فإذا استقمنا ، وقرأنا القرآن ، وفهمنا القرآن ، وخدمنا من حولنا و كنا أبراراً بوالدينا ، وأمهاتنا ، ونصحنا المسلمين في بيعنا وشرائنا ، وما كذبنا و ما غششنا ، وما اعتدينا ،وإن غضضنا أبصارنا عن محارم الله ، فالمطالبة قضية سهلة جداً ، ما لك مطالب أن تخوض معركة ، مُطالب فقط أن تستقيم ، ُمطالب تتعلم ، ُمطالب أن تعلم تقرأ القرآن ، تفهم القرآن ، تُعلم القرآن ، تستقيم على أمر الله ، تعامل الناس بالإحسان تكون صادقاً ، تكون أميناً ، إذا
فعلت هذا في عصر الفتن ، وعصر الضلالات ، وعصر الشبهات ، وفي عصرٍ فيه القابض على دينه كالقابض على جمر فلك أجر عظيم . النبي الكريم قال : اشتقت لأحبابي ، قالوا أو لسنا أحبابك قال لا : أنتم أصحابي ، أحبابي أناس يأتون في آخر الزمان ، القابض منهم على دينه كالقابض على جمر ، أجره كأجر سبعين ، قالوا : منا أم منهم ، قال : بل منكم ، قالوا ولم ؟ قال : لأنكم تجدون على الخير معواناً ولا يجدون . المسلم المؤمن غريب ، يعني أن أقرب الناس إليه يستنكر استقامته يُستنكر إذا أراد ألا يختلط مع الناس ، ترى إنساناً أهله بالمظهر دينين وإسلام ومسلمين ، يوصفون بأنهم محافظون ، فهؤلاء الذين زعموا أنهم محافظون يريدون اختلاط للجنسين ويريدون أن يسفر وجه المرأة ، ويحتالون ليجدوا إلى التفلت من أمر الله عز وجل سبيلاً يسلكوه . على كلٍ فالشيء الذي يبرز في حياة هذا الصحابي الجليل ، أنه كان من أسرة غنية ، فلما أصر على إسلامه وإيمانه ، فقد كل ما يمكن أن يناله من والديه فعاش فقيراً ، ونذر نفسه لهذا الدين العظيم فاختاره الله ليكون خليفة النبي في المدينة .
لذلك يمكن أن نذكر ثانية أن أكثر الأنصار كانوا في صحيفته ، هذا عمل عظيم والنبي الكريم كان إذا أراد أن يصلي أزاحت السيدة عائشة رجليها لأن غرفته لا تتسع لصلاته ونومها ، والآن اذهب إلى مقامه الشريف يطالعك أضخم مسجد في العالم .
ولقد حججت قبل ثلاثة أعوام فكان المقام الذي كان في العهد العثماني تقريباً في عرض مسجدنا هذا ، وإلى نصفه ، هذا المسجد النبوي الذي وسعه العثمانيون ، يعني أضافوا إليه إضافة ثم وسعه السعوديون توسعة تعدل عشرة أمثال ما كان عليه تقريباً ، يعني صار البناء على العرض نفسه ممتداً إلى الشمال وفيه فسحتان سماويتان ، في العام الماضي حينما حججت أية مساحة هذه ؟! أكثر من عشرة أمثال المساحة السابقة فهو مدينة كاملة ،و الإنسان
أحب أن يطوف حوله فالمسافة تقريباً خمسة كيلومترات ، يعني كان الحج بأيام حارة جداً ، وسمعت أنه مكيفاً و يعـــــد أعظم تكييف في العالــم ، والأجهزة على بعد سبعة كيلومترات،ومساحتها مائتان وسبعون ألف متر مربع تكون درجة الحرارة خارج الحرم ستاً وخمسين درجة ، أو اثنين وخمسين ، كأنما تلفح وجوههم النار ، بينما هي بالحرم ثماني عشرة درجة أو نحوها .
النبي عاش حياة خشنة ، لكن عرف المسلمون قيمته وقدره ، كل هذا الاعتناء دليل مقامه العظيم عند الله عز وجل ، الدنيا تضر ، وتمر وتغر ، حاول أن تكون على أمر الله ، و أن تكون مستقيماً و أن تكون ملتزماً ، و أن تتعلم ، و أن تعلم ، فإذا كنت كذلك ، فهذا الصحابي الجليل قدوة لنا ، والله ولا يخفضك عند الله ! دخلك القليل ، لا والله ، لا يخفضك عند الله بيتك الصغير ، ولا يرفعك العكس ، لكن ترفعك طاعتك ، وتخفضك معصيتك .
لذلك مصعب هذا قدوة لكل شاب عاش بأسرة مرفهة ، ناعمة ، فلما أصر على إيمانه وإسلامه، والناس تخلوا عنه عاش حياة خشنه ، ومن كان كذلك فله بهذا الصحابي الجليل ، أسوة حسنة .
والحمد لله رب العالمين.