الاسم الإسلامي
و بعد يومين و في صلاة الجمعة اقترح أبو حسين أن أعلن دخولي في الإسلام أمام جموع المسلمين في المسجد ، فسألني ما هو الاسم الإسلامي الذي سأختاره كي يتولى الإمام تقديمي للمصلين كمسلم جديد، فقلت له: "لا أعرف و لكن لابد له أن يستخدم اسمي الأمريكي" ، و في هذه الأثناء كان أبو حسين يتلو القرآن بجانبي ووصل إلى كلمة يحي" في سورة مريم ، ثم وكزني و قال لي بهدوء : ما رأيك في هذا الاسم؟ فقلت له: ماذا يعني؟ فقال لي: John the Baptist أي يحي المعمداني و المعنى الآخر أي "يعيش" ، فأعجبني هذا الاسم لأنني فهمت معناه في لغة الإنجيل و كذلك لأن معناه بالعربية راقني حيث أنني بدخولي للإسلام قد بدأت أعيش حياة جديدة، و بعد انتهاء الصلاة أعلن الإمام دخولي في الإسلام و دعاني إلى ترديد الشهادتين أمام جموع المصلين الغفيرة الذين قاموا على الفور بتهنئتي و تزاحموا حولي و كان كل منهم ينتظر دوره للتعبير عن فرحته و احتفائه بي و معانقتي.
و أدركت بعد إسلامي أهمية اكتساب العلم الشرعي و تطبيق هذا العلم في الحياة اليومية ، وكذلك علمت أنه من المرونة و التسهيل في الدين الإسلامي هو كون الإسلام يَجُبّ ما قبله فلا يكون الشخص مسئولاً عن جهله السابق بالإسلام . و أعتقد أنني كنت محظوظا للغاية بوجودي في بلد إسلامي وقت دخولي في الإسلام ، و بوجود الكثير من العلماء المسلمين و المصادر الإسلامية المتنوعة ، وكذلك مما سهل عليَّ فهم الإسلام و استيعابه هو التطبيق المباشر لتعاليم الدين الإسلامي في الحياة الاجتماعية.
الزواج الإسلام
و لأن الزواج من السنن المحببة في الإسلام ، دار في خلدي أن أعظم هدية أقدمها لأبنائي في المستقبل هي اللغة العربية -لغة القرآن- و ذلك بالزواج من فتاة عربية ، و فعلاً تزوجت من فتاة سورية و لقد أنعم الله علي بأبناء يجيدون اللغة العربية و قادرين على معرفة و تعلم الإسلام ، وربما كان زواجي مدعاة للسخرية عند بعض أصدقائي الأمريكيين من غير المسلمين و الذين لم يتقبلوا زواجي من فتاة لا تربطني بها أيُّ علاقة أو معرفة سابقة ، فوضحت لهم قدسية الزواج من المنظور الإسلامي و أن الزواج أمر مقدر من عند الله ، وقلت لهم ضاحكاً "إن مصاحبة الفتاة قبل الزواج بشكل غير شرعي هو بالضبط كالذي يجرب قيادة العديد من السيارات قبل شراء السيارة المناسبة" ، و أكدت لهم أنه ليس هذا بالطبع هو المقصود من الزواج في الدين الإسلامي . و بالرغم من استهزاء أصدقائي من زواجي الإسلامي لكنني أحمد الله على قبول عائلتي في أمريكا بإسلامي آخر الأمر ، فلقد صدمهم خبر قبولي الإسلام بدايةً و لكنهم فيما بعد قالوا لي"إذا كان هذا الاختيار هو سبب لسعادتك ، فسنكون نحن سعداء أيضاً بالتأكيد." و لذلك كان التعامل بيني و بين أهلي على أساس من التقدير و الاحترام المتبادل.
دخول والدتي في الإسلام
كانت أكبر نعمة أنعم الله بها عليَّ بعد إسلامي هو دخول والدتي في الدين الإسلامي ، ففي أحد الأيام اتصلت بي أختي من أمريكا لتخبرني بمرض والدتي الخطير ، فأسرعت وزوجتي من السعودية قادمين إلى أمريكا بغرض الاطمئنان على صحة والدتي ، و أثناء وجودي إلى جانب والدتي سألتها: "هل تؤمنين بإله واحد يا أمي؟" فقالت: "نعم" فطلبت منها أن تردد "لا إله إلا الله" فقامت بترديدها ثلاث مرات بالعربية و الإنجليزية أيضا، ثم سألتها: "هل تؤمنين بجميع الأنبياء مثل آدم و نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد؟" فردت بالإيجاب ، و عندها طلبت منها ترديد الشهادتين "أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله" فقامت بذلك و باللغتين العربية و الإنجليزية، و كان هذا أمر عظيم جداً بالنسبة لي و خاصة أن والدتي قد غادرت الدنيا بعد خمسة أيام فقط من دخولها في الإسلام ، لم أكن أتصور أن أمي قد تموت على الكفر ، فحمدت الله سبحانه وتعالى كثيراً على هذه النعمة باهتداء والدتي إلى الصراط المستقيم في آخر حياتها رحمها الله رحمةً واسعةً.
يقيم " يحي فلود " حالياً بالمدينة المنورة حيث يعمل أستاذاً للغة الإنجليزية في كلية التربية بجامعة الملك عبد العزيز في المدينة المنورة ، و هو يحب إقامة حوارٍ بنّاء مع غير المسلمين ليشاركهم خبراته في الحياة.[/color]