً ليقي إبراهيم الحرق، والله قادر على جعلهم لا يقدرون عليه، قادر على أن يخفيه عنهم، ولكنه لو حدث هذا لقالوا: إننا قبضنا على إبراهيم وأحرقناه، ولذلك كان لابد أن يقع إبراهيم في أيديهم ليعرف القوم جميعاً سفاهة معتقداتهم. وكان من الممكن أن تنطفئ النار لأي سبب من الأسباب، كأن ينزل المطر من السماء مثلاً، والنار لم تنطفئ بل ازدادت اشتعالاً، وألقوا بإبراهيم في النار ليحرقوه. والله سبحانه وتعالى يبطل خاصية الإحراق في النار، فيوظف النار في غر اختصاصها بخاصية أخرى لتكون برداً وسلاماً. إذن: فمعجزة إبراهيم ليست أن ينجو من النار، ولو أراد الله أن ينجيه ما استطاعوا أن يقبضوا عليه، ولكن الله شاء أن تظل النار متأججة محرقة قوية، ويلقي فيها إبراهيم أمام الناس، ثم يعطل الله ناموس إحراقها. وموسى عليه السلام ضرب البحر بعصاه فانشق، وخاصية الماء الاستطراق، ولكن الله سبحانه وتعالى أمر البحر أن ينشق لموسى، وعطل له قانوناً من قوانين الكون. وعيسى ـ عليه السلام ـ كانت له أكثر من معجزة في إبراء الأكمة والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله. هذه هي بعض الأشياء التي تلفتنا إلي قدرة الله سبحانه وتعالى فيما خرق من نواميس الكون، ليؤيد رسالته، ويدل الناس على صدق رسالات السماء. تأتي بعد ذلك الحالات التي يغير الله فيها ناموساً من نواميس الكون ليلفت الناس إلي طلاقة قدرته؛ لأن طلاقة القدرة لها حق المحو والإثبات، ولها أن تجعل سبباً للشيء، ولها أن تلغي الأسباب. مثلاً آدم بغير أم ولا أب، وحواء بغير أم، وعيسى بغير أب، ومحمد بأب وأم، وهذه طلاقة القدرة وهناك رزق بحساب، ورزق بغير حساب. الأول: {من عمل صالحاً فلنفسه .. "46"} (سورة فصلت) والثاني: {يرزق من يشاء بغير حسابٍ "212"} (سورة البقرة) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 9:58 pm | |
| المقتدر قال تعالى: {إن المتقين في جناتٍ ونهرٍ "54" في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدرٍ "55"} (سورة القمر) هو ربي المقتدر، ذو القدرة العظيمة، المسيطر بقدرته البالغة على خلقه وعلى كل من أعطاه حظاً من قدرة. وهو المقتدر على جميع الممكنات، والمقتدر يفيد معنى القادر مبالغة وأكثر تعظيماً. والأمور تجري بقدرة الله ومقداره وتقديره وإقداره ومقاديره، والقدر (بالفتحة) هي ما يقدره الله من القضاء، وقد ذكر المقتدر في القرآن الكريم مرتين في سورة القمر. وجميع المخلوقات والكائنات كلها مقهورة لله، خاضعة لعظمته، منقادة لإرادته، فجميع نواصي المخلوقات بيده، لا يتحرك منها متحرك، ولا ينصرف متصرف إلا بحوله وقوته وإذنه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فمن قدرته واقتداره أنه خلق الخلق، ثم يميتهم ثم يحييهم ثم إليه يرجعون. قال تعالى: {وما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ .. "28"} (سورة لقمان) وقوله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه .. "27"} (سورة الروم) ويقول جل علاه: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28"} (سورة البقرة) ومن آثار قدرته سبحانه أنك ترى الأرض هامدة، فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج، ومن آثار قدرته ما أوقعه بالأمم المكذبة والكفار الظالمين من أنواع العقوبات وحلول المثلات، وأنه لم يغن عنهم كيدهم ومكرهم ولا أموالهم ولا جنودهم ولا حصونهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر ربك، وما زادهم غير تتبيب. وخصوصاً في هذه الأوقات، فإن هذه القوة الهائلة والمخترعات الباهرة التي وصلت إليها مقدرة هذه الأمم هي من إقدار الله لهم وتعليمه لهم ما لم يكونوا يعلمونه. فمن آيات الله أن قواهم وقدرهم ومخترعاتهم لم تغن عنهم شيئاً في صد ما أصابهم من النكبات والعقوبات المهلكة، مع بذل جدهم واجتهادهم في توقي ذلك، ولكن أمر الله غالب، وقدرته تنقاد لها عناصر العالم العلوي والسفلي. ومن تمام عزته وقدرته وشمولها أنه كما أنه هو الخالق للعباد، فهو خالق أعمالهم وطاعاتهم ومعاصيهم، وهو أيضاً خالق أفعالهم، فهي تضاف إلي الله خلقا وتقديراً، وتضاف إليهم فعلاً ومباشرة على الحقيقة، ولا منافاة بين الأمرين، فإن الله خالق قدرتهم وإرادتهم، وخالق السبب التام وخالق للمسبب، قال تعالى: {والله خلقكم وما تعملون "96"} (سورة الصافات) ومن آثار قدرته ما ذكره في كتابه من نصره أولياءه، على قلة عددهم وعددهم على أعدائهم الذين فاقوهم بكثرة العدد والعدة. قال تعالى: {كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله .. "249"} (سورة البقرة) ومن آثار قدرته ورحمته ما يحدثه لأهل النار وأهل الجنة من أنواع العقاب وأصناف النعيم المستمر الكثير المتتابع الذي لا ينقطع ولا يتناهى، فبقدرته أوجدت الموجودات، وبقدرته دبرها، وبقدرته سواها وأحكمها. وبقدرته سبحانه يحيى ويميت، ويبعث العباد للجزاء ويجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، وبقدرته يقلب القلوب ويصرف على ما يشاء، الذي إذا أراد شيئاً قال له: (كن فيكون) قال الله تعالى: {إن الله على كل شيءٍ قدير "148"} (سورة البقرة) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 10:00 pm | |
| المقدم ـ المؤخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير" هو المقدم والمؤخر لما شاء، كما شاء بحكمته، وهو المقدم من شاء بالتقوى والإنابة، والصدق والاستجابة، المؤخر لمن شاء بعدله وحكمته. هو الذي قدم الأبرار وأخزى الفجار، وهو الذي يقرب ويبعد، فمن قربه فقد قدمه، ومن أبعده فقد أخره. وهو الذي يقدم بعض الأشياء على بعض بأمره، إما بالوجود كتقديم الأسباب على مسبباتها، أو بالشرف كتقديم الأنبياء والصالحين من عباده. وصلى الله على سيدنا محمد الذي قدمه ربه على جميع خلقه. قال تعالى: {قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم .. "14"} (سورة الأنعام) {لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين "163"} (سورة الأنعام) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في الصلاة، وكان آخر ما يقول صلى الله عليه وسلم بين التشهد والتسليم: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت" والمقدم والمؤخر هما ـ كما تقدم ـ من الأسماء المزدوجة المتقابلة، التي لا يطلق واحد بمفرده على الله إلا مقروناً بالآخر، فإن الكمال من اجتماعهما، فهو تعالى المقدم لمن شاء، والمؤخر لمن شاء بحكمته. وهذا التقديم يكون كونياً، كتقدم بعض المخلوقات على بعض، وتأخير بعضها على بعض، وكتقديم الأسباب على مسبباتها، والشروط على مشروطاتها. وأنواع التقديم والتأخير بحر لا ساحل له، ويكون شرعياً كما فضل الأنبياء على الخلق، وفضل بعضهم على بعض .. وفضل بعض عباده إلي بعض، وقدمتهم في العلم، والإيمان، والعمل، والأخلاق، وسائر الأوصاف، وأخر من أخر منهم بشيء من ذلك، وكل هذا تابع لحكمته. وهذان الوصفان وما أشبههما من الصفات الذاتية لكونهما قائمين بالله، والله متصف بهما، ومن صفات الأفعال، لأن التقديم والتأخير متعلق بالمخلوقات ذواتها، وأفعالها، ومعانيها، وأوصافها. وهي من إرادة الله وقدرته. فهذا هو التقسيم الصحيح لصفات الباري، وأن صفات الذات متعلقة بالذات، وصفات أفعاله متصفة بها الذات، ومتعلقة بما ينشأ عنها من الأقوال والأفعال. قال الله عز وجل: {وإن يمسسك الله بضرٍ فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيءٍ قدير "17"} (سورة الأنعام) وقال الله تعالى: {قل فمن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم ضراً أو أراد بكم نفعاً بل كان الله بما تفعلون خبيراً "11"} (سورة الفتح) وصفة الضر والنفع هما ـ كما تقدم ـ من الأسماء المزدوجة المتقابلة، فالله تعالى النافع لمن شاء من عباده بالمنافع الدينية والدنيوية، الضار لمن فعل الأسباب التي توجب ذلك. وكل هذا تبع لحكمته وسننه الكونية وللأسباب التي جعلها موصلة إلي مسبباتها، فإن الله جعل مقاصد للخلق وأموراً محبوبة في الدين والدنيا، وجعل لها أسباباً وطرقاً، أمر بسلوكها ويسرها لعباده غاية التيسير. فمن سلكها أوصلته إلي المقصود النافع، ومن تركها، أو ترك بعضها، أو فوت كمالها، أو أتاها على وجه ناقص ففاته الكمال المطلوب فلا يلومن إلا نفسه، وليس له حجة أمام الله، فإن الله أعطاه السمع والبصر والفؤاد والقوة والقدرة وهداه النجدين وبين له الأسباب والمسببات، ولم يمنعه طريقاً يوصل إلي خير ديني أو دنيوي، فتخلفه عن هذه الأمور يوجب أن يكون هو الملوم عليها، المذموم على تركها. وأعلم أن صفات الأفعال كلها متعلقة وصادرة عن هذه الصفات الثلاثة: 1. القدرة الكاملة. 2. المشيئة النافذة. 3. الحكمة الشاملة التامة. وهي كلها قائمة بالله، والله متصف بها، وآثارها ومقتضياتها جميع ما يصدر منها في الكون كله من التقديم والتأخير، والنفع والضر، والعطاء والحرمان، والخفض والرفع، ولا فرق بين محسوسها ومعقولها، ولا بين أن تكون دينية أو دنيوية، فهذا معنى كونها أوصاف أفعال. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء: "اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير" ولنتدبر معاً هذه الآيات البينات: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وآخر "13"} (سورة القيامة) {قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد "28"} (سورة ق) {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار "42"} (سورة إبراهيم) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 10:01 pm | |
| الأول قال تعالى: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم "3"} (سورة الحديد) هو الأول قبل كل شيء، بلا بداية، والآخر بعد كل شيء بلا نهاية، وهو الموجود الواجب الوجود، الأول لكل ما سواه، المتقدم على كل ما عداه، وهذه الأولية، وهذا التقدم ليس بالزمان ولا بالمكان، ولا بأي شيء في حدود العقل أو محاط بالعلم. والله سبحانه وتعالى "ظاهر باطن" في كونه أولاً: هو الأول أظهر من كل ظاهر؛ لأن العقول تشهد بأن المتحدثات لها موجد متقدم عليها فهو تعالى ظاهر، تشهد به الحواس الظاهرية والغيبية، يقول الحق سبحانه: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق .. "53"} (سورة فصلت) ويقول جل علاه: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب "190" الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً وسبحانك فقنا عذاب النار "191"} (سورة آل عمران) فهو الأول "أبطن من كل باطن"؛ لأنك إذا أردت أن تعرف حقيقة تلك الأولية عجزت، لأن كل ما أحاط به عقلك وعلمك فهو محدود، فيكون متناهياً، فتكون الأولية خارجة عنده، وليس في حدود العقل إلا أن يتدبر القرآن: {نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين "60"} (سورة الواقعة) قيل: ويجوز أن يكون معنى: {وما نحن بمسبوقين "60"} (سورة الواقعة) أنه هو الأول، لم يكن قبله شيء، فهو الأول قبل كل شيء فإن لم يكن أول قبل كل شيء لم يكن للشيء وجود، والأشياء بفعله وأمره وإرادته لا انتهاء لها. إذن: فهو الأول لأنه الواحد الذي لا شريك له، والواحد منه الانطلاق العددي والخلقي والكوني والحركي، وأوليته بلا بداية، فإذا نظرنا إلي وجود شيء نجد سبق الأولية فيه لله، وعندما ينتهي الشيء نجد انتهاءه بأمره، فهو الآخر، وعندما يبدأ الشيء نمواً وصعوداً يكون الأول، فأوليته أبدية وآخرته لا نهائية. وهو الأحد الذي لا يقبل التجزئة، وهو الواحد الذي منه انطلاق الخلق، وهو الأول قبل كل أول، والآخر بعد كل آخر، وهو الصمد الذي تفتقر إليه الخلائق، وهو المجيب لكل مطلوب لطالب. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 10:03 pm | |
| الآخر قال تعالى: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم "3"} (سورة الحديد) هو الآخر الأبدي الباقي الدائم بلا نهاية، وسبحان الله رب الآخرة والأولى. يقول الحق سبحانه وتعالى: {الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير "1"} (سورة سبأ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهؤلاء الكلمات: "يا كائن قبل كل شيء، والمكون لكل شيء، والكائن بعد ما لا يكون شيء، أسألك بلحظة من لحظاتك الحافظات، الغافرات، الراجيات، والمنجيات" قال تعالى: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم "3"} (سورة الحديد) هذه الأسماء الأربعة المباركة قد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً جامعاً واضحاً فقال يخاطب ربه: "اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء" إلي آخر الحديث. ففسر كل اسم بمعناه العظيم، ونفى عنه ما يضاده وينافيه، فتدبر هذه المعاني الجليلة الدالة على تفرد الرب العظيم بالكمال المطلق، والإحاطة المطلقة الزمانية في قوله: {هو الأول والآخر .. "3"} (سورة الحديد) والمكانية في (الظاهر والباطن). فالأول يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن، ويوجب للعبد أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية، إذ السبب والمسبب منه تعالى. والآخر يدل على أنه هو الغاية، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتألهها ورغبتها، ورهبتنا، وجميع مطالبها. والظاهر يدل على عظمة صفات واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات على علوه. والباطن يدل على إطلاعه على بواطن الأمور، وخفايا النفوس، والغيب المطلق، والغيب المؤقت، وكل ما تعجز عن إدراكه لا يعلم باطنه إلا هو. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 10:06 pm | |
| الظاهر "وأنت الظاهر فليس فوقك شيء" هو الظاهر وجوده لكثرة دلائله، وهو البادي بالأدلة عليه، وفي أفعاله، فلا يمكن أن يجحد وجوده، وهو الظاهر بحججه الباهرة، وبراهينه النيرة، وشواهد أعلامه الدالة على ثبوت ربوبيته، وصحة وحدانيته، والظاهر هو الغالب العالي. وفي قوله تعالى: {فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين "14"} (سورة الصف) أي: أصبحوا غالبين عالين. وقيل: إن عثمان رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن تفسير: {له مقاليد السماوات والأرض .. "63"} (سورة الزمر) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما سألني أحد تفسيرها. لا إله إلا الله، والله اكبر وسبحان الله وبحمده، استغفر الله لا حول ولا قوة إلا بالله، الأول والآخر، والظاهر والباطن، بيده الخير يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير" والظاهر يدل على عظمة صفاته، وتلاشي كل شيء عند عظمته، فهو العظيم فوق كل عظيم، والكبير فوق كل كبير. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 10:58 pm | |
| الباطن "وأنت الباطن فليس دونك شيء" هو الباطن في حقيقة ذاته، فلا تصل إليها العقول، وهو من احتجب عن إدراك الحواس مع شدة ظهوره، وكمال نوره، وهو من ليس له شبيه ولا ضد. وهو الباطن على كل شيء رحمة وعلماً، وهو الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، وما لنا من دون الله من ولي ولا نصير. عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء: "اللهم رب السماوات، ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل دابة، أنت آخذ بناصيتها. اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر" وقد ذكر "الأول والآخر والظاهر والباطن" سبحانه وتعالى مرة واحدة في القرآن العظيم في الآية الثالثة من سورة الحديد: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم "3"} (سورة الحديد) وكتب الفخر الرازي: سمعت والدي رحمه الله يقول: إنه كان يروي أنه لما نزلت الآية: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم "3"} (سورة الحديد) أقبل المشركون نحو البيت وسجدوا. والباطن يدل على إطلاعه على السرائر والضمائر، والخبايا والخفايا، ودقائق الأشياء، كما يدل على كمال قربه ودنوه، ولا يتنافى الظاهر والباطن، لأن الله ليس كمثله شيء في كل النعوت. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 11:00 pm | |
| الولي قال تعالى: {وما لهم من دونه من والٍ "11"} (سورة الرعد) هو المالك للأشياء والمتولي لها، والمتصرف فيها كيف يشاء، وهو المنفرد بالتدبير، القائم على كل شيء، ولا دوام ولا بقاء إلا بإذنه، وكل شيء يجري بحكمه وبأمره، ويحتمل أن يكون الوالي بمعنى المنعم بالعطاء والدافع للبلاء. ولنتدبر الآية الكريمة من سورة الرعد: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقومٍ سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ "11"} (سورة الرعد) قال الراغب الأصفهاني: الولاء والتوالي يطلق على القرب من حيث المكان ومن حيث النسب، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة، ومن حيث النصرة، ومن حيث الاعتقاد، والولاية: النصرة. والولاية: تولي الأمر. والولي والمولى يستعملان في ذلك، كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي: الموالي. وفي معنى المفعول أي: الموالي. يقال للمؤمن: هو ولي الله. ويقال: الله ولي المؤمنين. فالله عز وجل هو نصير المؤمنين، وظهيرهم يتولاهم بعونه وتوفيقه، ويخرجهم من ظلمات الكفر إلي نور الإيمان .. وإنما جعل الظلمات للكفر مثلاً، لأن الظلمات حاجبة للأبصار عن إدراك الأشياء وإثباتها. وكذلك الكفر حاجب لأبصار القلوب عن إدراك حقائق الإيمان، والعلم بصحته وصحة أسبابه، فأخبر عز وجل عباده أنه ولي المؤمنين ومبصرهم حقيقة الإيمان، وسبله، وشرائعه وحججه، وهاديهم لأدلته المزيلة عنهم الشكوك بكشفه عنهم دواعي الكفر، والظلم وسواتر أبصار القلوب. إذن: فالله تعالى أخبر أن الذين آمنوا بالله ورسله، وصدقوا إيمانهم بالقيام بواجبات الإيمان، وترك كل ما ينافيه، أنه وليهم، يتولاهم بولايته الخاصة ويتولى تربيتهم، فيخرجهم من ظلمات الكفر والجهل والمعاصي، والغفلة والإعراض إلي نور العلم واليقين، والإيمان والطاعة، والإقبال الكامل على ربهم، وينور قلوبهم بما يقذف فيها من نور الوحي والإيمان، وييسرهم ويجنبهم العسرى، ويجلب لهم النافع، ويدفع عنهم المضار فهو يتولى الصالحين. وبهذا يكونون أولياء الله. يقول الحق سبحانه: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "62" الذين آمنوا وكانوا يتقون "63" لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة .. "64"} (سورة يونس) فالله يتولى العابدين السالكين بعطاء الألوهية، والأولياء يتولون منهج الله بالاعتقاد الموحد، وبالتعبد الموصول، والأخلاق الفاضلة، والدعوة بالحسنى. يقول الحق سبحانه: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون "30" نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكن فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون "31" نزلاً من غفورٍ رحيمٍ "32" ومن أحسن قولاً ممن دعا إلي الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين "33" ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم "34" وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظٍ عظيمٍ "35"} (سورة فصلت) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 11:01 pm | |
| المتعال قال تعالى: {عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال "9"} (سورة الرعد) هو البالغ في العلو، المتعالي بوجوب وجوده، رفيع الدرجات ذو العرش، وقيل المتعال: معناه المرتفع في كبريائه وعظمته، وعلا مجده عن كل ما يدرك، أو يفهم من أوصاف خلقه. فكل من أسمائه المجيد والعلي والعظيم والكبير والمتعالي، يدخل في الذي يليه بمعناه طردا أو عكساً، فهو العظيم في مجده، والمجيد في عظمته، والعظيم المجيد العلي في كبريائه، وهو تعالى المتعالي في ذلك كله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس العبد عبد تخيل واختال، ونسى الكبير المتعالي" وقد ذكر "المتعال" سبحانه مرة واحدة في الكتاب العظيم في الآية التاسعة من سورة الرعد: {عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال "9"} (سورة الرعد) والمتعالي هو فوق كل فوق، وفوق كل إبداع، وفوق كل خلق، والمتعالي في أمره، فأمره فيه مصلحة العباد، والمتعالي في أمره، فأمره فيه مصلحة العباد، والمتعالي في نهيه لمنع الفساد، والمتعالي في خلقه تبارك الله احسن الخالقين. المتعالي في رزقه، يقول الحق سبحانه وتعالى: {وقدر فيها أقواتها .. "10"} (سورة فصلت) وقال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً "70"} (سورة الإسراء) والمتعالي هو الرفيع في ذاته، الرفيع في صفاته، الرفيع في عطائه، الرفيع في كبريائه وعظمته. والمتعالي يسقط أمامه كل كبير، ويتلاشى أمامه كل عظيم، ويتناهى عنده كل ملك؛ لأنه ملك الملوك ومالك الملكوت، وهي الحي الذي لا يموت، فهو الكبير لا كبير سواه، وهو العظيم لا عظيم معه، والمتعالي هو المقام الذي لا يليق إلا بذاته، فليس هناك متعال يوصف بهذا الاسم؛ لأنه لا وجود له على الحقيقة سواه. إذن: المرجع إليه في حركات الكون السارية في الوجود، وحياة الحياة المتحركة في الكون المكنون. ولم نسمع في تراثنا القديم أن إنساناً سمى المتعالي، فهو اسم محفوظ باسم الله؛ لأنه يعلم المنظور والمخفي من عالم الشهادة وعالم الغيب، ولا يظهر الغيب إلا بتوقيت. {ذلك تقدير العزيز العليم "96"} (سورة الأنعام) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 11:58 pm | |
| البر قال تعالى: {إنه هو البر الرحيم "28"} (سورة الطور) هو العطوف على عباده بلطفه. الذي من على السائلين بحسن عطائه، وعلى العابدين بجميل جزائه، وهو الذي منه كل مبرة وإحسان. والبر بفتح الباء معناه: فاعل البر، أي: الإحسان، وهي كلمة جامعة لكل صفات الخير، وهو من أسماء الله تعالى. وفي اللغة "البر" هو الاتساع كما يرى المفسرون واللغويون أن البر هو الصلة والخير والاتساع في الإحسان والصدقة، ويجوز أن يكون معنى البر الكثير الطاعة، وجمعه أبرار، ومن المجاز (فلان يبر ربه) أي: يطيعه. وفي هذا يكون البر اسماً جامعاً للطاعات وأعمال الخير المقربة إلي الله، أو اسماً جامعاً لرضي الخصال، ولكل فعل مرضي. وطاعة الله سبحانه هي عبادته تعالى، وبر الوالدين، والتوسع في الإحسان إليهما، فالجنة تحت أقدام الأمهات. والبار من يصدر عنه البر والطاعة، وجمعه بررة، قال تعالى: {بأيدي سفرةٍ "15" كرامٍ بررةٍ "16"} (سورة عبس) وأولى بالإنسان أن يكون مشتغلاً بأعمال البر، واستباق الخيرات، وأن لا يضمر الشر، ولا يؤذي أحداً، فإن البر، هو الذي لا يؤذي. ولذا قيل: "البر شيء هين، وجه طلق، وكلام لين". وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "البر لا يبلي، والذنب لا ينسى، والديان لا ينام ـ كما تزرع تحصد ـ وكما تدين تدان" ورضاء الرب في رضاء الوالدين، فلا أقل من البر بهما، وشدة الإحسان إليهما، وبالقول الكريم، والدعاء لهما. وسبحان ربي الحنان المنان الذي من على المؤمنين: {إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة .. "164"}(سورة آل عمران) وهو الذي من على المؤمنين، بأن جعلهم من أهل اليمين. وهو الذي ألهمهم القيام بصالح الأعمال، وهو الذي رزقهم القبول؛ وقبول احسن ما عملوا، وهو الذي يتجاوز عن سيئاتهم: {ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون "35"} (سورة الزمر) فيا له من بر من ذي المن والكرم .. البر الرحيم. وقد ذكر "البر الرحيم" مرة واحدة في سورة الطور من القرآن الكريم في الآية "28": {إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم "28"} (سورة الطور) قال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرها ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن اعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين "15"} (سورة الأحقاف) وقال تعالى: {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون "16"} (سورة الأحقاف) وقال تعالى: {قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين "26" فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم "27" إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم "28"} (سورة الطور) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة السبت يوليو 11, 2009 11:59 pm | |
| التواب قال تعالى: {ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم "118"} (سورة التوبة) هو الذي يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، وهو التواب الحكيم، وهو الذي يقابل الدعاء بالعطاء، والاعتذار بالاغتفار، والإنابة بالإجابة. والحق سبحانه حين قدر أمر التوبة على خلقه رحم الخلق جميعاً بتقنين هذه التوبة، وهي إنقاذ للعالم من شرور لا نهاية لها. فلو أن أول واحد انحرف مرة واحدة فيغرق في الانحرافات كلها، ولم يجد باباً للتوبة لعاشت الإنسانية في الفساد، وفي الآخرة لهم عذاب أليم. لذلك يقول الحديث الشريف: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل" ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: "ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك، ابن آدم أن تلقني بقراب الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرة بعد أن لا تشرك بي شيئاً، ابن آدم إنك إن تذنب حتى يبلغ عنان السماء ثم تستغفرني أغفر لك ولا أبالي" والمهم في التائب أن يكون قد عمل السوء بجهالة ثم تاب من قريب، والرسول صلى الله عليه وسلم حين حدد "من قريب" قال ما معناه: مادام العبد لم يغرغر أي: لم يصل إلي حشرجة الموت. إذن: فهو قد تاب من قريب "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر". ويقول الحق جل علاه: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله "135"} (سورة آل عمران) إنه باب مفتوح لا يغلق أبداً إلا لرجل واحد، يقول الحق سبحانه: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .. "48"} (سورة النساء) ولذلك فلنا أن نسترجع الحوار الذي دار بين الحق وبين إبليس: {قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين "39" إلا عبادك منهم المخلصين "40"} (سورة الحجر) إن إبليس قال ذلك، لكن الله قال وأنا سأقبل توبة العبد ما لم يغرغر. فمادام العبد لم يصل إلي مرحلة خروج الروح من الجسد، فالتوبة قد يقبلها الله، لماذا؟ لأن التوبة مادام قد شرعها الله فهو قد فعل ذلك ليحمي المجتمع من شر الغارقين في المعصية والموغلين فيها. فإذا ما قدم العبد التوبة لحظة الغرغرة، فماذا يستفيد المجتمع؟ إن المجتمع لم يستفد شيئاً؛ لأن مثل هذا العاصي تاب وقت لا شر له، لذلك فعلى العبد أن يتوب قبل ذلك حتى يرحم المجتمع من شرور المعاصي. قال تعالى: {إنما التوبة على الله يعملون السوء بجهالةٍ .. "17"} (سورة النساء) والعلماء عندما تناولوا أمر التوبة قالوا: هل يتوب العبد أولاً، ثم يتوب الله عليه؟ إنه سبحانه يقول: {ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم "118"} (سورة التوبة) لنفهم النص جيداً: هل يتوب العبد أولاً وبعد ذلك يقبل الله التوبة؟ أم أن الله يتوب على العبد أولاً ثم يتوب العبد؟ إن الآية صريحة واضحة تقول: {ثم تاب عليهم ليتوبوا .. "118"} (سورة التوبة) وهنا نقول: وهل يتوب واحد ارتجالاً منه؟ أم أن الله شرع التوبة للعباد؟ إن الله قد شرع التوبة فتاب العبد، فقبل الله التوبة. نحن إذن أمام ثلاثة أمور، الله سبحانه وتعالى شرع للعباد التوبة، ولم يرتجل أحد توبته على الله، إنما الذي خلقنا جميعاً وقدر أن الواحد قد يضعف أمام بعض الشهوات لذلك وضع تشريع التوبة، وهو المقصود بقوله: {ثم تاب عليهم .. "118"} (سورة التوبة) أي: شرع لهم التوبة، وبعد ذلك يتوب العبد إلي الله "ليتوبوا"، وبعد ذلك يكون القبول من الله: {غافر الذنب وقابل التوب .. "3"} (سورة غافر) إنها ثلاث مراحل. إن الحق سبحانه شرع التوبة، والإنسان لم يبتكر التوبة إلي الله، وبعد ذلك يتوب الإنسان بالفعل، وبعد ذلك يقبل الله التوبة. ويقول الحق سبحانه: {إنما التوبة على الله .. "17"} (سورة النساء) ولو تأملنا كلمة "على الله" تجدها في منتهى العطاء. إن العبد عندما يحال إلي غني فهو يفرح، فإذا كان الواحد فقيراً ومديناً ويحال إلي غني من العباد فهو يفرح؛ لأن العبد الغني قد يسدد دين العبد الفقير، فما بالنا بالتوبة التي أحالها الله على ذاته بكل كماله وجماله. إنه سبحانه أحال التوبة على نفسه لا على خلقه، إن التوبة على الله، فلا يملك واحد أن يرجع فيها: {إنما التوبة على الله يعملون السوء بجهالةٍ ثم يتوبون من قريبٍ فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً .. "17"} (سورة النساء) إن هذه الآية تتضمن عناصر التوبة، فالله تواب شرع التوبة، والعبد يتوب إلي الله، والحق سبحانه قابل التوبة، فحين قال الله: {إنما التوبة على الله .. "17"} (سورة النساء) أي: أنه سبحانه أوجب على نفسه التوبة، وحين قال: {ثم يتوبون من قريبٍ .. "17"} (سورة النساء) أي: أن العبد يرجو التوبة من الله، وحين قال: {فأولئك يتوب الله عليهم.. "17"} (سورة النساء) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:18 pm | |
| المنتقم قال تعالى: {والله عزيز ذو انتقام "4"} (سورة آل عمران) هو الذي ينتقم من الظالمين بعدله، وهو الذي ترجى رحمته، وإنا ندعوه تعالى خوفاً وطمعاً، وبهذا الاسم تعتدل موازين العدل، وتستقيم الحياة، ويأمن كل إنسان على مسيره ومصيره. يقول الحق: {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار "42"} (سورة إبراهيم) ويقول تعالى: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون "16"} (سورة الدخان) ويقول الحق: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ربك كان محذورا "57"} (سورة الإسراء) ويقول تعالى: {إنا نخاف من ربنا يوما عبوساً قمطريراً "10"} (سورة الإنسان) ويقول تعالى: {فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً "11"} (سورة الإنسان) هذه الآيات الكريمة تعطي للحياة أن هناك ثواباً وعقاباً للمجرمين، هذا الاسم مسبوق بحلمه وعفوه وغفرانه وإحسانه، فإذا لم يكن هناك تجاوب مع فضل الله فيكون انتقامه. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:20 pm | |
| العفو قال تعالى: {إن الله لعفو غفور "60"} (سورة الحج) هو الذي لم يزل ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً، كل أحد مضطر إلي عفوه ومغفرته، كما هو مضطر إلي رحمته وكرمه، وقد وعد بالمغفرة والعفو لمن أتى أسبابها. قال تعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى "82"} (سورة طه) والعفو هو الذي له العفو الشامل الذي وسع ما يصدر من عباده من الذنوب، ولاسيما إذا أتوا بما يسبب العفو عنهم من الاستغفار والتوبة والإيمان والأعمال الصالحة، فهو سبحانه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. وهو سبحانه عفو يحب العفو، ويحب من عباده أن يسعوا في تحصيل الأسباب التي ينالون بها عفوه، من السعي في مرضاته، والإحسان إلي خلقه، ومن كمال عفوه أنه مهما أسرف العبد على نفسه ثم تاب إليه ورجع غفر له جميع جرمه، صغيره أو كبيره، وأنه جعل الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها. قال تعالى: {قال يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله .. "53"} (سورة الزمر) وفي الحديث "إن الله يقول: يا بن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة". وقال تعالى: {إن ربك واسع المغفرة .. "32"} (سورة النجم) وقد ذكر "العفو" سبحانه في القرآن خمس مرات أربع مرات مع الاسم "الغفور"، والخامس مع الاسم "القدير". 1. {إن الله لعفو غفور "60"} (سورة الحج) 2. {إن الله لعفو غفور "2"} (سورة المجادلة) 3. {إن الله كان عفواً غفوراً "43"} (سورة النساء) 4. {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً "99"} (سورة النساء) 5. {إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإن الله كان عفواً قديراً "149"} (سورة النساء) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:22 pm | |
| الرءوف قال تعالى: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد "207"} (سورة البقرة) هو ربي الرءوف الرحيم، الشديد الرحمة الذي كلف الثري بما لم يكلف به المسكين، وأخذ المقيم بما لم يأخذ به المسافر، وخفف الفرائض في حال الضعف. والحمد لله الذي يحب أن تؤتي رخصه، كما يجب أن تؤتي عزائمه. وفي اللغة وفي معجم ألفاظ القرآن الكريم، لمجمع اللغة العربية يقال: رأف به، أي: أشفق عليه من مكروه يحل به، والرأفة: أشد الرحمة، والرأفة من الله، دفع السوء. وإليكم هذا الدعاء الذي فيه سبعة أسماء: "اللهم افعل بي وبهم، عاجلاً وآجلاً، في الدين والدنيا والآخرة، ما أنت له أهل، ولا تفعل بنا يا مولانا ما نحن له أهل، إنك أنت غفور حليم، جواد كريم، رءوف رحيم". وقد ذكر "الرءوف" سبحانه عشر مرات في الكتاب الكريم (وهو الرءوف الرحيم). في الآيات: 143ـ البقرة، 117ـ التوبة، 7ـ النحل، 47ـ النحل، 65ـ الحج، 20ـ النور، 9ـ الحديد، 10ـ الحشر. (وهو رءوف بالعباد) في الآيات 207ـ البقرة، 30ـ آل عمران. ثم لنتدبر هذه الآية الكريمة: {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوءً تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد "30"} (سورة آل عمران) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:23 pm | |
| مالك الملك قال تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير "26"} (سورة آل عمران) هو الذي له التصرف المطلق، مالك الملك، الذي تنفذ مشيئته في ملكه كيف يشاء وكما يشاء، لا مرد لقضائه ولا معقب لحكمه، الملك هنا (بضم الميم) مصدر بمعنى السلطان والقدرة، وقيل: الملك بمعنى المملكة، والمالك بمعنى القادر التام القدرة. وتبارك الذي بيده الملك، مالك الملك، الذي يملك كل شيء، مالك السمع والأبصار والأفئدة، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، يوم هم بارزون لا يخفي على الله منهم شيء، لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار. فعندما تجلى الحق سبحانه وتعالى على سيدنا إبراهيم خليل الرحمن: {وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين "75"} (سورة الأنعام) أي: أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يجعل سيدنا إبراهيم يشاهد الملكوت في السماوات والأرض إلي الأشياء الخافية المخفية عن عيون العباد. إذن: فمراحل الحيازة هي كالآتي: ملك أي أن يمتلك الإنسان شيئاً ما وهذا نسميه مالكاً للأشياء. فهو مالك لأشيائه ومالك لمتاعه، أما الذي يملك الإنسان الذي يملك الأشياء، ومالك لمتاعه نسميه (ملك) بضم الميم أي: أنه يملك الأشياء. ولا يظن أحد أن هناك إنساناً قد ملك شيئاً أو جاهاً في هذه الدنيا بغير مراد الله فيه، فكل إنسان يملك بما يريده الله له من رسالة. فإذا انحرف العباد فلابد أن يولي الله عليهم ملكاً ظالماً. لماذا؟ لأن الأخيار قد لا يعرفون تربية الناس: {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون "129"} (سورة الأنعام) ولذلك نجد أن قوله الحق: {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون "129"} (سورة الأنعام) شائع عندنا أن الله يسلط الظالمين على الظالمين، ولو أن الذين ظلموا مكن منهم من ظلموهم ما صنعوا فيهم ما صنعه إخوانهم الظالمون في بعضهم، إن الحق يسلط الظالمين على الظالمين، وينجي أهل الخير من موقف الانتقام ممن ظلموهم. إذن: فنحن في الحياة نجد (مالك)، و(ملك) وهناك فوق كل ذلك (مالك الملك) لم يقل إنه (ملك الملك) لأننا إذا دققنا جيداً في أمر الملكية، فإننا لا نجد مالكاً إلا الله: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك .. "26"} (سورة آل عمران) إنه المتصرف في ملكه، وإياكم أن تظنوا أن أحداً قد حكم في خلق الله بدون مراد الله. يقول الحق سبحانه: {مالك الملك .. "26"} (سورة آل عمران) توضح لنا أن ملكية الله الدائمة القادرة واضحة وجلية، ومؤكدة. ولو قال الله في وصف ذاته (ملك الملك) لكان معنى ذلك أن هناك بشراً يملكون بجانب الله، لا أنه الحق مالك الملك. ومادام الله هو مالك الملك فإنه يهبه لمن يشاء، وينزع الملك ممن يشاء تأتي بعد عملية المحاجة، وبعد عملية أن بعضاً من أهل الكتاب قد دعوا إلي حكم الله، فتولى فريق منهم وأعرض عن حكم الله، وعللوا ذلك بإدعاء أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودة، كل هذه خيارات من لطف الله، وضعها أمام هؤلاء العباد، لكنهم لا يختارون إلا الاختيار السيئ، ولذلك يأتي الله بخبر اليوم الذي سوف يأتي، ولن يكون لأحد أي قدرة أو اختيار. أن كلمة الحق: {تنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء "26"} (سورة آل عمران) تجعلنا نتساءل: ما هو النزع؟ إنه القلع بشدة، لأن الملك عادة ما يكون ماسكاً بكرسي الملك، متشبثاً به، إنه متشبث ومتمسك بالملك، لماذا؟ لأنها مغنم لا تبعات، وعرق وسهر ومشقة، وحرص على حقوق الناس، وليس سؤلاً للنفس. ماذا فعلت للناس؟ إن الذي يسهر على الناس ويتعب ويكد ويشقى ويحرص على حقوق الناس، يجد أن الملك مغرم لا مغنم، لقد لا رفاهية، لذلك يحاول أن يهرب من التمسك بالحكم والملك. إننا ساعة نرى حاكماً متكالباً على الحكم، فلنعلم أنه عنده مغنم لا مغرم، ولذلك فسيدنا عمر بن الخطاب قالوا له: إن فقدناك ـ ولا نفقدك ـ تولى عبد الله بن عمر، وهو رجل فرفره الورع، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: بحسب آل الخطاب أن يسأل منهم عن أمة محمد رجل واحد. لماذا؟ لأن الحكم في الإسلام مشقة وتعب. إذن: جاء الحق سبحانه بالقول الحكيم {تنزع الملك ممن تشاء .. "26"} (سورة آل عمران) وذلك لينبهنا إلي هؤلاء المتشبثين بكراسي الحكم، وينزعهم الله منها، إن المؤمن عندما ينظر إلي الدول في عنفوانها وحضاراتها وقوتها، أو نجد أن الملك فيها يسلب من الملك فيها على أهون سبب. إنه الخلق الأعلى، عندما يريد فلا راد لقضائه، إن الحق إما أن يأخذه هو من الحكم وتنتهي المسألة: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء .. "26"} (سورة آل عمران) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:24 pm | |
| ذو الجلال والإكرام قال تعالى: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام "27"} (سورة الرحمن) هو الذي لا جلال ولا كمال ولا شرف إلا هو له، ولا كرامة ولا إكرام إلا هو صادر منه. فالجلال له في ذاته، والكرامة فائضة منه على خلقه. وقيل: {ذو الجلال .. "27"} (سورة الرحمن) إشارة إلي صفات الكمال. {والإكرام "27"} (سورة الرحمن) إشارة إلي صفات التنزيه. وقيل "الجلال" هو الوصف الحقيقي "والإكرام" هو الوصف الإضافي. وقيل "الجلال" صفة ذاته سبحانه، و"الإكرام" صفة فعله تعالى. جاء في بعض الروايات أنه اسم الله الأعظم، فقد قيل في ذلك: إنه كان صلى الله عليه وسلم ماراً في الطريق إذ رأى أعرابياً يقول: "اللهم إني أسألك باسمك الأعظم العظيم الحنان المنان، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه دعاء باسم الله الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى" وقد ذكر "ذو الجلال والإكرام" مرتين في القرآن الكريم، والمرتان في سورة الرحمن: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام "27"} (سورة الرحمن) {تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام "78"} (سورة الرحمن) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:25 pm | |
| المقسط قال تعالى: {وقضى ربك بينهم بالقسط وهم لا يظلمون "54" } (سورة يونس) هو المقسط، القائم بالقسط، المقيم للعدل، العادل في الحكم، وهو الذي ينتصف للمظلوم من الظالم وكماله في أن يضيف إلي إرضاء المظلوم إرضاء الظالم، وذلك غاية العدل والإنصاف، ولا يقدر عليه إلا الله تعالى. ومثاله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أضحكك؟ قال: رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة، فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من هذا، فقال الله عز وجل: رد على أخيك مظلمته، فقال: يا رب لم يبق من حسناتي شيء، فقال عز وجل للطالب: كيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ فقال: يا رب فليحمل عني أوزاري.. ثم فاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء، وقال: إن ذلك ليوم عظيم، يوم يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم .. فقال: فيقول الله عز وجل ـ أي للمتظلم ـ: أرفع بصرك فانظر في الجنان. فقال: يا رب أرى مدائن من فضة وقصوراً من ذهب مكللة باللؤلؤ، لأي نبي هذا؟ أو لأي صديق هذا؟ أو لأي شهيد هذا؟ قال الله عز وجل: لمن أعطى الثمن. فقال: يا رب، ومن يملك ذلك؟ قال "أنت تملكه" قال: بماذا يا رب؟ فقال "بعفوك عن أخيك" قال: يا رب قد عفوت عنه، قال الله عز وجل: خذ بيد أخيك فأدخله الجنة" ثم قال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله، اتقوا الله، وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله يعدل بين المؤمنين يوم القيامة" | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:29 pm | |
| الجامع قال تعالى: {يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن "9"} (سورة التغابن) هو الذي جمع الكمالات كلها ذاتاً، ووصفاً، وفعلاً. فليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات، ولا كفعله فعل، وسبحان جامع الناس ليوم لا ريب فيه. و"يوم الجمع" هو يوم القيامة، وسمي بذلك لأن الله تعالى يجمع فيه بين الأولين والآخرين، ومن الإنس والجن، وجميع أهل السماء والأرض، وبين كل عبد وعمله، وبين الظالم والمظلوم، وبين كل نبي وأمته، وبين ثواب أهل الطاعة وعقاب أهل المعصية. قال تعالى: {الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلي يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثاً "87"} (سورة النساء) فليس هناك إله آخر سيأتي ليتدخل وينهي المسائل من خلف الخالق الأعلى سبحانه ( الله لا إله إلا هو) أي: ليس هناك إلا سواه سبحانه، وعلى ذلك فتشريع الحق هو التشريع الوحيد، وسوف ترجعون جميعاً إلي الله، فليس هناك إلهان، واحد يقول (افعل) و( لا تفعل) والآخر يقول العكس، لا .. إنه إله واحد والأمر منه بـ(افعل)، هو الأمر الوحيد لصالح الإنسان والأمر منه بـ(لا تفعل) هو الأمر الوحيد الذي يجب على المؤمن أن يتجنبه. يقول الحق: {لا إله إلا هو ليجمعكم إلي يوم القيامة .. "87"} (سورة النساء) وكلمة (يجمع) تعني أن يخرجنا جماعة من قبورنا جميعاً، ويحشرنا جميعاً أمامه، وقد تعني (يجمع) أن يخرجنا إلي جزاء يوم القيامة، أو إلي تلقي جزاء يوم القيامة، لماذا جاء هذا القول؟ ونقول: حتى يتفحصه العاقل فلا يأخذ انفلات نفسه من منهج الله إلا بملاحظة الجزاء على الانفلات من المنهج، فلو أخذ نفسه منفلتاً عن منهج الله بدون أن يقدر الجزاء لكان أحمق. ولذلك قلنا: إن الذين يسرفون على أنفسهم في المعصية لا يستحضرون أمام عيونهم الجزاء على المعصية، ولذلك كل الجرائم إنما تتم في غفلة صاحبها عن الجزاء. إن المجرم إنما يرتكب جريمته وهو مقدر السلامة لنفسه، فالسارق يذهب إلي السرقة وهو مقدر السلامة، لكن لو وضع في ذهنه أنه من الممكن أن يتم القبض عليه لما فعلها أبداً. إن الحق سبحانه وتعالى يقول: إليك يا من تريد أن تنصرف بمنهج الاختيار الذي أعطيته لك أن تنحرف على منهجي بألا تقدر الجزاء على هذه المخالفة، وخذها قضية واضحة واسأل: كم ستعطيك المعصية من نفع؟ كم ستعطيك من شقاء؟ وضع الاثنين معاً في كفتي ميزان، وستعرف أن الذي سيعطيك الخير الأبقى هو: {الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلي يوم القيامة .. "87"} (سورة النساء) ويوم القيامة هو اليوم الذي قال فيه الحق: {يوم يقوم الناس لرب العالمين "6"} (سورة المطففين) ولماذا يوم القيامة؟ لأن آخر مظهر من مظاهر دنيا الناس أنهم يحن يموتون ينامون، فالميت ينام، ومن بعد ذلك تدخله إلي القبر: {الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلي يوم القيامة لا ريب فيه .. "87"} (سورة النساء) إنك أيها العبد تعلم أن العالم الذي خلقه الله مختاراً إن شاء فعل الخير، وإن شاء فعل الشر. لقد زود الله العباد بالمنهج، وجعل لهم الاختيار، إنه الحق الذي صنع كل شيء. يقول الحق سبحانه وتعالى: {الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلي يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثاً "87"} (سورة النساء) إن المؤمن يعتقد أن يوم القيامة لا شك فيه، وذلك الإيمان بيوم القيامة. لا يجب منطقياً أن يوجد فيه شك، فلو أن يوم القيامة فيه ريب، فالذين انحرفوا فيه الحياة الدنيا، وولغوا في أعراض الناس، وأخذوا أموالهم، وعاثوا في الأرض فساداً يكونون هم الذين كسبوا، ويكون الطيبون والأخيار قد عاشوا في سذاجة. إن المنطق يقتضي أنه مادام قد وجد أناس قد ظلموا واعتدوا، وأناس اعتدى عليهم، فلابد أن يكون هناك حساب، ولا يكون هناك حساب إلا إذا انتهت حكاية الموت، ونخرج إلي لقاء الله، ودليل هذا من الجاحدين أنفسهم. كيف؟ نريد أن نرى مجتمعاً غير متدين، ونرى هل وضع القادة فيه قوانين تحمي حركة المجتمع أم لا؟ إنهم يصنعون مثل هذه القوانين، ومن يخالفهم يتم حسابه وعقابه، فإذا كان العقاب يمنع المجاهرة بالجريمة، فماذا يكون موقعه؟ إن الماهر إذن من يفلح في المداراة عن عيون قادة هذا المجتمع. ونقول: إن المجتمعات الملحدة تضع التقنيات لحماية نفسها، فماذا تفعل هذه المجتمعات؟ كان يجب أن يعاقب، وكان يجب أن تقولوا أنتم أن هناك مكاناً آخر وداراً أخرى حتى يتم عقاب من أفلت منا، إنك أيها الملحد مادمت قد قننت لمن خالف تقنينك عقوبة، هذا إن وقعت عليه عينك، فكيف الحال لمن لا تقع عليه عينك؟ ولم يقبض عليه يدك. إن الملحد عندما يسمع ذلك يقف محتاراً. إذن: فنحن أهل الإيمان عندما نقول للملحد: إننا نكمل لك تفكيرك الناقص. ونقول لكل الخلق: إنكم إن عميتم على قضاء الأرض فلن تعموا على قضاء السماء، وذلك لحراسة المجتمع. إذن: فغير المؤمن بمنهج نأخذ منه الدليل على ضرورة المنهج، وعلى غير المؤمن بالمنهج أن يشكر أهل الإيمان، لأننا نحن أهل الإيمان قد أكملنا له نقصاً في تقنين البشر، وهذا لحماية المجتمع من الكيد بالجريمة، والستر بالمخالفة. يقول الحق: {ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد "9"} (سورة آل عمران) لأن الذي يخلف الميعاد إنما تمنعه قوة قاهرة تأتيه، أما الله فلا تأتي قوة قاهرة لتغير ما يريد أن يفعل، ولا يمكن أن يتغير لأن التغير ليس من صفات القديم الأزلي. وحين يؤكد الحق سبحانه أننا سيتم جمعنا بمشيئته في يوم لا ريب فيه، وأن الله لا يخلف الميعاد فمن المؤكد أننا سنلتقي. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:30 pm | |
| الغني قال الله تعالى: {وأنه هو أغنى وأقنى "48"} (سورة النجم) وقال تعالى: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلي الله والله هو الغني الحميد "15"} (سورة فاطر) فهو تعالى (الغني) الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه لكماله وكمال صفاته، ولا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه، ولا يمكن أن يكون إلا غنياً، فإن غناه من لوازم ذاته، كما لا يكون إلا محسناً جواداً براً رحيماً كريماً، والمخلوقات بأسرها لا تستغني عنه في حال من أحوالها، فهي مفتقرة إليه في إيجادها، وفي بقائها، وفي كل ما تحتاجه أو تضطر إليه. ومن سعة غناه أن خزائن السماوات والأرض، والرحمة بيده، وأن جوده على خلقه متواصل في جميع اللحظات والأوقات، وأن بيده سحاء الليل والنهار وخيره على الخلق مدرار. ومن كمال غناه وكرمه أنه يأمر عباده بدعائه، ويعدهم بإجابة دعواتهم وإسعافهم بجميع مراداتهم ويؤتيهم من فضله ما سألوه، وما لم يسألوه. ومن كمال غناه أنه لو اجتمع أول الخلق وأخرهم في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كلاً منهم ما سأله. وما بلغت أمانيه، ما نقص من ملكه ذرة. ومن كمال غناه وسعة عطاياه ما يبسطه على أهل دار كرامته من النعيم، واللذات المتتابعات والخيرات المتواصلات، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ومن كمال غناه أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولا شريكاً في الملك، ولا ولياً من الذل، فهو الغني في ذاته وأوصافه وأفعاله، المغني لجميع مخلوقاته. والخلاصة أن الله الغني الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه، وهو المغني جميع خلقه غني عاماً، والمغني لخواص خلقه، بما أفاض على قلوبهم من المعارف الربانية، والحقائق الإيمانية، والإشراقات النورانية. والحق سبحانه حين يقول: {والله غني حليم "263"} (سورة البقرة) ففي ذلك بيان للقادر بأن الباب الذي حرم به الفقير إنما حرمت أنت نفسك أيها القادر من أجر الله. إنك أيها القادر حين تحرم فقيراً، فأنت المحروم لأن الله غني عنك. إن الحق سبحانه يقول: {هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم "38"} (سورة محمد) إن الله غني بقدرته المطلقة، غني وقادر أن يستبدل بالقوم البخلاء، قوماً يسخون بما أفاء الله عليهم من رزق في سبيل الله، إن الذي يمسك عن العطاء، إنما منع عن نفسه باب رحمة، وهناك أناس مهيئون لأن يفتح الله لهم باب هذه الرحمة. يقول الحق سبحانه: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار "37" ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب "38"} (سورة النور) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:31 pm | |
| المغني قال الله تعالى: {وأنه هو أغنى وأقنى "48"} (سورة يونس) هو يعطي الغني والكفاية لمن شاء من عباده على ما اقتضته حكمته سبحانه، وسبقت به مشيئته، فهو الذي يعطي السائلين سؤالهم. قال تعالى: {وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار "34"} (سورة إبراهيم) والمغني الحق هو الذي لا حاجة له إلي أحد من الخلق أصلاً. ومن عرف أن الله تعالى هو الغني .. استغنى بالاعتماد عليه، قال تعالى: {ووجدك عائلا فأغنى "8"} (سورة الضحى) {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء الله عليم حكيم "28"} (سورة التوبة) {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلي الله والله هو الغني الحميد "15"} (سورة فاطر) هو المستغني عن كل ما سواه، والمفتقر إليه كل ما عداه، فلا يحتاج إلي شيء: لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:32 pm | |
| المانع قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لم منعت" هو الذي يمنع البلاء حفظاً وعناية، ويمنع العطاء عمن يشاء ابتلاء وحماية، وهو الذي يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن يحب. وهذا الاسم لم يرد في القرآن الكريم، لكنه مجمع عليه، فقد ذكر في كل منن رواية الوليد، ورواية زهير في الحديث النبوي الشريف، وجاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" وسبحان الذي يرد أسباب الهلاك والنقصان في الأديان والأبدان بما يخالفه من أسباب الحفظ، ومن فهم معنى (الحفيظ) فهم معنى (المانع). والمنع إرادة الحفظ، وقد يكون الحفظ إرادة المنع. وكل حافظ مانع، وليس كل مانع حافظاً، إلا إذا كان مانعاً مطلقاً لجميع الأسباب المهلكة. يقول الحق سبحانه وتعالى: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم "107"} (سورة يونس) ويقول الإمام العارف في حكمة له: ذل البلاء خير من عزة النعماء: لأنك في ذلك البلوى تذكره وتلجأ إليه وعند عز النعمة قد تطغى، فإن ذكرته عند البلوى رفعها عنك، وإن شكرته عند النعمة زادك، بدليل قول تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد "7"} (سورة إبراهيم) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:34 pm | |
| الضار ـ النافع قال تعالى: {قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله .."49"} (سورة يونس) {قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله .."188"} (سورة الأعراف) هو الذي يصيب من يشاء من عباده برحمته، وهو الذي يملك الضر والنفع وهو على كل شيء قدير، وقد يكون من الضر نفع، أو نوع من أنواع العلاج للذين هم بربهم لا يشركون. يقول الله سبحانه وتعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون "53"} (سورة النحل) {ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون "54"} (سورة النحل) {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم برهم يشركون "33"} (سورة الروم) وهو الذي يبده أسباب كل شيء مسخرات بأمره، وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله، واكبر دليل على ذلك قصة إبراهيم عليه السلام. أولاً: بأن السكين لا تقطع بنفسها في ولده إسماعيل. ثانياً: بأن النار لا تحرق بنفسها، بل كانت برداً وسلاماً على إبراهيم بأمر الله، اللهم إنا لا نسألك رد القضاء، بل نسألك اللطف فيه، في الدنيا ويوم القيامة. {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور "185"} (سورة آل عمران) {قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون "188"} (سورة الأعراف) {قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون "49"} (سورة يونس) الحمد لله الذي لا يضر مع أسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم. تحصنت بذي العزة والجبروت، واعتصمت برب الملكوت، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، اصرف عنا الأذى، إنك على كل شيء قدير. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:35 pm | |
| النور قال تعالى: {الله نور السماوات والأرض .. "35"} (سورة النور) هو الذي نور قلوب الصادقين بتوحيده، وهو الذي نور السماوات والأرض بما خلق فيهما من الأنوار. قال ابن عباس: (النور) الهادي الرشيد، الذي يرشده بهدايته ن يشاء فيبين له الحق ويلهمه اتباعه. وقال الحليمي: هو الهادي لا يعلم العابد إلا ما علمهم، ولا يدركون إلا ما يسرهم إدراكه، فالحواس والعقل فطرته، وخلقه وعطيته. وقيل "النور" الظاهر الذي ظهر كل الظهور، فإن الظاهر في ذاته المظهر لغيره سمى نوراً، فهو مظهر لكل شيء، ولكل موجود بإخراجه من العدم إلي الوجود. وقيل: هو الذي منه النور، والعرب تسمي من منه الشيء باسم ذلك الشيء. وقيل: هو خالق الأنوار. سأل ابن عباس النبي صلى الله عليه وسلم: "هل رأيت ربك ليلة أسرى بك؟ قال: "نور أني أراه". وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء بالغدو، عند ظهور أول النهار، وهو صلاة الفجر: "اللهم اجعل لي نوراً في قلبي، ونوراً في قبري نوراً في سمعي، ونوراً في بصري، ونوراً في شعري، ونوراً في بشري، ونوراً في لحمي، ونوراً في دمي، ونوراً في عظامي، ونوراً من بين يدي، ونوراً من خلفي، ونوراً من يميني، ونوراً من شمالي، ونوراً من فوقي، ونوراً من تحتي، اللهم زدني نوراً واعطني نوراً، واجل لي نوراً" ولنتدبر آية النور من سورة النور. قال تعالى: {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نورٍ يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم "35"} (سورة النور) وقد قال ابن عباس رضي الله عنه قوله: {الله نور السماوات والأرض .. "35"} (سورة النور) يقول سبحانه وتعالى: هادي أهل السماوات والأرض مثل نوره: مثل هداه في قلب المؤمن، كما يكاد الزيت الصافي "كذلك" يضيء قبل أن تمسه النار، فإذا مسته النار، ازداد ضوء، كذلك يكون قلب المؤمن يعمل الهدى قبل أن يأتيه العلم، فإذا أتاه العلم، ازداد هدى على هدى، ونوراً على نور، وما يعلم تأويله إلا الله .. ومن يجعل الله له نوراً فما له من نور. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله أناساً، ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله. قالوا: أخبرنا بهم يا رسول الله. قال: هم قوم تحابوا بروح الله، على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "62"} (سورة يونس) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:36 pm | |
| الهادي قال تعالى: {وكفى بربك هادياً ونصيراً "31"} (سورة الفرقان) هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وهو الذي هدى ما خلق لما أراد منه في دينه ودنياه، وجميع أمره. وهو المرشد لعباده، وهو الذي دل المؤمنين إلي الدين الحق، وهو الذي يهدي القلوب إلي معرفته، والنفوس إلي طاعته، ومن يؤمن بالله يهد قلبه، وإن الهادي هو الله. وقد ورد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت "عائشة" رضي الله عنها: بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة إذا قام من الليل؟ قالت: "كان إذا قام من الليل افتتح الصلاة بـ"اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلفوا فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من يشاء إلي صراط مستقيم" وقد ذكر "الهادي" سبحانه بلفظ الاسم مرتين في القرآن الكريم: {وإن الله لهاد الذين آمنوا إلي صراط مستقيم "54"} (سورة الحج) "اللهم إنا نسألك أن تهدينا إلي الصراط المستقيم" {وكفى بربك هادياً ونصيراً "31"} (سورة الفرقان) يقول الحق سبحانه: {وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا .. "43"} (سورة الأعراف) لأن الله لو لم ينزل منهجاً لما استقامت حركة حياتنا، ولما وصلنا إلي الجنة، ولذلك فنحن نحمد الله على أنه شرع لن ما جعلنا نصل إلي هذا النعيم، ويقول الحق جل جلاله: {وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .. "43"} (سورة الأعراف) تحدثنا عنها فقلنا: إن الهداية هي أقصر الطرق الموصلة إلي الغاية، وأن لله هداية ودلالة ومعونة، وهو أن يدلنا على الطريق المستقيم، أي دلنا على أقصر الطرق التي توصلنا للنعيم، وهناك هداية معونة، وهي أن يعين الله من أمن به على طريق الإيمان. والهداية من الله وحده، لأن البشر أنفسهم لا يعرفون الغاية التي خلقوا من أجلها، والذي يدلهم على هذا الطريق هو الله سبحانه وتعالى، وكل شيء في هذا الكون مصنوع لغاية. إذن: فالذين يشرعون لأنفسهم أو لغيرهم ضالون، بدليل أن التشريعات البشرية تتغير وتتبدل كل يوم، لماذا؟ لأن الإنسان علمه محدود، فساعة شرع عرف أشياء وغابت عنه أشياء، ولكن إذا شرع الله فلا يغيب عنه شيء. إذن: فقول الحق سبحانه وتعالى: {وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .. "43"} (سورة الأعراف) معناها أننا ما كنا نعرف الطريق إلي الجنة لولا أن هدانا الله إليه وبينه لنا، كيف؟ {لقد جاءت رسل ربنا بالحق .. "43"} (سورة الأعراف) لأن الله لا يخاطب أحداً مباشرة. إذن: فلابد من رسل ليبينوا لنا الطريق. وأنت إذا كنت ذاهباً إلي طريق تسأل عنه، فيقول لك إنسان: تأخذ الاتجاه الفلاني، وتستريح في المكان الفلاني إلي آخره، فإذا وجدت الطريق كما قال لك نقول: صدق الرجل وقال حقاً والرسل الذين أرسلهم الله لنا بالمنهج دلونا على الطريق، وعندما مشينا فيه قادنا إلي الجنة، وهم قد قالوا لنا حقاً ولم يكذبوا علينا. يقول الحق سبحانه: {كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم بالبينات والله لا يهدي القوم الظالمين "86"} (سورة آل عمران) إننا نرى هذا التعجب الجميل، فالحق سبحانه يقول (قولوا لنا كيف نهدي قوماً كفروا بعد الإيمان) ولو لم يكونوا قد أعلنوا الإيمان من قبل لقلنا: إنهم لم يذوقوا حلاوة الإيمان، لكن الذي آمن وذاق حلاوة الإيمان، ما الذي جعله يذهب إلي الكفر ثانية بعد أن أدرك حلاوة الإيمان؟ إنه التمرد المركب، فلو لم يكن قد آمن من قبل لقلنا: إنه لم يذق من قبل حلاوة الإيمان. وقد يقول قائل: مادام الله لم يهدهم فما ذنبهم؟ نقول لمثل هذا القائل: إنك يجب أن تتذكر ما نكرره دائما لتتضح القضية في الذهن؛ لأنها قضية شائكة خاصة عند غير الملتزمين، الذين يقول الواحد منهم "إن الله لم يرد هدايتي، فماذا افعل أنا؟". | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:37 pm | |
| البديع قال تعالى: {بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد "101"} (سورة الأنعام) هو الخالق البديع في ذاته، ولا يماثله أحد في صفاته، ولا في حكم من أحكامه، أو أمر من أوامره. فهو البديع المطلق الذي أبدع الخلق من غير مثال سبق، وهو الذي أظهر عجائب صنعته وغرائب حكمته، يقال: هذا شيء بديع إذا كان عديم المثل، وفي اللغة "بادع" أي: أبدع الشيء، والله بديع السماوات والأرض أي "مبتدعها"، وشيء "بدع" بكسر أي مبتدع، ومنه قوله تعالى: {قل ما كنت بدعاً من الرسل .. "9" } (سورة الأحقاف) أي: ما أنا بأول رسول جاء بالتوحيد، وذلك بأن البدع والبديع هو الذي لم يسبق له مثيل. عندما نتأمل عظمة الحق سبحانه نجد أنه يخلق كل خلقه بلا تماثل، فمنذ أن خلق الله آدم وحواء وإلي أن تقوم الساعة لن نجد إنساناً يشبه إنساناً آخر، لا في الشكل ولا في المضمون، وذلك دليل على طلاقة القدرة وسعة القوالب عند الحق. إن الله يجمعنا في المعنى العام بأن يكون كل منا إنساناً، لكن هل رأى أحد إنساناً يتشابه مع إنسان آخر، ولو في بصمة اليد؟ إذن: فعندما يعلمنا الحق سبحانه أنه بديع السماوات والأرض، وأن كل شيء له خاضع، فلنا أن نقول بخشوع الإيمان: سبحان الله مالك الملك الخالق الأكرم. ويبرز لنا الحق سبحانه طلاقة قدرته في قوله الكريم: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون "17" وله الحمد في السماوات والأرض وعشياً وحين تظهرون "18" يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيى الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون "19" ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنشرون "20" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون "21" ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين "22"} (سورة الروم) إن الحق سبحانه منزه عن أن يكون له مثيل، ذلك أنه وحده له الحمد من كل الوجود، هو الذي يخرج من الكائن الحي أشياء لا حياة فيها، ويحيى الأرض بالنبات بعد جفافها، وخلق الإنسان من تراب، وجعل من التراب بشراً متفرقين في الأرض يعملون في الكون الموهوب لهم من الله. ومن دلائل عظمته أنه خلق للإنسان أزواجاً من نوع الإنسان، وإن اختلف الذكر عن الأنثى، يتزوج الذكر الأنثى، وتتزوج الأنثى الذكر، على أساس من المودة والتراحم. وفي ذلك دلائل لقوم يتأملون بالفكر بديع صنع الله في خلق السماوات والأرض، واختلاف ألوان البشر، وتباين ألسنتهم، وفي ذلك من الدلائل ما ينتفع به أهل العلم والفهم، إن من طلاقة قدرة الحق في إيجاد البشر أنهم مختلفون على كثرتهم التي لا تعد ولا تحصى، منذ خلق الله آدم إلي قيام الساعة، فلو جمعنا الناس جميعاً فلن نجد واحداً يطابق الآخر في أصله أو صورته، إنها دقة الحكمة في الإبراز في صور متعددة، تعطي القدرة. وبعد أن يموت الإنسان، وتتفرق العناصر في التراب يذهب كل عنصر إلي نظيره، ثم يأتي البعث ليجمعنا إنها دقة الحكمة والإبراز والإيجاد بهذا القدر من الاختلاف. يقول الحق: {بديع السماوات والأرض وإذا قضى الأمر فإنما يقول له كن فيكون "117"} (سورة البقرة) إنها دقة حكمته في بديع صنعه لهذا الكون: يقول الحق: {بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم "101"} (سورة الأنعام) وقال في آياته: {لخلق السماوات والأرض اكبر من خلق الناس .. "57"} (سورة غافر) أي: إذا كنت ترى في نفسك عجائب كثيرة من خلق الله، وإذا كان العلم التشريحي، أو علم وظائف الأعضاء يعطينا كل يوم سراً في جسد الإنسان نتعجب له، فخلق السماوات والأرض أعجب من ذلك؛ لأنه أول إيجاد من عدم، وإيجاد بديع. أي: أنه من غير مثال سبقه، أي: أنه في معظم الأشياء يجب أن يوضع ماكيت أولاً، وتكون هناك مقاسات وقياسات وتعديلات إلي آخره، ولكن الخلق تم بكلمة (كن) في عملية غاية في الدقة، خلقت كلها في وقت واحد، والأرض كما نعرف كوكب من كواكب الشمس. وكانوا قديماً يقولون: إن توابع الشمس سبعة، وخدع في ذلك كثير من المفكرين، فقالوا: إنها السماوات السبع، ثم بعد ذلك اكتشفت كواكب جديدة، حتى أصبح عددها الآن عشرة، وهذه كلها زينة السماء الدنيا، وفي السماء ملايين المجموعات الشمسية، وكلما تقدم العلم رأينا أشياء لم نكن نراها، خلق بديع في مسافات هائلة. لذلك قال الحق: {والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون "47"} (سورة الذاريات) وهذا الكون المعجز خلقه الله بقدرته الذاتية الفائقة. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:38 pm | |
| الباقي هو الموجود الواجب وجوده بذاته، وهو الدائم الوجود، الموصوف بالبقاء، والبقاء لله تعالى، هو بقاء أبدي أزلي .. من أبد الأبد .. إلي أزل الأزل. وليست صفة بقائه ودوامه سبحانه وتعالى كبقاء الجنة والنار ودوامهما، ذلك بأن الجنة والنار مخلوقتان كائنتان بعد أن لم تكونا. فيكون بقاء الجنة والنار أبدياً غير أزلي. والأبد بالنسبة للجنة هو استمرار الوجود إلي ما شاء الله، ومن شاء فليتدبر هذه الآية الكريمة: {وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذٍ "108"} (سورة هود) وقد قيل في معنى الأزلي: هو ما لا يكون مسبوقاً بالعدم. وهذه الصفة من صفات الله وحده، كما أن كل شيء يستولى عليه الفناء، وكل شيء هالك إلا وجه الله. وقد قيل: إن معنى أزلية الله تعالى وأزلية صفاته، أنه موجود حيث لا مكان، فهو الموجود الذي ليس لوجوده ابتداء. وسبحان الباقي. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:39 pm | |
| الوارث قال تعالى: {وإنا لنحن نحيى الموت ونحن الوارثون "23"} (سورة الحجر) هو من له ما في السماوات والأرض، رب كل شيء ووارثه، ورازقه، وراحمه، وهو الباقي بعد فناء خلقه الذي لا يشركه في ملكه أحد، وإليه يرجع كل شيء. ثم لنتدبر هذا الدعاء من سورة الأنبياء: {رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين "89"} (سورة الأنبياء) يا الله، أنت الوارث الحق المبين. يقول الحق سبحانه: {ونحن الوارثون "23"} (سورة الحجر) فيدل على أن هناك تركة كبيرة، قالوا: لأن كل ما تراه عينك في الكون هو ملك لله؛ لأنه سبحانه هو الذي خلق وأوجد، فكل هذه الأشياء تعود إليه سبحانه وتعالى مرة أخرى، فكأنه يرثها. قال تعالى: {إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون "40"} (سورة مريم) فكما خلقها الله أولا تعود إليه ثانياً، ولا تظن أنك أنقصت شيئاً في الكون، لأنك لو نظرت إلي مقومات الحياة من هواء ومن ماء وطعام يخرج من الأرض، لوجدت الكميات الموجودة هي هي لا تزيد ولا تنقص. فالماء مثلاً لو قدر للإنسان أنه شرب ألف طن من الماء في حياته، نقول له: أنت لم تخزنها في جسمك، بل إن هذا الماء يخرج كل يوم في البول والغائط والعرق والإفرازات الأخرى، فأنت تزن الماء الذي في جسمك فقط، والذي يمثل 90% من وزنك، والباقي الذي شربته من الماء خرج وذهب ليأخذ دورته في الحياة. إذن: فكمية الماء التي خلقت من أول الخلق كما هي، ولذلك اقرأ قول تعالى: {والذاريات ذرواً "1" فالحاملات وقراً "2" فالجاريات يسراً "3" فالمقسمات أمراً "4"} (سورة الذاريات) الذاريات هي الرياح، والحاملات وقراً هي السحاب، والجاريات يسراً أي ستجري بيسر، والمقسمات أمراً هي الملائكة، تعطي بعض المطر هنا وبعضه هنا حسب مشيئة الله تعالى. وقوله تعالى: {وإنا لنحن نحيى الموت ونحن الوارثون "23"} (سورة الحجر) يعلمنا الله أن الموت والحياة أمران يخصان الكائن الحي، ولا تظن أن الموت والحياة خاصان بنا فقط؛ لأننا لا ندركها إلا فينا، ولكن كل شيء تنتهي مدة أجله في الحياة يسمى ميتاً. وكل شيء تبدأ له مهمة في الحياة يكون حياً، بدليل أن الحق سبحانه وتعالى قال: {كل شيء هالك إلا وجهه .. "23"} (سورة القصص) فكل ما يطلق عليه أنه شيء سيحدث له هلاك فقد كان حياً، ولكن هل الهلاك مقابل الحياة؟ نعم لأن الله تعالى قال: {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينةٍ .. "42"} (سورة الأنفال) إذن: فكل شيء هالك، أي: كان حياً ثم هلك، وكما نقول: الجماد سيهلك، إذن: فقد كانت له حياة، والحياة حركة تناسب الحي في مهمته، والهلاك ضد الحياة. فبالنسبة للجماد قد نرى حجراً كان له لون معين، وبعد مدة من الزمن تغير لونه، فهذا جرانيت، وهذا رخام، وهذا مرمر، وهكذا هذا التغير معناه أن فيه حركة من ذاته، ولو لم يكن فيه حركة في ذاته لكان كل شيء يبقى على حاله. إذن: فقوله تعالى: (نحي ونميت) خذها على أوسع معانيها، وخذ (الوارثون) أيضاً على أوسع معانيها، لماذا؟ لأن الوارث الذي نعرفه هو الذي يرث من مات، فهكذا ربنا سبحانه سيرث كل ما كنا نرثه. قال تعالى: {إنا نحن نرث الأرض ومن عليها .. "40"} (سورة مريم) فانظر ميراث ربنا سبحانه، ورث المتروك والتارك أيضاً، والمسألة طبيعية؛ لأن الله تعالى ليس في حاجة أن يقول؛ إن الكون كله ملكه، لأنه خلقك وخلقه لك، لكن الوارث في الدنيا يأخذ من عمل التارك، ولا يرثه، إنما يرث المتروك ويبعد التارك، ويدفنه في الأرض، فانظر الفرق، والوارث من البشر يرث المتروك من البشر. إنما لا يرث الذي ورثه، بل يدفنه ولا يستطيع أعز إنسان على الميت أن يؤخر دفنه يوماً، بل يسارع إلي دفنه إذن: فأنت هذا وذاك، فالله نعم الوارث. | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:40 pm | |
| الرشيد قال تعالى: {ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً "10"} (سورة الكهف) هو ربي الرشيد المرشد، ملهم الرشد لأهل طاعته، وهو الذي أرشد الخلائق إلي هدايته، ذو الحبل الشديد والأمر الرشيد. قال الحليمي رحمه الله: "الرشيد" هو المرشد سبحانه ومعناه: الدال على المصالح والصالح والداعي إليهما، وهذا من قوله تعالى: {وهيئ لنا من أمرنا رشداً "10"} (سورة الكهف) وقال عز وجل: {ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً "17"} (سورة الكهف) فإن مهيء الرشد مرشدا أي هاد، والرشد هو الصلاح، وهو الاستقامة، وهو خلاف الغي والضلال. ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك رحمة من عندك، تهدي بها قلبي، وتجمع بها شملي، وتلم بها شعثي وترد بها الفتن عني، وتصلح بها ديني، وتحفظ بها غايتي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتبيض بها وجهي، وتلهمني بها رشدي، وتعصمني بها من كل سوء" إلي أن يقول صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء: "اللهم هذا الدعاء، وعليك الإجابة، وهذا الجهد عليك. وعليك التكلان. إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ذي الحبل الشديد، والأمر الرشيد | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: متابعة الأحد يوليو 12, 2009 3:42 pm | |
| الصبور قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون "200"} (سورة آل عمران) هو الصبور الذي يملي ويمهل، وينظر ولا يعجل ولا يعاجل، ولا يسارع إلي الفعل قبل أوانه، وينزل الأمر بقدر معلوم، ولا يؤخره عن أجله. وربما كان معنى الصبور هو الذي يسقط العقوبة بعد وجوبها .. وقد يطلق على من يؤخرها، فيكون كالحليم الذي لا يعجل بالعقوبة على من عصاه. وقد يكون معناه: ملهم الصبر لجميع خلقه. وفي اللغة: الصبر حبس النفس عن الجزع، وبابه ضرب، قال تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه .. "200"} (سورة الكهف) "واصبر نفسك" أي: احبسها: يقال: صبره أي حبسه، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم في رجل أمسك رجلاً وقلته آخر قال: "اقتلوا القاتل، واصبروا الصابر" أي: احبسوا الذي حبسه للموت حتى يموت. ويقال: هو صبير القوم. للذي يصبر لهم، ومعهم في أمورهم، وهو صبور ومصطبر ومتصبر. ويقال: استصبر الشيء إذا اشتد، ويقال: اصطبرت منه أي: اقتصصت وفي حديث عثمان: "هذه يدي لعمار فليصطبر" وأصبرني القاضي: أقصني. والحديث "سدرة المنتهى صبر الجنة" أي: أعلاها. ولنتدبر القرآن الكريم في آياته: {إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود "103" وما نؤخره إلا لأجل معدودٍ "104" يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد "105"} (سورة هود) | |
|
| |
محمود أحمد عضو لا مثيل له
نقاط : 14520 السٌّمعَة : 8
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: المرجع / المصدر الأحد يوليو 12, 2009 3:44 pm | |
| | |
|
| |
ahmed عضو لا مثيل له
نقاط : 12948 السٌّمعَة : 12
بطاقة الشخصية هوايات:
| موضوع: رد: تفسير أسماء الله الحسنى السبت أبريل 10, 2010 2:10 pm | |
| مع جزيييييييييييييل الشكر يا محمود | |
|
| |
محمد يوسف محمد برجل عضو مميز
نقاط : 11955 السٌّمعَة : 13
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: شكرا الأحد أبريل 11, 2010 6:06 am | |
| | |
|
| |
حسام فكري عضو فعال
نقاط : 11687 السٌّمعَة : 0
بطاقة الشخصية هوايات:
| موضوع: رد: تفسير أسماء الله الحسنى الأحد أبريل 11, 2010 6:34 am | |
| | |
|
| |
Admin Admin
نقاط : 15200 السٌّمعَة : 63
بطاقة الشخصية هوايات: القراءة والاطلاع
| موضوع: رد: تفسير أسماء الله الحسنى الأحد أبريل 11, 2010 9:29 am | |
| شكرا لكم جميعا | |
|
| |
| تفسير أسماء الله الحسنى | |
|