أساليب ووسائل الإقلاع
إن أول خطوة من خطوات الإقلاع عن آفة التدخين تتمثل في قناعة الشخص المدخن بأهمية وضرورة إقلاعه عن التدخين، ثم أنه قادر بالتالي على الإقلاع مع توافر الوعي والقناعة بأن لا مناص من الإقلاع عن التبغ والتدخين. ثم القناعة التامة بأن هذا الأمر ليس بالصعب أو المستحيل إذا توفرت الإرادة والعزيمة الصادقة للإقلاع عن تناول هذه الآفة. ومثال على ذلك أن المدخن يستطيع التوقف عن التدخين معظم اليوم في رمضان وذلك أثناء الصيام، وهنا تتجلى أهمية العزيمة والإرادة الصادقة. لذا فإننا ننصح من يريد الإقلاع أن يختار الوقت المناسب بحيث يعينه ذلك على الصمود والإستمرار والثبات على الإقلاع.
وينبغي لمن يريد الإقلاع عن التدخين بجد وإصرار أن يعين موعدا (يوما) محددا يبدأ منه الإنقطاع التام عن التدخين وذلك بعد أن يكون قد قطع شوطا في الإعداد لهذا اليوم. وليكن هذا الموعد قريبا جدا، حيث أن الجدية تعني عدم التسويف أو التراخي. وينبغي كذلك أن يضع نصب عينيه مخاطر التدخين وعواقبه الوخيمة إذا ما استمر فيه. ثم يسأل الله تعالى العون والثبات على طريق الإقلاع والإستمرار فيه. وله بعد ذلك ان يتبع التعليمات التالية التي تمثل عاملا مساعدا ورفيقا مرشدا الى امثل السبل للمساعدة على الإقلاع والتي تساعد على تجاوز فترة ما بعد الإقلاع يوما بعد يوم حتى يتم الإقلاع التام ويصبح من "غير المدخنين". ولكل شخص أن يعدل أو يزيد على ما نذكر من أفكار تساعده أكثر في المضي على طريق الإقلاع وذلك بسبب التفاوت بين الناس في تقبل ما يعتقدون أنه أصلح لهم.
أولا: إتخاذ القرار – كن حازما وحاسما في إتخاذ قرار جاد في الإقلاع عن التدخين. وتجنب الأفكار السلبية والمثبطة التي قد تراودك عن مدى صعوبة الإقلاع أو حتى استحالته.
ثانيا: ضع قائمة بالأسباب التي دعتك الى الإقلاع، واعمل على ترديدها وتذكرها طوال يومك وعندما تأوي الى فراشك. علما بأنك لا تزال للآن تدخن ولم يحن الوقت المحدد بعد للإقلاع. مثال ذلك ان تقول: أود الإقلاع عن التدخين للأسباب التالية: لأحصل على صحة أفضل، ولأتجنب الإصابة بأمراض القلب والتنفس والسرطانات، ولانقذ أهلي وعائلتي وأطفالي من التعرض للدخان وآثاره الضارة، ولأتجنب الوقوع في المعصية وفي الحرام ... الى آخر ما يخطر ببالك من اسباب للإقلاع عن التدخين.
ثالثا: قارن دائما بين أن تتناول السيجارة أو تحافظ على صحتك، فهذان الأمران ضدان لا يجتمعان. فإما الصحة وأما التدخين. وكذلك بين أن تتناول السيجارة أو تنال مرضاة ربك، فإن الذي عليه أغلب الفقهاء اليوم أن التدخين بأنواعه حرام.
رابعا: تغيير نمط الحياة. إبدأ في تكييف نفسك على الوضع الجديد، وكن خلاقا لبرامج وهوايات جديدة كأن تبدأ في ممارسة الرياضة بانتظام، وتطيل من فترات الإسترخاء والراحة بدون تدخين في هذه الفترة، وأن تكثر من شرب السوائل، وتبتعد عن الإكثار من تناول المنبهات كالشاي أو القهوة.
خامسا: عند هذا حدد يوما معينا لبداية الإقلاع عن التدخين. وكما قلنا سابقا يستحب أن يكون هذا الموعد ذا صفة خاصة كأن يكون يوم صيام (في رمضان أو غيره) أو أي عبادة أخرى كحج أو عمرة مثلا، حتى يكون هذا معينا على الإلتزام الجاد بالإمتناع عن التدخين.
سادسا: تذكر دائما أن هناك العديد من الناس من حولك (كعائلتك مثلا) سوف لا يترددون في تقديم العون المعنوي لك حتى يكون ذلك حافزا لك على الصمود. وكذلك تذكر أن المساعدة في متناول يدك في أي وقت عند اللجوء الى العيادات المتخصصة في المساعدة على الإقلاع عن التدخين. والتي قد تقدم النصح اللازم أو الدواء المساعد إن لزم الأمر. فلا تتردد في الإتصال وطلب المساعدة.
ما قد يحدث عند الإقلاع
الإقلاع عن التدخين مهمة ليست بالسهلة كما أنها ليست بالمستحيلة. حيث ان هناك أكثر من 5 ملايين شخص حول العالم يقلعون عن التدخين بنجاح كل عام.
إعلم أن الأعراض التي تصيب المدخن عقب امتناعه عن التدخين (أعراض الإنسحاب) هي أمر عارض وسرعان ما تزول هذه الأعراض خلال أسابيع قليلة. وغالبا ما تكون أعراض الإنسحاب شديدة في الأيام الأولى ثم تبدأ بالتناقص تدريجيا مع مرور الوقت، شأنها شأن أي مرض إدمان آخر. حيث أن مادة النيكوتين في السجائر هي المسؤولة عن هذا الإدمان وبالتالي فإن الإنقطاع عن التدخين يقلل من مادة النيكوتين في الجسم مما ينتج عنه أعراض الإنسحاب كاللهفة والشوق الى التدخين، التوتر والقلق والعصبية، عدم القدرة على النوم بسلاسة، عدم القدرة على التركيز، وقد يصحب ذلك سعال وضيق في التنفس. لذا عليك تجاوز هذه المرحلة بالعزيمة والصبرواللجوء الى الأصدقاء غير المدخنين والى الأهل كي يعينوك على تجاوز هذه الفترة بنجاح، بالإضافة الى استخدام الوسائل والطرق المختلفة التي نذكرها في هذا المقال.
واعلم أيضا أن معظم الإنتكاسات التي تحدث للمقلعين عن التدخين تحدث خلال الأشهر الثلاثة الأولى وذلك عندما يتعرضون لضغوط عملية أو نفسية وعصبية غير متوقعة، وهذه أيضا هي الفترة التي يظل فيها المقلع تحت تأثير ما اعتاد عليه من عادات التدخين، بحيث يلجأ للتدخين عند أي ضغوط، فقد تمتد يده الى السجائر بصورة تلقائية لأنه اعتاد أن يريح أعصابه بالتدخين.
طلب المساعدة من الآخرين
إن تهيأت الجو المنزلي المناسب أمر في غاية الأهمية للمقلع. سواء في ذلك ‘إعداد الأهل كالزوجة والأولاد بحيث يقوم الكل بما عليه من واجب المساعدة، فيمنع التدخين بتاتا في المنزل ويفضل إن كان هناك أكثر من شخص يدخن في المنزل الواحد أن يتفق الجميع (كالزوج وزوجته مثلا) على أن يبدأوا في الإقلاع معا كي يحفز الواحد منهم الآخر. وينبغي التخلص من كل علب السجائر في المنزل والتخلص من كل ما يذكر بالتدخين مثل طفايات السجائر مثلا.
كذلك يمكن إشراك الأصدقاء للمساعدة في هذا الأمر. ويكون ذلك سلبيا من خلال عدم مجالسة أو مخالطت الأصدقاء المدخنين والإبتعاد عن جو التدخين كليا (لأن التدخين السلبي لا يقل خطورة عن التدخين المباشر، ثم إن مخالطة المدخنين تحفز على العودة للتدخين ولا تعين على الإقلاع بحال)، أو إشراك الأصدقاء إيجابيا من خلال التحدي والمراهنة على عدم العودة للتدخين ثانية بحيث يكون الأصدقاء بمثابة الحارس والمذكر بالإلتزام بالإقلاع.
طرق الإقلاع
هناك من ينجح بالإقلاع عن التدخين من خلال الإمتناع المباشر، أي أنه بمجرد أن قرر الإمتناع عن التدخين، توقف كليا وهذه احدى الطرق المجربة والتي قد تنجح لدى البعض. ولا بأس من التجربة إن كنت تعتقد في قرارة نفسك أنك قادر على ذلك. ولكن المشكلة أن الكثير من المدخنين لا يستطيعون ذلك، أو جربوا هذه الطريقة ففشلوا. فما عساهم أن يفعلوا؟ حينها لا مناص من الإقلاع المتدرج وهو الذي يؤتي أكله عند أكثر المقلعين.
لهؤلاء نقول، فليبدأ المقلع أولا بتقليل كمية النيكوتين المتناولة يوميا. ويكون ذلك من خلال وضع جدول زمني بحيث يبدأ بالتقليل من السجائر المدخنة يوميا حتى يصل الى مرحلة اللاتدخين عند اليوم المحدد مسبقا بيوم الإقلاع التام وليبدأ هذا الجدول الزمني قبل يوم الإقلاع بأسبوعين أو ثلاثة. وهناك من يحاول التقليل من كمية النيكوتين المتناولة يوميا من خلال تغيير صنف السجائر الى نوع آخر من السجائر ذات كمية مخففة من القطران والنيكوتين. وهذه طريقة أخرى وإن كنا لا ننصح بها بل نفضل الطريقة الأولى. وخلال هذه الفترة -وهي فترة اختبار- ينبغي على المقلع أن يأخذ المسألة في غاية الجد والعزم ولا يتنازل تحت أي ظرف من الظروف.
ثم قلل من كمية السجائر التي تتناولها أكثر من السابق وذلك من خلال تدخين نصف السيجارة فقط. واعمل على تأخير الساعة التي تشعل فيها أول سيجارة في اليوم. وخذ قرارا حازما بعدم التدخين لحظة انعزالك عن الناس. والهدف من كل هذا هو كسر الروتين الذي تعود عليه المدخن طيلة سنوات التدخين.
كذلك حاول أن تغير عاداتك الغذائية مثل أخذ كوب من اللبن بدلا من التدخين صباحا، أو تناول تفاحة كلما خزب خطب وزاد ت الرغبة في التدخين أو تناول كوب من العصير بعد الوجبات الغذائية.