وكان لخبراتي في الصف التاسع ميزة أخرى أشير إليها بنوع من الندم: بالرغم الفوائد التعليمية التي لا تقدر بثمن والتي لم أحرزها، إلا أن كلتا الخبرتين تعتبر هامشية مقارنة بالاهتمامات الرئيسية التي تعبر عنها المدارس الأمريكية في هذه الأيام. وهناك الكثير من صنّاع القرار، والخبراء، والممارسين للمهن التربوية يشاركون في نقاشات رائعة حول الحاجة للاختبار والمساءلة، ومحتوى المناهج، والفوائد الهامة لطرق التدريس ، مثل استخدام تكنولوجيا الحاسوب.
ولا أقصد التخلي عن هذه المخاوف الضرورية. ولكن ما ينقص هذه النقاشات هو السؤال الرئيسي التالي: كيف يمكننا تمكين الطلبة من ملاحظة المعرفة والمهارات التي نتوقع منهم تعلمها في المدرسة واعتبارها ضرورية لحياتهم وتحقيق طموحاتهم؟
وببساطة، يمكن القول أن المسألة ليست دافعية أكاديمية ضمن الإطار التقليدي. إن الدافعية للدراسة باجتهاد تكفي للحصول على درجات جيدة وتلبية متطلبات المساق. وبدلا من ذلك، فإن مسألة الهدف الذي يكمن وراء المتطلبات هو أنه لماذا تعتبر عملية التدريس ضرورية بالدرجة الأولى؟ على المستوى الشخصي، لماذا يجب على طالب ما أن يهتم بتعلم المعرفة المقدمة له في المدرسة وبذل جهد كبير لاستخدامها بطريقة متقنة وأخلاقية، أي،ما الهدف من التميز الفكر والمعنوي؟
الطلبة الذين لديهم أهداف والطلبة الذين من دون أهداف
ربما يشعر بعض التربويين بالقلق من أن طرح أسئلة (لماذا) كبيرة والتي تساعد الطلبة على إيجاد هدف قد يشتت انتباههم عن موضوع الدراسة الذي يتوقع من المدرسة نقله، والعكس صحيح: فقط عندما يكتشف الطلبة المعنى الشخصي في العمل الذي يقومون به، فإنهم يبذلون جهودهم مع التركيز على زيادة المعرفة.
إن السؤال المتعلق بالهدف هو ما يطلق عليه علماء النفس باسم (الاهتمام الأقصى) Emmons, 1999 لأنه يعطي قيمة للأهداف قصيرة الأمد (مثل النجاح في الاختبارات والحصول على درجات جيدة) عن طريق طرح سؤال: إلى أين تؤدي هذه الأهداف قصيرة الأمد ؟. ويعمل الهدف كنجمة في الشمال أثناء مسار التميز: أي أنها توفر نقطة ثابتة لزيادة الإلهام وتوجيه أفضل لجهود الطلبة نحو تحقيق أهداف بعيدة الأمد، في غرفة الصف وأبعد من ذلك.
ولسوء الحظ، فإن الطلبة المتميزين ذوي الأهداف العليا يمثلون حالة استثنائية وليس قاعدة في صفوفنا. وفي البحث الذي أجريناه من خلال مشروع ستانفورد لتحديد أهداف الشباب Damon, 2008 ، فقد وجدنا أن حوالي 20% من الطلبة من العينة المتعددة كانوا ينفذون دراساتهم من خلال توفر حس واضح بالهدف. وقد تميز هؤلاء الشباب عن أقرانهم بمعرفتهم بأسباب وجودهم في المدرسة: لقد وجدوا اتجاهات مفيدة لحياتهم، وأرادوا الاستعداد لها. لقد بذلوا جهداً كبيراً للنجاح في المساقات الصفية وأكثر من ذلك.
ومن بعض هؤلاء الطلبة ذوي الأهداف الكبيرة، من يثير الدهشة. وفيما يلي بعض الأمثلة:
- رايان، فتى أصبح مهتماً بالأسر في إفريقيا، التي تملك كميات كافية من مياه الشرب. وعندما بلغ الثانية عشرة، تمكن رايان من جمع ملايين الدولارات لبناء آبار لمياه الشرب في الدول النامية وقد وضع الأسس لكي يواصل هذه الجهود.
- نينا، التي بعد مشاهدة انتشار مرض سرطان الرئتين في بلدتها الواقعة غرب فيرجينيا، أمضت سنوات من سن المراهقة وهي تقود مجموعة من الشباب في الجمعية الأمريكية للسرطان ، من أجل مساندة إجراء بحوث السرطان والسياسة الاجتماعية. وتعمل حاليا على دراسة الطب في تخصص السرطان.
- باسكال، موسيقي جاز ملهم يربط الإبداع بالدراسات الجادة، ويتدرب بشكل مكثف، وهو يتقن دراسة المواد البرجماتية والواقعية التي تمكنه من النجاح في عمله كموسيقي.
- باربرا، عندما كانت في السادسة عشرة، انضمت مع أحد أصدقائها إلى قيادة مؤسسة تدعى " لا تكن خاماً!" والتي تعزز من نشر الطرق البيئية لمزارعي تكساس من أجل التخلص من النفط المستعمل الناتج عن جراراتهم (تراكتوراتهم) بدلاً من إلقائه في الحقول.
ومن الناحية الأخرى، فهناك ما يقارب 25% من العينة ممن كان لديهم اهتمام قليل بالأهداف طويلة الأمد من أي نوع، كان من الصعب التحدث معهم حول الهدف لأنهم لم يواصلوا العمل على تحقيق المهام اليومية. وهناك البعض منهم ممن كان راضياً عن حالة عدم وجود هدف، وأنهم كانوا يستمتعون بالفرص العادية التي توفرها حالة العقل هذه. وهناك عدد آخريمكن أن يكون لديهم شعور بالقلق، والتوتر،. ولم يكن هناك الكثير من هؤلاء الطلبة ممن يجيدون استغلال سنواتهم الدراسية، ولا ننسى موضوع البحث عن التميز.
وفي المدى المتوسط لعينة الدراسة، بين الطلبة الذين لديهم أهداف وأولئك الذين ليس لديهم أهداف، وجدنا مجموعة كبيرة (55%) مما تعرضوا للحظات للهدف ولكنهم لم يحتفظوا بعد بالتزام تجاه أي طموح محدد. ومن هؤلاء من يتأرج بين اهتمام وآخر دون معرفة السبب؛ وكان البعض من الحالمين الذين لديهم رؤى حول ما يريدون أن يصبحوا مستقبلا، ولكن دون حس واقعي حول كيفية تحقيق ذلك. ومن خلال النوع الصحيح من التوجيه، فقد كان بإمكان جميع هؤلاء الطلبة إيجاد هدف متميز يمكن أن يعطي قيمة لأعمالهم المدرسية والحياة. ولكن ولتحقيق هذا الأمر، على المعلمين بحث ومعالجة السؤال المتعلق بسبب أهمية المعرفة الأكاديمية.